آخر الأخبار

مصر.. نقل رفات أمير الشعراء أحمد شوقي يثير جدلًا واسعًا

شارك
مصدر الصورة Credit: KHALED DESOUKI/AFP via Getty Images

( CNN ) -- أثار نقل رفات أمير الشعراء أحمد شوقي وتركيب مقبرته في "مقابر تحيا مصر للخالدين" بمنطقة عين الصيرة بجوار متحف الحضارات جنوب القاهرة التاريخية، جدلًا واسعًا بين الأوساط الثقافية والأثرية، حول مدى تأثير النقل على ذاكرة المكان والقيمة الرمزية للمقبرة المرتبطة بأمير الشعراء .

المشروع أقامته الدولة خصيصًا لنقل رفات الشخصيات التاريخية التي أثرت في حياة الوطن عند تعارض مواقع دفنها مع خطة "تطوير القاهرة التاريخية"، إضافة إلى تخصيص جزء لعرض التراكيب المعمارية الفريدة ذات الطراز المتميز بعد فكها وإعادة ترميمها علميًا بالتنسيق مع جهاز التنسيق الحضاري.

ونشرت محافظة القاهرة الصور الأولى لقبر أمير الشعراء أحمد بك شوقي بعد إعادة دفن رفاته في "مقابر تحيا مصر للخالدين"، مُؤكدة أن المكان الجديد يعكس مكانته الأدبية والتاريخية ويتيح عرض التراكيب المعمارية بعد ترميمها بأسلوب علمي يضمن الحفاظ عليها.

في ضوء الجدل الدائر، قال عضو لجنة التاريخ والآثار بالمجلس الأعلى للثقافة، والخبير الأثري عبد الرحيم ريحان، إن نقل مقبرة أحمد شوقي لا يعد أثرًا مسجلًا قانونيًا، لكنه يندرج تحت المباني التراثية ذات الطراز المعماري والفني المتميز، والتي تشرف عليها المحافظات ضمن قانون 144 لسنة 2006 لمنع هدمها إلا بعد الرجوع لجهاز التنسيق الحضاري، مُوضحًا أن المقابر التراثية تحمل قيمة رمزية كبيرة كونها مرتبطة بشخصيات أدبية وفنية بارزة، أهميتها تتجاوز البناء نفسه لتشمل ذاكرة المكان والزمان وارتباط الناس بالهوية الثقافية للمكان.

وقال ريحان، في تصريحات خاصة لـ CNN بالعربية، إن "نقل التراث يتم لأسباب محددة، مثل حماية المبنى من تهديدات حتمية كالمياه الجوفية، أو حماية الأثر من عوامل طبيعية أو بشرية، أو وضعه في مكان أفضل للعرض والحفظ"، مُضيفًا أن مقبرة شوقي جزء من القاهرة التاريخية المُسجلة على قائمة التراث العالمي لليونسكو منذ 1979، وأن النقل عند الضرورة يهدف إلى حماية التراث وإعادة توظيفه بطريقة تحافظ على قيمته الفنية والرمزية، دون فقدان ارتباطه بالمكان الأصلي.

وأضاف ريحان أن المقبرة تحتفظ بذاكرة المكان والزمان، وهي جزء من الهوية المصرية، والزوار يأتون لتكريم الشاعر في موقعه الأصلي، لذا يرى أن نقلها ليس مبررًا إلا في حالة تهديد حقيقي للمكان، وأن نقلها لمكان آخر، حتى لو كان أجمل مثل مقابر الخالدين، لا يعوض ارتباطها بالمكان الأصلي لأن قيمتها الحقيقية تكمن في ذاكرة المكان والهوية الثقافية.

ولد أحمد شوقي بالقاهرة في 16 أكتوبر/تشرين الأول 1868، وتلقى تعليمه في المدارس النظامية ومدرسة الحقوق ومدرسة الترجمة، ثم أوفده الخديوي لاستكمال دراسته في فرنسا حيث نال إجازة الحقوق في 1893. وعاد ليصبح شاعر القصر في عهدي الخديوي توفيق وعباس حلمي الثاني، ورافق الأخير في أسفاره حتى نفي عن مصر في 1914 إلى إسبانيا، قبل أن يعود إلى الوطن في أوائل 1920 وسط استقبال شعبي حاشد.

لقب شوقي بـ"أمير الشعراء" من قبل أدباء العرب أنفسهم، تكريمًا لمكانته الأدبية والريادة التي حققها في الشعر العربي الحديث، عام 1927، ومن أبرز أعماله الأدبية التي تعكس مكانته ديوان "الشوقيات"، وكتب المسرحيات الشعرية "مصرع كليوباترا"، "قمبيز"، "عنترة"، و"علي بك الكبير"، فضلًا عن مساهماته في السينية التي كتبها أثناء المنفى.

ظل تأثير شوقي ممتدًا حتى وفاته في 14 أكتوبر/تشرين الأول 1932، ليبقى أحد أعمدة النهضة الأدبية الحديثة في مصر والعالم العربي، ودفن شوقي في مدفن عائلة زوجته كريمات حسين بك شاهين ضمن منطقة ترب السيدة نفيسة بالقاهرة.

ونُقش على مقبرته بيت من قصيدة نهج البردة في مدح الرسول: "إن جلَّ ذنبي عَنِ الغُفْران لى أمَلٌ في اللهِ يجعَلُنى فى خَيْر مُعتَصَمِ، ألقى رَجَائى إذا عَزَّ المجير عَل، يا أحمَد الخَيْر لي جَاهٌ بِتسمِيَتى، وَكَيفَ لا يتَسَامَى بالرَّسول سَمىّ".

وقال كبير الأثريين بوزارة السياحة والآثار، مجدي شاكر، إن المقابر في مصر مرتبطة بثقافة الأسر والتراث، مشيرًا إلى أن القانون 117 لسنة 1983 حدد إطار حماية الآثار والمباني التراثية، لكنه أضاف أن هناك الكثير من المباني والمقابر التي تعود لأسر قبل هذا التاريخ، والتي لم تدخل ضمن هذا القانون، وبالتالي تخضع لجهات متعددة مثل وزارة الثقافة، الأوقاف، الأقباط والمحليات.

وأوضح شاكر، في تصريحات خاصة لـ CNN بالعربية، أن المقابر غالبًا ملكية خاصة، وأن المصريين يفضلون دفن موتاهم بجانب أهاليهم، ما يعكس فلسفة الموت والارتباط بالمكان منذ القدم .

وأشار شاكر إلى أن نقل مقابر شخصيات عظيمة مثل أحمد شوقي أو طه حسين وغيرهم إلى مجمع واحد يقلل من القيمة الرمزية للمكان ويخالف عادة ارتباط العائلة والمجتمع بالمقبرة الأصلية، وأن حفظ التراث يجب أن يكون في مكانه الأصلي قدر الإمكان، مع إمكانية توفير بدائل هندسية أو تحسينات دون فقدان الارتباط التاريخي.

وأضاف أن تجميع المقابر في مكان موحد لا يعكس فلسفة المصريين في التعامل مع الموت، وأن الأفضل هو تكبير موقع الرموز، أو ربطهم بمتحف أو أنشطة ثقافية محلية لإبراز قيمتهم، مع الحفاظ على التركيب الأصلي للمقبرة، مؤكدًا أن النقل يجب أن يكون فقط للضرورة القصوى احترامًا للهوية الثقافية وذاكرة المكان .

سي ان ان المصدر: سي ان ان
شارك

أخبار ذات صلة


الأكثر تداولا اسرائيل أمريكا روسيا مصر

حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا