في مشهد يمني شديد التعقيد، تتقاطع فيه الحسابات الأمنية مع الاصطفافات الإقليمية، تعود محافظات جنوب اليمن إلى صدارة المواجهة المفتوحة مع تنظيم القاعدة والحوثيين في آن واحد.
عملية عسكرية جديدة في أبين، تتزامن مع تحركات ميدانية أوسع، لا تُقرأ بوصفها إجراء أمنيا اعتياديا، بل كإشارة إلى انتقال محتمل في طبيعة الصراع من إدارة الاحتواء إلى اختبار الحسم. وبين توقيت بالغ الحساسية، وتداخل غير مسبوق في أهداف الجماعات المسلحة، تبرز تساؤلات جوهرية حول ما إذا كانت هذه المواجهة تمهّد فعلاً لإعادة رسم معادلة الأمن والاستقرار، أم أنها فصل جديد في صراع طويل لم يُحسم بعد.
القوات الجنوبية.. شريك فاعل في مكافحة الإرهاب
أكد الباحث في شؤون الجماعات المسلحة سعيد بكران خلال حديثه إلى "غرفة الأخبار" على "سكاي نيوز عربية" أن العملية الحالية ليست الأولى من نوعها، لكنها تكتسب أهمية خاصة بسبب توقيتها الحساس وموقعها الاستراتيجي.
وأوضح أن " القوات الجنوبية كانت شريكاً رئيسياً في جهود مكافحة الإرهاب منذ تحرير المكلا من تنظيم القاعدة، مسجلاً نجاحات كبيرة في تفكيك قدرات التنظيم على مختلف المستويات، بما في ذلك الموارد الاقتصادية والنفطية والموانئ والمنافذ البحرية".
وأشار إلى أن "العملية في أبين تأتي استكمالاً لإنجازات ميدانية سابقة في وادي وصحراء حضرموت والمهرة، حيث جرى قطع خطوط التمدد والإمداد لعناصر التنظيم، مما أدى إلى تقليص مساحة النفوذ التي كانت توفرها هذه المناطق لسنوات طويلة، باعتبارها فضاءً استراتيجياً آمناً لاستقبال الموارد البشرية والمالية".
تلاقي الأهداف بين القاعدة والحوثيين
يُسلط بكران الضوء على التطابق الواضح بين أهداف تنظيم القاعدة والجماعات المتطرفة من جهة، وأهداف الحوثيين والأذرع الإيرانية في اليمن من جهة أخرى، ما أتاح للتنظيمات المتطرفة الحصول على تسهيلات وفرص لدعم عملياتها.
ولفت إلى أن العملية الحالية تركز على مناطق حدودية بين سيطرة القوات الجنوبية وسيطرة الحوثيين، في محاولة لقطع مسارات التمدد ووقف محاولات التنظيمات المسلحة للاستفادة من الفضاءات الفارغة أو الضعيفة سياسياً وعسكرياً.
الصراع المستقبلي
وحول آفاق الصراع في اليمن، أكد بكران أن انفجار الأوضاع بين هذه التنظيمات سيحدث عندما يغيب الطرف الثالث الذي يرفض وجود الحركات المتطرفة، والمتمثل بالقوات الوطنية والقوات الجنوبية.
وأوضح أن سيناريو تفجر الصراع سبق أن تجسد في صنعاء، حيث واجه الإخوان، الحوثيين المدعومين من إيران، وانتهى الأمر بسيطرة طرف على الآخر.
وبيّن أن هذا الصراع لا يرتبط بمشروع وطني جامع، بل بصراع نفوذ وأجندات أيديولوجية ومذهبية، تهدف كل جهة من خلالها إلى فرض نموذجها الخاص للحكم، دون وجود رؤية موحدة لمستقبل اليمن أو قدرة على إنتاج مشاريع وطنية تجمع القوى المختلفة.
استعادة الدولة.. المشروع الوطني للقوات الجنوبية
أكد بكران أن القوات الجنوبية تمثل قوة منظمة وفاعلة في مسار استعادة الدولة وتوحيد طاقات اليمنيين حول هدف مشترك، حيث يسهم نشاطها العسكري في تثبيت الأمن وتهيئة الأرضية للحوار الوطني.
واعتبر أن هذه الجهود تفتح الباب لاحقا لمعالجة القضايا العالقة، خصوصاً في الجنوب.
المصدر:
سكاي نيوز