آخر الأخبار

هكذا قرأت الأوساط الإيرانية مقابلة عراقجي مع قناة الجزيرة

شارك





طهران- في خضم التجميد الذي يُخيم على المفاوضات النووية بين إيران و الولايات المتحدة ، أثارت مقابلة وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي ب قناة الجزيرة ، أمس الأحد، تساؤلات كبرى في الأوساط الإيرانية عن مستقبل برنامج طهران النووي والمسارات الدبلوماسية المحتملة.

وبين إصرار طهران على مواصلة تخصيب اليورانيوم وتجديد استعدادها للتفاوض وفق شروط "الاتفاق العادل"، حدد عراقجي معالم الموقف الإيراني بوضوح للمرحلة المقبلة، رافضا "الشروط الأميركية التعجيزية"، وخصّ بالذكر منها وقف التخصيب ومناقشة البرنامج الصاروخي، ذلك لأن "ما لم يؤخذ بالحرب لا يمكن منحه بالسياسة"، وفق تعبيره.

وبينما كشفت تصريحات الوزير الإيراني أن هوة الثقة بين طهران وواشنطن لا تزال عميقة وأن إصرار بلاده على برنامجها النووي ينبع من اعتباره مسألة سيادة وأمن قومي، لكنها تزامنت ودعوة نظيره العماني بدر البوسعيدي -خلال حلقة نقاش ضمن فعاليات مؤتمر "حوار المنامة" السنوي- لاستئناف المفاوضات بين إيران والولايات المتحدة.

في غضون ذلك، تعمّد موقع "تابناك" الإيراني الإخباري أن يبرز مقتطفات من مواقف عراقجي في مقابلته للجزيرة تحت عنوان "الضوء الأخضر وشروط عراقجي للمفاوضات مع أميركا"، في حين اختارت صحيفة "جام جم" التابعة لهيئة الإذاعة والتلفزيون "خطوط إيران الحمراء للتفاوض" عنوانا لافتتاحيتها.

ثوابت ومبادئ

من جانبه، كشف الباحث المختص في النزاعات الإقليمية مصطفي نجفي، عن "خطوط حمراء حددتها طهران ردا على طلب واشنطن استئناف المفاوضات" موضحا -في منشور على منصة إكس – أن بلاده أبلغت الجانب الأميركي عن طريق الوسطاء، أن إصراره على المطالب السابقة مثل وقف التخصيب وتعطيل كافة الأنشطة النووية ومناقشة البرنامج الصاروخي، يجعل أي حوار "بلا جدوى" ولا يؤدي إلى اتفاق.

وفي السياق، قرأت صحيفة "آرمان ملي" تصريحات عراقجي في سياق عزم طهران عدم التراجع عن ثوابتها رغم تصاعد الضغوط الخارجية وبلوغ العلاقات الإيرانية الأميركية عتبة أزمة جديدة على خلفية البرنامج النووي والقدرات الصاروخية، مضيفة أنه يُنظر في طهران إلى قبول الشروط الأميركية على أنه تراجع عن المبادئ الأساسية واستسلام للضغوط الخارجية.

إعلان

وفي تقرير تحت عنوان "رد سلبي على شروط ترامب غير المقبولة"، كتبت الصحيفة أن التصعيد في علاقات طهران وواشنطن يأتي في وقت تؤكد فيه طهران، أن برنامجيها النووي والصاروخي يشكلان خطين أحمرين غير قابلين للمساومة، باعتبارهما ركيزتين أساسيتين للأمن القومي الإيراني.

وتستنج الصحيفة أنه على الرغم من أن إيران تحافظ على باب الدبلوماسية مفتوحا، فإنها لا تتوانى عن التأكيد، في الوقت ذاته، على جاهزيتها لمواجهة أي سيناريو محتمل، في مؤشر على أن العلاقات الإيرانية الأميركية تمر بمنعطف بالغ الحساسية، حيث يتأرجح الطرفان عند مفترق طرق بين خيار العودة إلى طاولة المفاوضات أو الدخول في نزاع مفتوح.

مصدر الصورة إيران تتمسك ببرنامجيها النووي والصاروخي كثوابت لا تخضع لأي اشتراط للتفاوض (غيتي)

"ازدواجية الخطاب"

في المقابل، يذهب طيف من الإيرانيين إلى أن تصريحات عراقجي تندرج في إطار الصورة النمطية لسياسة طهران الخارجية؛ حيث يطغى عليها الجمود وتغيب عنها المبادرة والحراك الدبلوماسي، في مشهد يعيد إنتاج خطاب "الاستعداد لجميع الاحتمالات" و"العدوان الإسرائيلي المحتمل" دون أي إضافة نوعية، مما يعكس استمرار نهج الردعية السلبية التي تبقي طهران في دوامة التردد.

وفي مقال بعنوان "في برزخ اتخاذ القرار"، يعتقد الباحث السياسي مهدي بازركان، أن عراقجي يسعى إلى تخفيف حدة التوتر بالتركيز المتكرر على "الضرر الذي لحق بالمنشآت النووية جراء القصف ودفن اليورانيوم عالي التخصيب تحت الركام".

وأضاف أن هذه المحاولات تتعارض مع خطاب الأصوات المتطرفة داخل البرلمان الداعية إلى استئناف الأنشطة النووية والانسحاب من الاتفاقات الدولية بما يزيد تعقيد المشهد.

وفي رأيه، فإن هذه الازدواجية في الخطاب والمواقف تشكل بيئة خصبة لتجدد التوترات الإقليمية، حيث يمكن لأي تصريح غير محسوب أو رد فعل انفعالي من الداخل أن يتحول إلى ذريعة تستغلها القوى المعادية للتصعيد وتبني سيناريوهات مواجهة جديدة في دائرة مغلقة من الفعل ورد الفعل.

ولدى قراءته مواقف عراقجي الأخيرة، يعتقد بازركان أن دبلوماسية بلاده تتأرجح بين رغبة حذرة في الانخراط في حوار لإدارة الأزمات وإصرار على خطاب المواجهة واستعراض دور الضحية، مما يُكرِّس حلقة مفرغة من التكرار والسلبية التي تعيق أي تقدم ملموس على طاولة المفاوضات.

وخلص بازركان إلى أن مستقبل السياسة الخارجية الإيرانية رهن بالقدرة على تجاوز هذه المعضلة والخروج من مأزق الارتباك الحالي، بإعادة تعريف الدور الإقليمي والدولي لطهران، والانتقال من موقع رد الفعل إلى موقع الفاعل المؤثر في المعادلات الجيوسياسية، قبل فوات الأوان.

مصدر الصورة وزير خارجية مصر يتوسط عراقجي (يسار) ورافائيل غروسي مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية في لقاء سابق بالقاهرة (الأوروبية)

الخيار الدبلوماسي

وبين هذا وذاك، يقرأ مراقبون آخرون في إيران أن التزامن بتأكيد طهران استعدادها "لمفاوضات عادلة ومنصفة تضمن مصالح الجميع" والزيارات المكوكية من وإلى مسقط مؤشر على أن الطريق الدبلوماسي، رغم وعورته، لا يزال الخيار الوحيد المتاح لتجنب مواجهة أشد خطرا من حرب يونيو/حزيران الماضي.

إعلان

من ناحيتها، تستذكر صحيفة "دنياي اقتصاد" التقارير الإعلامية التي سبق وأفادت بتبادل رسائل غير مباشرة بين طهران وواشنطن إلى جانب استمرار التواصل بين عراقجي ومدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي .

واعتبرت أن تكذيب طهران تلقيها رسالة أميركية عبر الوسيط العماني على خلفية زيارة نائب وزير الخارجية الإيراني مجيد تخت روانچي إلى مسقط وغيرها من التطورات المشابهة تزيد الغموض على طبيعة التحركات الدبلوماسية الجارية.

وفي تقرير بعنوان "غموض المفاوضات بين إيران وأميركا"، كتبت الصحيفة، أن وراء مواقف عراقجي، تبرز عدة تساؤلات مصيرية تطرح نفسها بإلحاح: ما حظوظ عقد جولة جديدة من المفاوضات؟ وهل يمكن تحقيق تقدم عبر قنوات غير مباشرة؟ وما معالم "الاتفاق العادل" الذي تحدث عنه؟ وإلى أي مدى يمكن تحقيقه؟

4 قناعات

وبينما اعتبرت الصحيفة، أن هذه الأسئلة تكتسب أهمية خاصة على ضوء فشل المفاوضات الأخيرة قبيل مواجهة يونيو العسكرية، نقلت عن الأكاديمي بجامعة طهران ساسان كريمي، إن إيران -ولكي تنخرط في مفاوضات ناجحة- عليها الاقتناع بأربعة أمور أساسية:


* الهدف الأميركي ليس إلقاء اللوم وتحميل طهران مسؤولية الفشل المحتمل في المفاوضات.
* واشنطن تدخل المفاوضات من "موقع مستقل" غير خاضع للضغوط الإقليمية خاصة من إسرائيل.
* المفاوضات تقوم على أساس "الندية والمساواة" وليس "الغطرسة".
* أن تدرك طهران أن لأميركا "مصالح حقيقية" في التوصل لاتفاق يمكن أن تلتقي مع المصالح الإيرانية، وليس هدفها تقويض طهران.

وبالرغم من أن مقابلة عراقجي مع قناة الجزيرة كشفت وجود رغبة مشتركة لدى واشنطن وطهران في التفاوض، إلا أن الوزير الإيراني يسلط الضوء، في الوقت ذاته، عن شروط أميركية وخطوط حمراء إيرانية.

وبالنظر إلى ملاحظات الجانبين، يتساءل مراقبون إيرانيون عما إذا سيتمكن الطرفان من بدء التفاوض قريبا أم أن وصولهما لطاولة المفاوضات سيبقى بعيدا.

الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا