آخر الأخبار

إلى أين تتجه صربيا بعد عام من الاحتجاجات على حادثة "نوفي ساد"؟

شارك

في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي

نوفي ساد – أحيا عشرات الآلاف في نوفي ساد، ثاني أكبر مدن صربيا ، ذكرى مرور سنة على وفاة 16 شخصا في انهيار سقف محطة قطار، مما أدى إلى اندلاع مظاهرات هي الأكبر منذ سقوط رئيس صربيا الأسبق سلوبودان ميلوسوفيتش .

ووقف المحتجون 16 دقيقة صمت -دقيقة لكل ضحية- بدءا من الساعة 11:52 صباحا عندما انهار السقف في الأول من نوفمبر/تشرين الثاني 2024.

وقالت إحدى الطالبات المشاركات إن الكارثة كانت "جريمة قتل" وليست حادثا عرضيا، في حين أعلنت والدة أحد الضحايا الشروع في إضراب حتى الكشف عن "قتلة" طفلها.

أما الرئيس الصربي ألكسندر فوتشيتش ، الممسك بزمام الحكم منذ 14 عاما، فخفّف من حدة خطاباته السابقة، حيث اعتذر للطلاب المتظاهرين بعد تهديده سابقا باعتقالات جماعية، ووصفه إياهم بـ "الإرهابيين المأجورين من الغرب لإسقاطه وتدمير صربيا".

وقال في خطاب تلفزيوني دعا فيه إلى الحوار "لقد قلتُ بعض الأشياء التي أعتذر الآن عن قولها، وكل هذه الكراهية المستعرة في مجتمعنا لا يمكن أن تجلب أي خير. إنها لن تؤدي إلا للمزيد من الدمار".

وحضر فوتشيتش، أمس السبت، قداسا في بلغراد على أرواح الضحايا، بينما أعلنت الحكومة الأول من نوفمبر/تشرين الثاني يوم حداد وطني، لكن الطلاب رفضوا الاعتذار، مؤكدين عدم التنازل عن مطلب الاحتجاج الرئيسي المتمثل في إجراء انتخابات برلمانية مبكرة.

ما حادثة نوفي ساد؟

في الأول من نوفمبر/تشرين الثاني 2024، انهارت مظلة خرسانية مجددة حديثا أمام مدخل محطة القطار في مدينة نوفي ساد، ولقي 12 شخصا حتفهم على الفور، وتوفي 4 آخرون لاحقا متأثرين بإصاباتهم.

اندلعت احتجاجات واسعة في الأيام التي تلت الحادثة، وظهرت حركة وطنية بقيادة الطلاب، مطالبة بمحاسبة المسؤولين عن ذلك الإهمال، واتهم المتظاهرون السلطات بالسماح بالتسبب بالحادثة نتيجة الإهمال بتخفيف لوائح البناء، والإدارة الفاسدة والمحسوبيات، وانعدام الشفافية.

إعلان

وتسببت الاحتجاجات في أكبر أزمة تشهدها البلاد منذ سقوط الرئيس ميلوسوفيتش قبل ربع قرن، وشكّلت أخطر تحد للرئيس فوتشيتش الذي يحكم منذ 2012.

هذا التحدي بدا جليا في يناير/كانون الثاني الماضي، حينما استقال رئيس الوزراء ميلوش فوتشيفيتش بعدما اعتُدي على أحد الطلاب المتظاهرين، تلا ذلك استقالة وزيرين آخرين.



ماذا كشفت التحقيقات؟ وإلى أين وصلت؟

في 30 ديسمبر/كانون الأول الماضي، وجّه المدعي العام اتهامات إلى 13 شخصا، بينهم وزير البناء السابق غوران فيتسيتش، لكن المحكمة العليا في مدينة نوفي ساد، أعادت لائحة الاتهام في 11 أبريل/نيسان إلى النيابة العامة بذريعة الحاجة لمزيد من التحقيقات.

وفي منتصف سبتمبر/أيلول الماضي، قدّم الادعاء العام لائحة اتهام معدلة، اتهم فيها مجددا 13 شخصا، بينهم الوزير فيتسيتش. واللائحة المعدلة معروضة حاليا أمام المحكمة العليا في نوفي ساد، التي يتعين عليها تأكيدها أو رفضها، ولا يمكن بدء إجراءات المحاكمة إلا بعد ذلك، وبناء عليه، لا يوجد أي شخص محتجز على خلفية الحادثة.

في السياق، يستمر تحقيق منفصل لمكافحة الفساد في صربيا، إلى جانب تحقيق مدعوم من الاتحاد الأوروبي في احتمال إساءة استخدام أموال الاتحاد في المشروع.

وكشفت لجنة مستقلة مكونة من أساتذة وقضاة وخبراء فنيين، في إفادة أمام البرلمان الأوروبي ، الأسبوع الماضي، عن فساد حكومي رفيع المستوى أدى إلى تدني معايير البناء وتوظيف مقاولين غير مؤهلين، لكن المسؤولين الحكوميين نفوا هذه الاتهامات، بل صرّح فوتشيتش بأن انهيار السقف "ربما يكون عملا إرهابيا".

مصدر الصورة احتجاجات الطلاب عقب انهيار سقف سكة القطار للمطالبة بانتخابات مبكرة ومعاقبة المتسببين (غيتي)

كيف تحوّل الطلاب إلى أبرز الفاعلين السياسيين؟

حدد الطلاب في الأشهر الأولى من الاحتجاجات 4 مطالب لإنهاء تحركاتهم:


* نشر جميع الوثائق المتعلقة بإعادة بناء محطة السكك الحديدية.
* تحديد هوية جميع الأفراد الذين اعتدوا جسديا على الطلاب.
* رفض جميع الإجراءات العقابية ضد الطلاب.
* زيادة التمويل الحكومي للجامعات العامة بنسبة 20%.

ومع رفض الحكومة المستمر لتلك المطالب، وازدياد العنف ضد المتظاهرين، تحوّلت الحركة الطلابية من حركة مطلبية غير سياسية، إلى واحدة من أبرز القوى السياسية الفاعلة في البلاد، وتوحّد الطلاب حول مطلب وحيد: انتخابات نيابية مبكرة.

يشير أستاذ العلاقات الدولية، ميركو داوتوفيتش، الذي يشارك في الاحتجاجات بشكل متواصل، إلى أن أحد أهم مصادر قوة حركة الطلاب يكمن في عدم وجود قائد لها. لذلك، يصعب السيطرة عليها أو تهديدها أو حتى رشوتها.

ويقول للجزيرة نت إن اتهام الحكومة "دولا أجنبية" بتمويل الاحتجاجات لا يلقى أي آذان مصغية، خصوصا مع عدم تقديم أية أدلة على تلك الادعاءات.

وتحاول الحكومة -بحسب داوتوفيتش- أن تروج لروايتها عبر سيطرتها المُحكمة على الإعلام، ومنع بث وسائل الإعلام المستقلة في خارج المدن الكبرى تحديدا.

ويوضح "متوسط أعمارنا في صربيا 44 سنة، لذلك تلعب وسائل الإعلام (التقليدية) دورا بارزا في توجيه الرأي العام. لو كان لدينا المزيد من الطلاب والشباب، أعتقد أن هذه الاحتجاجات كانت ستنتهي بسرعة كبيرة جدا".

مصدر الصورة الصربيون أحيوا أمس السبت ذكرى نوفي ساد التي تسببت بمقتل 16 شخصا (غيتي)

كيف يبدو الوضع بعد عام من الاحتجاجات؟

وصل الوضع في صربيا إلى طريق مسدود، حيث يُصر المحتجون على مطلب أساسي هو إجراء انتخابات مبكرة، في حين ترفض الحكومة ذلك بشدة.

إعلان

يقول الأكاديمي إن هناك صراعا بطيئا بين النظام الحاكم والطلاب، ويرى أن وصف "بطيء" هو الأمثل على اعتبار أن الرئيس فوتشيتش يتسلم زمام الحكم منذ 14 عاما، وبالتالي، يصعب زعزعة حكمه بسهولة، كما أن الحركة الاحتجاجية، التي يشكل الطلاب عمودها الفقري، لا تبدو أنها بوارد الاستسلام أو التنازل عن مطالبها.

وعليه، يستبعد داوتوفيتش، الذي تعرض للاعتداء خلال مشاركته في الاحتجاجات، أي تسوية، فمن جهة، لا يرغب الطلاب بأي تسويات خارج الانتخابات المبكرة، ومن جهة أخرى، فإن الرئيس الصربي ليس شخصا يقوم بالتسويات، وفق تعبيره.

مصدر الصورة جلسة البرلمان الصربي تحولت في مارس/آذار الماضي لفوضى بعد تصعيد نواب المعارضة لدعم الاحتجاجات المناهضة للفساد (مواقع التواصل)

ولكن، لماذا يرفض فوتشيتش الانتخابات المبكرة؟

يقول الأكاديمي إن الرئيس فوتشيتش ليس شخصا مجازفا، وهو يتلقى تقارير يومية واستطلاعات رأي تؤكد تراجع شعبيته، مضيفا "لن يُقدم فوتشيتش على هذه الخطوة إلا في حال حصوله على نسبة 55% في استطلاعات الرأي".

وبحسب استطلاع رأي أجراه مركز البحوث والشفافية والمساءلة "سي آر تي إيه" المستقل، الشهر الماضي، فإن ما يقرب من ثلثي الصرب يرون في الانتخابات المبكرة مخرجا من الأزمة الحالية، فيما يؤيد ثلث ناخبي الحزب الحاكم الانتخابات المبكرة.

وأظهر الاستطلاع أن 58% من الصرب يؤيدون الاحتجاجات المناهضة للنظام، بينما لا يؤيدها 39%، ويعتقد ما يقرب من نصف المشاركين أن البلاد تسير في الاتجاه الخطأ ويدعمون الاحتجاجات، بينما يعتقد ثلثهم أنها تسير بالطريق الصحيح.

الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا