في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي
تبدو الولايات المتحدة عازمة على الانتقال للمرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة ووضع النقاط على الحروف في كثير من الأمور، لكن نقطة التحول الكبيرة حاليا تكمن في طبيعة وحدود القوة الدولية التي يراد إدخالها إلى القطاع، كما يقول محللون.
ففي تطور يصفه المحللون بالمهم، زار رئيس هيئة أركان الجيش الأميركي الجنرال دان كين، تل أبيب أمس السبت، وأجرى مباحثات مع نظيره الإسرائيلي إيال زامير ، وتفقد الأوضاع في القطاع الذي حلق فوقه بمروحية إسرائيلية.
وجاءت هذه الجولة على هامش زيارة كين لمركز التنسيق المدني العسكري في إسرائيل ، حيث عقد هو وزامير سلسلة اجتماعات مغلقة مع كبار القادة العسكريين الإسرائيليين، تناولت التنسيق الأمني، ومستقبل غزة بعد الحرب، وخطط إعادة الإعمار، وفق ما نقلته الصحف الإسرائيلية.
وقد أكد مسؤول أميركي للجزيرة أن كين سيقدم تقريرا بشأن تثبيت وقف إطلاق النار والانتقال لحكم مدني في غزة، لكل من الرئيس دونالد ترامب ووزير الحرب ومجلس الأمن القومي.
والأسبوع الماضي، افتتحت القيادة المركزية الأميركية مركز التنسيق المدني العسكري في مدينة كريات غات بهدف "دعم استقرار غزة"، غير أن زيارة كين الأخيرة وضعت النقاط على الحروف بشأن هذا المركز، برأي الخبير في الشؤون الإسرائيلية الدكتور محمود يزبك.
فقد حاول رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ، خلال زيارة أجراها لهذا المركز، التلميح إلى أنه هو من يديره ويتخذ قرارته، حتى جاء كين ليؤكد أن القرار في كل ما يخص غزة "أصبح أميركيا تماما، بما في ذلك الغارات التي شنتها إسرائيل الأسبوع الماضي"، حسب ما قاله يزبك في برنامج "مسار الأحداث".
وتعكس هذه الزيارة -وفق المحلل الفلسطيني- عزم الولايات المتحدة على الدخول للمرحلة الثانية من الاتفاق والتي يحاول نتنياهو -المطلوب لمحكمة الجنايات الدولية- تأجيلها حتى انتهاء انتخابات حزب الليكود على الأقل.
كما تعكس جولة كين فوق غزة، رغبة واشنطن في الوقوف على حقيقة الوضع والتأكد من أن القيادة الوسطى لديها ما يمكنها من القيام بمهامها إلى جانب قوات من دول أخرى مثل مصر وقطر وبريطانيا ، كما يقول مستشار الأمن القومي الأميركي الأسبق مارك فايفل.
فالولايات المتحدة -كما يقول فايفل- لا تريد الذهاب إلى غزة وحيدة حتى لا تكرر أخطاء العراق وأفغانستان عندما دخلت دون شركاء فاعلين بالمنطقة ثم اضطرت للانسحاب بعد سنوات طويلة من القتال.
وقد عرف القادة العرب والمسلمون عندما عرضت عليهم خطة ترامب وقبلوا بها أنه سيتعين عليهم تقديم مشاركة مالية وعسكرية وسياسية في مرحلة ما، وهذا ما أكدت عليه واشنطن مرارا وتكرارا، حسب فايفل.
ووصف فايفل زيارة كين الأخيرة بأنها سياسية وليست عسكرية، وقال إنها تعني "أننا أمام محاولة لتخطي التحديات الكبيرة الموجودة حاليا بالتعاون مع إسرائيل والشركاء الآخرين".
بيد أن الانتقال إلى المرحلة الثانية من الاتفاق وترتيب حكم مدني وسلام مستدام في غزة يتطلب حصول القوة الدولية المراد تشكيلها على غطاء أممي حتى تتمكن دول المنطقة من المشاركة فيها، برأي فايفل.
واتفقت أستاذة الدبلوماسية وحل الصراعات في الجامعة العربية الأميركية دلال عريقات، مع حديث فايفل، مؤكدة أن هذه القوة لا بد أن تكون تحت مظلة أممية وأن تكون حدود نفوذها ودورها آليات عملياتها واضحة ومحددة.
فالفلسطينيون بحاجة لحماية دولية فعلية من تغول الاحتلال، وليسوا بحاجة لقوة حفظ سلام تقوم من خلالها إسرائيل بكل ما تريده من انتهاكات، برأي عريقات، التي ترى ضرورة توسيع هذه القوة لتشمل حماية الفلسطينيين في الضفة الغربية أيضا.
وبما أن زيارة كين تعطي مؤشرا إيجابيا على عدة صعد وخصوصا ما يتعلق بقوة الاستقرار الدولية، فإن المهم حاليا هو توفير مظلة أممية لهذه القوة تضمن انسحاب قوات الاحتلال من غزة، وحماية الفلسطينيين بدون إهدار حقوقهم التاريخية والقانونية، كما تقول عريقات.
واتفق المحلل السياسي الفلسطيني إياد القرا، مع الحديث السابق، بقوله إن الموقف الأميركي يشهد تطورا إيجابيا، لكنه اعتبر أن الخطوة الأهم حاليا هي الانتقال للمرحلة الثانية مع ضمان وقف الانتهاكات الإسرائيلية وإلزام تل أبيب بما تم الاتفاق عليه.
فلا تزال إسرائيل تدمر المنطقة الصفراء وتعمل على محوها تماما لاحتلالها، كما يقول القرا، الذي يرى أن القوة الدولية المحتملة يجب ألا تتحول إلى مظلة للتغظية على جرائم إسرائيل.
وسيكون من المهم أيضا ألا تتخذ هذه القوة ذريعة لتقسيم القطاع وإعادة إعمار الجزء الخاضع للاحتلال وترك الجزء الخارج عن سيطرته، وهذا هو دور الولايات المتحدة إذا كانت فعلا تريد السلام ووقف الحرب، حسب القرا.
ويعتقد المحلل الفلسطيني أن تأكيد حركة المقاومة الإسلامية (حماس) على أنها لن تكون جزءا من الحكم في المستقبل، موقف يمكن البناء عليه بشكل كبير، خصوصا أنها أعلنت سابقا أن نزع السلاح لن يكون ممكنا إلا ضمن مفاوضات أوسع تهدف لهدنة طويلة الأمد.
المصدر:
الجزيرة