آخر الأخبار

احتفالات في مصر بذكرى "قدوم رأس الإمام الحسين" وسط جدل حولها

شارك
مصدر الصورة Credit: KHALED DESOUKI/AFP via Getty Images

دبي، الإمارات العربية المتحدة ( CNN ) -- واصلت الطرق الصوفية في مصر احتفالاتها، ونظمت احتفالية ختامية تُعرف بـ"الليلة الكبيرة" لما يسمى ذكرى قدوم رأس الإمام الحسين بن علي، حفيد النبي محمد، إلى مصر، والتي تقام في محيط مسجد تاريخي يحمل اسمه في القاهرة، وسط حضور واسع من داخل البلاد وخارجها.

وانتشر أعضاء الطرق الصوفية في ساحات المسجد ومحيطه، للمشاركة في مجالس للذكر وتلاوة القرآن الكريم، فيما يقيم آخرون دروسًا دينية وسردًا لسيرة الإمام الحسين، بينما تنظم بعض الطرق موائد لإطعام الزائرين، بحسب قيادات الطرق الصوفية .

ونتيجة للزحام المتوقع، قرّرت الحكومة، إيقاف زيارات الأفواج السياحية إلى منطقة خان الخليلي ومسجد الحسين اعتبارًا من الساعة الثانية عشرة ظهر الثلاثاء، نظرًا للازدحام الشديد المتوقع خلال الاحتفالات، على أن يستأنف استقبال الأفواج السياحية بداية من الأربعاء .

مصدر الصورة محيط مسجد الحسين المغلق في العاصمة المصرية القاهرة، في 20 مارس/آذار 2020 Credit: KHALED DESOUKI/AFP via Getty Images

وقال وكيل الطريقة الصديقية الشاذلية، ومستشار مفتى الجمهورية السابق، مجدي عاشور، إن "احتفالات الليلة الختامية لمولد استقرار رأس الإمام الحسين تشهد هذا العام مشاركة واسعة من مختلف الطرق الصوفية والمحبين لأهل البيت من داخل مصر وخارجها، موضحًا أن المصريين اعتادوا إحياء هذه المناسبة لما تمثله من رمزية دينية وتاريخية كبيرة، إذ تجسد قدوم الرأس الشريف إلى أرض مصر واحتضانها لأحد أبرز رموز آل بيت النبي محمد" .

وأضاف عاشور، في تصريحات خاصة لـ CNN بالعربية، أن ساحة مسجد الإمام الحسين تستعد لاستقبال أعداد ضخمة من المشاركين، نظرًا لسعتها الكبيرة التي تسمح باحتضان الحشود القادمة من المحافظات المختلفة ومن خارج البلاد، لافتًا أن "الاحتفالات تتجدد كل عام بمظاهر البهجة والمحبة، ويشارك فيها أتباع نحو 80 طريقة صوفية من مختلف أنحاء الجمهورية، في مشهد يجسد عمق الارتباط بين المصريين وأهل البيت" .

وأوضح أن "الاحتفال بقدوم الرأس الشريف لا يقتصر على المظاهر الدينية فقط ولكن يشمل أنشطة متنوعة من حلقات الذكر وتلاوة القرآن الكريم ودروس العلم والمدائح النبوية وسرد السيرة الحسينية، مشيرًا إلى أن الهدف الأسمى من هذه الفعاليات هو التعرف على سيرة الإمام الحسين رضي الله عنه، والاقتداء بأخلاقه وسيرته العطرة التي تمثل امتدادًا لنهج النبي محمد" .

وأشار وكيل الطريقة الصديقية الشاذلية إلى أن المشاركة الواسعة في الاحتفالات "تأتي تعبيرًا عن حب المصريين العميق للإمام الحسين وأهل بيته"، قائلا إن "هذه المناسبات تمثل مساحة للتقارب الإنساني والاجتماعي والديني، إذ يجتمع فيها الناس على الذكر والمحبة وإطعام الزائرين، ما يجعلها مناسبة تجمع بين العبادة والتكافل الاجتماعي" .

وبشأن الانتقادات التي يوجهها البعض إلى التقاليد الصوفية الاحتفالية (الموالد) في مصر، قال عاشور إن "هذه الاعتراضات تصدر من أشخاص لا يعرفون أصل هذه المناسبات أو مقاصدها الشرعية"، موضحًا أنه "احتفال قائم في جوهره على المحبة والاقتداء، وأن ما قد يصاحب بعض الموالد من ممارسات خاطئة لا يمكن أن يكون سببًا لتحريم أصل الاحتفال".

وقال عاشور: "تحريم الشئ العارض لا يعني تحريم الشئ نفسه، لأن المولد في جوهره تعظيم لذكر الله وإحياء لسيرة نبيه وآل بيته الكرام" .

وأشار عاشور إلى أن الطرق الصوفية تتوزع خلال الاحتفالات في أرجاء ساحة مسجد الإمام الحسين، حيث ينشغل بعضهم بتلاوة القرآن الكريم، بينما يخصص آخرون حلقات للذكر أو مجالس علمية، فضلًا عن تقديم الطعام للزائرين في أجواء عامرة بالروحانية .

مصدر الصورة مسجد الإمام الحسين، حفيد النبي محمد، مُضاءً بأضواء زينة في الليلة الأخيرة من الاحتفال بالمولد النبوي في العاصمة المصرية القاهرة - 24 ديسمبر/كانون الأول 2019. Credit: MOHAMED EL-SHAHED/AFP via Getty Images

متى نُقل رأس الإمام الحسين إلى مصر؟

ونُقل رأس الإمام الحسين إلى مصر في القرن السادس الهجري، بعد أن كانت في مدينة عسقلان بفلسطين عام 548 هـجريًا، حتى استقبلها القائد الصالح طلائع بن زريك استقبالًا مهيبًا على الحدود الشرقية للبلاد، وأنفق أموالًا كثيرة لتأمين نقلها إلى القاهرة، حيث احتفى بها العلماء والوجهاء والأهالي في موكب ضخم يعبر عن فرحة المصريين بقدوم رأس الإمام.

لاحقًا، حُفظت الرأس في خزانة مؤمنة، وبُنى لها المسجد الحسيني الذي أصبح مزارًا روحيًا للمسلمين من شتى بقاع العالم، بحسب وكيل الطريقة الصديقية الشاذلية .

قٌتل الإمام الحسين في عام 61 هجريًا خلال معركة كربلاء، إحدى أبرز المحطات الفاصلة في التاريخ الإسلامي. وتقول روايات تاريخية أخرى إن رأسه مدفون في العراق وسوريا وأماكن أخرى.

وقال رئيس الاتحاد العالمي للطرق الصوفية، وشيخ الطريقة العزمية بمصر، محمد علاء أبو العزائم، إن جميع الطرق الصوفية ستشارك في الليلة الختامية لمولد الإمام الحسين، مشيرًا إلى أن الطريقة العزمية تعد حاليًا لحفل ضخم يقام في مقر المشيخة، بمشاركة أعداد كبيرة من أبناء الطريقة، احتفاءً بذكرى قدوم رأس الإمام الحسين إلى مصر .

وأوضح أبو العزائم، في تصريحات خاصة لـ CNN بالعربية، أن الطريقة العزمية تحيي للإمام الحسين احتفالين سنويًا، الأول في التاسع من شهر محرم تخليدًا لذكرى استشهاده، والثاني في الثلاثاء الأخير من شهر ربيع الآخر وكذلك في اليوم الثالث من شعبان الموافق لذكرى ميلاده، بمناسبة ذكرى قدوم رأسه إلى مصر، مؤكدًا أن تلك المناسبات تمثل رمزية دينية وروحية عميقة لدى أبناء الطرق الصوفية .

ولفت شيخ الطريقة العزمية أن "الاحتفالات بذكرى الإمام الحسين تتركز على سيرته ومواقفه البطولية في الدفاع عن الأمة الإسلامية، وكيف ضحى بحياته من أجل مبادئ الحق والعدالة"، مُشيرًا إلى سلسلة من الاحتفالات الدينية الأخرى التي تنظمها الطرق الصوفية على مدار العام، تشمل الإمام علي، والسيدة فاطمة الزهراء، والإمامين الحسن والحسين، وشهر رمضان، باعتبارها مناسبات روحية تهدف إلى إحياء السنن النبوية وتعزيز القيم الدينية في المجتمع .

ووجّه أبو العزائم انتقادات حادة لمن يعارضون إقامة الموالد، معتبرًا أن "من يحاربونها هم ثلاث فئات: الإخوان والسلفيون والعلمانيون"، مضيفًا أن "هؤلاء يتجاهلون الاحتفالات الصاخبة وغيرها، بينما يهاجمون الموالد الإسلامية، ولا سيما مولد السيد البدوي، الذي يعد أحد أبرز رموز التصوف في مصر، لأنه كان من القلائل الذين جاهدوا بسلاحهم" .

وأكد رئيس الاتحاد العالمي للطرق الصوفية أن المصريين بطبعهم يميلون إلى الاحتفال بالأولياء والصالحين، مُنوهًا أن "الموالد تحوّلت على مر العصور إلى مساحات للتقارب الإنساني والاجتماعي، يلتقي فيها المسلمون من مختلف الطبقات، ويذكرون الله، ويجددون ارتباطهم بالقيم الروحية".

وختم حديثه بالقول: "حتى القديس مار جرجس يحتفل به بعض المسلمين، لأنهم يرون في هذه المناسبات فرصة للتعارف والمحبة والتسامح، قبل أن تكون طقوس دينية".

سي ان ان المصدر: سي ان ان
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا