آخر الأخبار

هل تخطط المعارضة الجورجية لثورة ملونة تطيح بآخر معاقل روسيا في جنوب القوقاز؟

شارك

موسكو- انتقلت السلطات الجورجية إلى ما يشبه الهجوم المضاد في تعاطيها مع المعارضة، التي قررت النزول إلى الشوارع احتجاجًا على إعلان حزب "الحلم الجورجي" الحاكم فوزه في الانتخابات البلدية، وقراره تعليق جهوده للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي .

في هذا السياق، وجهت النيابة العامة، الاثنين، تهمتي محاولة الانقلاب على الدستور والانقلاب على الحكومة، إلى 5 من قادة المعارضة، في خطوة من شأنها أن تزيد المشهد السياسي تعقيدا، بعد أن تراجعت الاحتجاجات في الأشهر الأخيرة بشكل ملحوظ.

علاوة على ذلك، طالبت جورجيا باعتذار رسمي من الاتحاد الأوروبي عما وصفته بدعمه لمحاولة الإطاحة بالحكومة، داعية ممثلي الاتحاد إلى "الامتناع عن نشر تقارير كاذبة مضللة تُغذّي رغبة القوى المتطرفة في تقويض الديمقراطية وسيادة القانون واحترام حقوق الإنسان".

وكشف النائب الأول لرئيس جهاز المخابرات الجورجية، لاشا ماغرادزي، أنه كان من المقرر تنفيذ أعمال تخريب بالتوازي مع أعمال العنف في 4 أكتوبر/تشرين الأول ومحاولة الاستيلاء على القصر الرئاسي، موضحًا أن مواطنًا جورجيًا حصل على متفجرات بناءً على تعليمات من ممثل وحدة عسكرية عاملة في أوكرانيا .

في الأثناء، يرى ممثلو المعارضة بأن الوضع سيتصاعد، لأن الكثيرين -حسب رأيهم- لا يثقون بنتائج الانتخابات، وأن خروج نحو 80 ألفًا إلى الشوارع ليس إلا البداية.

تعاون إقليمي

يعتبر الخيار بين روسيا والغرب العنوان الأبرز للصراع بين القوى السياسية في جورجيا، والذي تعزز بعد أن وصل حزب الحلم الجورجي المؤيد لروسيا إلى سدة الحكم وقام على وجه السرعة بتأجيل إجراءات الاندماج إلى الاتحاد الأوروبي.

ورغم أن جورجيا تستحق بلا شك المركز الأول ضمن قائمة الدول التي فاجأت روسيا نفسها "إيجابيا" بموقفها من الحرب الأوكرانية، كدولة كانت تتجه نحو التكامل مع الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي ( الناتو )، والتي تتنافس قواها السياسية على كسب ود الغرب، لكنها رفضت في الوقت ذاته حرب العقوبات ضد موسكو.

إعلان

مع ذلك، ليس من المتوقع أن تتخلى جورجيا عن مسارها الأوروبي الأطلسي في المدى القريب، ولكن من المتوقع المزيد من التوسع في العلاقات الاقتصادية مع روسيا وتحول تركيزها نحو التعاون الإقليمي، على ضوء تطور الممر الأوسط للصين ومركز الغاز التركي، والذي سيشمل الغاز الأذربيجاني والتركماني بالإضافة إلى الغاز الروسي ، مما سيزيد من دور تبيليسي كدولة عبور لإمدادات الشحن والطاقة.

ووفق مراقبين، فإن الأحداث الأخيرة ستؤدي إلى مزيد من توتير العلاقات بين تبيليسي و بروكسل ، لا سيما على ضوء حديث السلطات الرسمية في العاصمة الجورجية أن الاتحاد الأوروبي كان يخطط لتدبير ثورة ملونة في جورجيا.

وبحسب المتخصص في الشؤون الجورجية غيفي أباشيدزه، فإن تكتيك الثورة الملونة من خلال البدء باحتجاجات تحت ذريعة عدم الموافقة على نتائج الانتخابات البلدية، قد فشل، لأن هذا التكتيك بحاجة إلى عنصر أساسي يتمثل بقوى خارجية مؤثرة قادرة على ممارسة ضغط سياسي ونفسي قوي على الحكومة.

ويضيف للجزيرة نت بأن القوى التي كانت تتدخل سابقًا في الشؤون الداخلية لجورجيا أصبحت الآن مشتتة، ويوضح ذلك بأن الولايات المتحدة -على سبيل المثال- تنظر إلى الوضع من بعيد وباهتمام ضئيل.

في الوقت نفسه، تواجه أوروبا العديد من المشاكل الداخلية التي يصعب إخفاؤها، مما يدفعها نتيجة لذلك إلى تقليل إنفاق الموارد لدعم قوى المعارضة في البلاد، لذلك لم يتحقق حلم المعارضة بحصول "ميدان" جديد.

مصدر الصورة رئيس الوزراء كوباخيدزه اتهم الاتحاد الأوروبي بالتدخل في الشؤون الداخلية لبلاده (الفرنسية)

آخر "القلاع" الروسية

من جانبه، يرى محلل شؤون دول جنوب القوقاز ألكسندر يودين بأن حزب الحلم الجورجي "سيحاول الآن قمع المتطرفين بشكل كبير، مستغلا إجراءات المعارضة العنيفة، وليظهر للقادة الأوروبيين أن خططهم لا تُثمر نتائج".

لكنه يلفت في حديثه للجزيرة نت، إلى أن قوى المعارضة وصناع القرار في بروكسل سيتكيفون مع الظروف الجديدة ويبتكرون أساليب جديدة للضغط على الحكومة، حتى في حال أبدت السلطات استعدادها لإعادة ضبط العلاقات مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.

لكن من ناحية أخرى، يعتبر المتحدث أن عملية مواصلة الضغط على المعارضة، سواء من خلال اعتقال قادتها أو التضييق على أنشطتها سيكون له تداعيات سلبية على المدى المتوسط أو البعيد، مضيفا أنه "لا بد من تقديم تنازلات، من خلال تشكيل حكومة ائتلافية على سبيل المثال".

بموازاة ذلك، يدعو المتحدث صناع القرار في روسيا إلى مزيد من الاهتمام بجورجيا، كونها باتت عمليًا آخر معاقلهم في جنوب القوقاز، لا سيما بالنظر إلى أهميتها الجيوسياسية كجسر بين أوروبا وآسيا، وتفاعلاتها الاقتصادية، خاصة في مجالي الطاقة والغذاء، فضلا عن الروابط التاريخية والثقافية التي تجمع بينهما.

ورغم العلاقات السياسية الصعبة التي استمرت لسنوات طويلة بين روسيا وجورجيا، إثر حرب عام 2008 بينهما، لا تزال تبيليسي تشكل أهمية إستراتيجية كبيرة لموسكو، فهي تقع على مفترق الطرق بين أوروبا وآسيا، مما جعلها تاريخيًا هدفًا للتنافس بين القوى الكبرى.

إعلان

كما تهتم روسيا باستخدام ممرات النقل في جورجيا وساحل البحر الأسود في مشاريعها التجارية ومشاريع الطاقة، إلى جانب أن جورجيا تُعدّ مستهلكا رئيسيا للسلع الروسية، مثل منتجات النفط والغاز والمواد الغذائية وغيرها.

الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا