انطلاق أعمال المؤتمر الدولي حول حماية الصحفيين في النزاعات المسلحة
The International Conference on the Protection of Journalists in Armed Conflicts kicks off. #حقوق_الانسان_قطر#qatar_human_rights pic.twitter.com/RMROLTOJ3I— حقوق الانسان-قطر (@QATARNHRC) October 8, 2025
الدوحة– دعا المشاركون في "المؤتمر الدولي لحماية الصحفيين في مناطق النزاعات المسلحة"، الذي انطلقت أعماله -اليوم الأربعاء- في العاصمة القطرية الدوحة ، إلى إنهاء ظاهرة الإفلات من العقاب من مرتكبي الجرائم ضد الصحفيين، وتفعيل القوانين والآليات الدولية لضمان حمايتهم أثناء أداء مهامهم الميدانية.
ويشارك في المؤتمر، الذي تنظمه اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في دولة قطر بالشراكة مع مركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسان بشبكة الجزيرة الإعلامية، وبالتعاون مع منظمة الأمم المتحدة للتربية والتعليم والثقافة اليونسكو واللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان، عدد من المسؤولين الأمميين والخبراء، الذين شددوا على أن حماية الصحفيين تمثل ركنا أساسيا في الدفاع عن الحقيقة وصون حرية التعبير.
ويبحث المؤتمر، الذي يستمر ليومين، سبل تعزيز حماية الصحفيين وضمان سلامتهم أثناء تغطية النزاعات، والتصدي لظاهرة الإفلات من العقاب في الجرائم المرتكبة ضدهم.
وأكدت رئيسة اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان بقطر مريم بنت عبد الله العطية على أهمية المضي قدما في تعزيز الحماية وترسيخ البيئة الآمنة والتمكينية للصحفيين، لافتة إلى تفاقم الانتهاكات الجسيمة والاستهداف الممنهج للصحفيين وذويهم ومجتمعاتهم، بهدف إسكات أصواتهم المعترف بها بموجب القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان.
وأعربت عن قلقها البالغ إزاء الأرقام المفزعة لوقائع القتل المتعمدة، بما في ذلك مقتل 254 صحفيا في قطاع غزة منذ بداية عدوان قوات الاحتلال الإسرائيلي على القطاع في أكتوبر/تشرين الأول 2023 وحتى الآن، ومقتل عشرات الصحفيين في مناطق النزاعات الأخرى حول العالم.
وأكدت أنه لم يعد مقبولا الاكتفاء بالإدانة، حيث إن اتساع نطاق الجرائم والانتهاكات الخطيرة الموجهة ضد الصحفيين يشير إلى الحاجة الماسة لحراك واسع تشترك فيه الحكومات والمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان وجميع أصحاب المصلحة، إلى جانب المؤسسات الأممية، بهدف تفعيل قواعد القانون الدولي، وإجراء إصلاحات شاملة لآليات الحماية، وإنهاء الإفلات من العقاب عبر مساءلة منتهكيها.
وأكد المدير العام لشبكة الجزيرة الإعلامية الشيخ ناصر بن فيصل آل ثاني، أن مهنة الصحافة تتعرض لاختبارات تهدد كينونتها ودورها الإنساني، موضحا أن حماية الصحفيين "بالنسبة لنا قضية جوهرية تمسّ مستقبل المهنة وحياة العاملين فيها، وهو ما يضفي أهمية بالغة على المؤتمر".
وأضاف، في كلمته بالجلسة الافتتاحية للمؤتمر، أن شبكة الجزيرة الإعلامية جعلت من حماية صحفييها وسلامتهم أولوية راسخة، فعملت على تطوير برامج تدريبية متخصصة لطواقمها العاملة في مناطق النزاعات، وحرصت على تبني أعلى معايير السلامة المهنية. "ومع ذلك، ظل مراسلوها عرضة للاستهداف لمجرد قيامهم بواجبهم، حيث بلغ عدد شهداء الجزيرة حتى الآن 22 شهيدا، 10 منهم ارتقوا فقط خلال العدوان الإسرائيلي المستمر على غزة".
وأوضح الشيخ ناصر بن فيصل آل ثاني أن الصحافة لم تكن يوما طرفا في النزاعات، بل كانت عينا لنقل الحقيقة، وصوتا للضحايا، وأداة لتوثيق معاناة المدنيين، مشددا على أن احترام هذا الدور وضمان حرية الصحفيين في أداء رسالتهم هو المدخل الطبيعي لتحقيق العدالة، وإلا فإن جرائم الحرب ستظل بلا شهود، والإنسانية ستبقى بلا ذاكرة.
وشدد على أنه في ظل هذه التحديات، تؤكد الجزيرة أن سلامة الصحفيين يجب أن تكون ضمن أولويات مجلس الأمن الدولي، وتدعو إلى تفعيل قرارات مجلس حقوق الإنسان ذات الصلة، بعد أن فقد مئات الصحفيين حياتهم خلال العقد الأخير وسط إفلات تام من العقاب.
وأشار إلى أن شبكة الجزيرة الإعلامية تطالب بتوحيد المبادرات وتعزيز التضامن بين المؤسسات الإعلامية والمنظمات الحقوقية والدول، لوقف قتل الصحفيين وإنهاء سياسة إفلات قتلتهم من العقاب.
وبين أن الجزيرة عملت منذ سنوات على الدفع بهذه القضية إلى الأمام، وكان أبرز محطاتها إطلاق إعلان الدوحة لحماية الصحفيين عام 2016، وهو الإعلان الذي حظي بترحيب مجلس حقوق الإنسان واليونسكو، ويعد أول وثيقة دولية تدفع بها مؤسسة إعلامية لاعتمادها في أروقة الأمم المتحدة.
وأكد المدير العام لشبكة الجزيرة الإعلامية أن الرسالة القوية التي يجب أن نبعث بها من هذا المؤتمر هي أن إسكات الكلمة الحرة لن يوقف الحقيقة، بل سيزيدها حضورا وقوة، كما أن مسؤوليتنا المشتركة هي أن نقف صفا واحدا، مؤسسات ومنظمات وحكومات، لحماية الصحفيين حماية للحقيقة ذاتها.
وأعرب عن تطلعه لأن يحقق المؤتمر أهدافه، وأن يسفر عن توصيات عملية من شأنها تعزيز حماية الصحفيين والحد من الاعتداءات التي يتعرضون لها خلال أداء واجبهم المهني.
ومن جانبه، أكد مساعد المدير العام لليونسكو للاتصال والمعلومات توفيق الجلاصي، أن منظمة اليونسكو، بصفتها الوكالة الأممية المكلفة بحماية حرية التعبير وسلامة الصحفيين وضمان الوصول إلى المعلومات، ترحب بانعقاد هذا المؤتمر في الدوحة الذي يعزز التعاون الدولي في مجال حماية الإعلاميين.
وقال الجلاصي، في كلمة مسجلة، إن الإعلام الحر والمستقل شرط أساسي للديمقراطية، ولكن من المهم أيضا ضمان سلامة الصحفيين والعاملين في المجال الإعلامي أثناء أداء دورهم الحيوي.
وأضاف أن الصحفيين حول العالم يواجهون تهديدات ومضايقات ورقابة، وغالبا ما يتعرضون لأعمال عنف مميتة، بينما تبقى الصحفيات أكثر عرضة للتحرش، سواء عبر الإنترنت أو خارجه.
وأوضح أن اليونسكو، بصفتها الجهة المنسقة لخطة عمل الأمم المتحدة بشأن سلامة الصحفيين ومسألة الإفلات من العقاب، تعمل على تعزيز التعاون الدولي، ودعم الآليات الوطنية للحماية، وبناء بيئات آمنة تمكن الصحفيين من أداء رسالتهم دون خوف.
وشدد الجلاصي على أن سلامة الصحفيين ليست مجرد حماية لأرواح الأفراد، بل هي أيضا حماية لحق المجتمعات في الوصول إلى معلومات موثوقة، وأحيانا منقذة للحياة.
وأشار إلى أن حماية الصحفيين في مناطق النزاعات تظل أولوية لليونسكو، مضيفا: "لقد أدنا مرارا عمليات قتل الصحفيين في غزة و السودان وأوكرانيا واليمن وغيرها من مناطق النزاع، ونؤكد أن الصحفيين مدنيون يجب حمايتهم وفقا لقرار مجلس الأمن رقم 2222.
وفي ختام كلمته، دعا الجلاصي إلى إنهاء الإفلات من العقاب على الجرائم المرتكبة ضد الصحفيين، مؤكدا أن الهجمات على الإعلاميين لن يتم التسامح معها، وأن مرتكبيها يجب أن يحاسبوا.
وفي مداخلة مسجلة أيضا، أكدت المفوضة في اللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب والمقررة الخاصة بحرية التعبير والوصول إلى المعلومات ورفينا جيريشا تابسيسونو، أن حماية الصحفيين تمثل محورا رئيسيا في عمل اللجنة الأفريقية، التي تتابع بدقة حالات الانتهاكات ضد الصحفيين في القارة.
وقالت إن اللجنة اعتمدت عام 2019 إعلان مبادئ حرية التعبير والوصول إلى المعلومات في أفريقيا، الذي ينص على أن الحق في التعبير عبر وسائل الإعلام لا يجوز أن يخضع لقيود قانونية غير مبررة، كما يدعو المبدأ العشرون منه الدول الأطراف إلى ضمان سلامة الصحفيين والعاملين في الإعلام، واتخاذ التدابير القانونية للتحقيق في الهجمات ضدهم ومقاضاة مرتكبيها.
وأوضحت أن اللجنة يمكنها اتخاذ إجراءات عاجلة عند تلقيها بلاغات عن اعتداءات ضد الصحفيين، من بينها توجيه نداء عاجل إلى الدولة المعنية تطالبها فيه بحماية الصحفي المعني وتقديم تقرير مفصل عن الإجراءات المتخذة.
واختتمت بالقول إن فكرة إنشاء لجنة دولية مستقلة للتحقيق في جرائم قتل الصحفيين في مناطق النزاع قد تكون خطوة مهمة، لكن نجاحها يعتمد على وضوح آليات جمع الأدلة ومساءلة الجناة..
وعقب الجلسة الافتتاحية للمؤتمر، افتتح معرض تضمن صورا لشهداء مهنة الصحافة، ولاسيما في قطاع غزة، تكريما لتضحياتهم وشجاعتهم في نقل الحقيقة.