آخر الأخبار

هل قدم الرئيس الفلسطيني تنازلات بخطابه في الأمم المتحدة؟

شارك

رام الله- في خطابه عن بعد، أمام المؤتمر الدولي رفيع المستوى للتسوية السلمية لقضية فلسطين وتنفيذ حل الدولتين، في نيويورك، أمس الثلاثاء، قدم الرئيس الفلسطيني محمود عباس تعهدات تتعلق بملفات فلسطينية حساسة سياسيا وداخليا، فهل كان ذلك من باب الحنكة والمناورة السياسية؟ أم ثمنا لاعتراف بعض الدول بفلسطين؟ أم استشرافا لإقامة الدولة الفلسطينية؟ وماذا تبقى للرئيس من أوراق سياسية؟

في خطابه استبعد الرئيس الفلسطيني شرائح واسعة من المشهد السياسي المستقبلي، وتعهد بعدم إشراك "حماس" في حكم غزة بل وسحب سلاحها وسلاح الفصائل في اليوم التالي للحرب، مشيرا إلى إنشاء نظام "رعاية اجتماعية" موحد بعد إلغاء جميع المدفوعات السابقة لعائلات الأسرى والشهداء، وإصلاح المناهج التعليمية وفق معايير اليونسكو .

كما تعهد بإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية خلال عام بعد انتهاء الحرب، وبصياغة دستور مؤقت خلال 3 أشهر لضمان الانتقال من السلطة إلى الدولة "بما يضمن عدم مشاركة أي أحزاب أو أفراد لا يلتزمون بالبرنامج السياسي والالتزامات الدولية لمنظمة التحرير الفلسطينية، والشرعية الدولية ، وبمراقبة دولية".

مصدر الصورة التميمي: الرئيس كان واضحا وحدد المواقف الفلسطينية لسحب الذرائع لاستمرار الإبادة والانقضاض على الضفة (مواقع التواصل)

مناورة أم تفريط؟

برأي المحلل السياسي باسم التميمي، فإن الرئيس الفلسطيني كان يخاطب العالم والأصدقاء الذين أعلنوا عن اعترافهم بالدولة الفلسطينية، وعن خطوات لوقف الإبادة وتكريس الدولة على أرض الواقع وفرض عقوبات على دولة الاحتلال.

يضيف التميمي -في حديثه للجزيرة نت- أن عباس خاطب كل الأطراف بمن فيهم الأشقاء العرب والولايات المتحدة، مدافعا عن القضية والمشروع الوطني لوضع حد للإبادة في قطاع غزة وحماية الضفة الغربية من سياسية اليمين الإسرائيلي المتطرف الذي يسعى لفرض السيادة عليها.

إعلان

من هنا -يتابع التميمي- تحدث الرئيس في قضايا قد يكون من السابق لأوانه طرحها "لكنه كان واضحا وحدد المواقف الفلسطينية لسحب الذرائع استباقا لما يمكن أن تتذرع به حكومة اليمين في تل أبيب للانقضاض على الضفة الغربية والاستمرار في الابادة".

لا يرى التميمي فيما قدمه الرئيس الفلسطيني تفريطا بأوراق سياسية، مشيرا إلى تمسكه بدولة فلسطينية على حدود 4 يونيو/حزيران 1967 وحق العودة للاجئين والقدس عاصمة للدولة الفلسطينية.

وأضاف أن حديث الرئيس عن سحب السلاح طبيعي "فكل الدول لديها سلاح واحد، كما أن قرار السلم والحرب يجب أن يكون في عنوان السيادة وهي منظمة التحرير الفلسطينية ".

وأوضح المحلل الفلسطيني أن الموقف من باقي القضايا معلن سابقا، كالامتثال للبرنامج السياسي لمنظمة التحرير الفلسطينية، التي أجريت الانتخابات التشريعية السابقة عام 2006 وشاركت فيها حماس تحت مظلة الاتفاقيات التي وقعتها.

وخلص إلى أن خطاب عباس "وضع خريطة طريق أمام العالم أجمع باتجاه الدولة الفلسطينية والتي باتت أقرب من أي وقت مضى، رغم تصريحات اليمين المتطرف في إسرائيل بتفكيك السلطة الوطنية ومنع إقامة الدولة الفلسطينية".

مصدر الصورة بشكار يتوقع انعكاسات داخلية لتعهدات الرئيس الفلسطيني لكونها تمس جميع شرائح المجتمع (الجزيرة)

مسار مختلف

من جهته، لا يرى أستاذ العلوم السياسية في جامعة النجاح الوطنية أمجد بشكار، فيما طرحه الرئيس عباس إلا "إغداقا في تقديم بعض الرؤى وأكثر مما هو مطلوب منه من قبل الأوروبيين".

وفي قراءته للهدف السياسي من تعهدات الرئيس الفلسطيني، قال في حديثه للجزيرة نت إن عباس يريد أن يكون له دور مركزي في قطاع غزة، وأن يكون مشاركا في اليوم التالي للحرب وربما مع أطراف عديدة، دولية وربما عربية، وحرص على توجيه خطابه للرئيس الأمريكي بشكل مباشر قبيل اجتماع الثلاثاء مع زعماء تركيا وعدة دول عربية.

وأوضح بشكار أن الضفة الغربية التي يحكمها الرئيس الفلسطيني "لم يعد فيها أي مقوم من المقومات الكافية لإقامة حكومة مركزية فلسطينية فكيف بالدولة؟ فالمؤسسات تفكك من قبل إسرائيل رويدا رويدا، خاصة وأن أهم بنود خطة وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش ، السياسية منذ 2017 هو إضعاف السلطة الفلسطينية ومحاصرتها ماليا.

ولم يستبعد الأكاديمي الفلسطيني أن يذهب المستوى السياسي الفلسطيني إلى ما هو أبعد من تعديل المناهج الدراسية ووقف مخصصات الأسرى وتسليم السلاح واستبعاد الفصائل من المشاركة السياسية، إلى التعديل في نظام منظمة التحرير "بما يرضي الإدارة الأميركية ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ".

وبرأي أستاذ العلوم السياسية، فإن المسار السياسي الذي يتطلع له الرئيس الفلسطيني ليس هو المسار الذي يتطلع له الرئيس الأميركي دونالد ترامب ونتنياهو، لا سيما وأن الأوروبيين لا يملكون ما يقدمونه للضفة سوى بعض المال الذي لا يفي باحتياجات السلطة.

وتوقع بشكار انعكاسات داخلية لتعهدات الرئيس الفلسطيني، لكونها تمس جميع الشرائح في المجتمع الفلسطيني وليس الفصائل فقط. "فكل بيت فلسطيني من أهله أسير أو شهيد أو جريح، والعملية التربوية تمس كل بيت وهذا موضوع خطِر للغاية، أن ننقل الأزمة من الخارج إلى الداخل".

تنازلات مجانية

أما الكاتب السياسي عدنان الصباح، فيرى أن الأولوية يجب أن تكون للجريمة المستمرة في غزة، وضرورة إيقافها، معتبرا أن اعترافات عدد من الدول بفلسطين لم تأت منحة ولا منة من أحد، "بل بسبب الصمود الأسطوري للمقاومة وشعبنا في قطاع غزة، والتضامن الشعبي العظيم في كل أنحاء العالم الذي أجبر حكومات تلك الدول على الاعتراف بالدولة الفلسطينية هروبا من استحقاقات عقاب القاتل استجابة لإرادة شعوبها".

إعلان

وأضاف أنه قبل تقديم المواقف السياسة للاحتلال والولايات المتحدة "يجب أولا وقف المقتلة، وثانيا مكافأة المقاومة والشعب بالوحدة الوطنية الفلسطينية بين كل أطيافه وفي المقدمة المقاومة الباسلة والتي أجبرت العالم على التقدم خطوة وإن لم تكن كافية".

وتابع الكاتب أن ما يراها "تنازلات مجانية سريعة" لا تقدم إسنادا للموقف الفلسطيني "المقاوم والعظيم والحالة التي يعيشها قطاع غزة" إنما "المطلوب الضغط على دول العالم والمنظمات الدولية".

وتابع أن "التنازل المهم المطلوب هو من الذين ينفذون المقتلة ضد شعبنا ومعاقبتهم، فلا يمكن أن ننادي بعقاب القاتل ونحن نمنحه كل هذه التنازلات".

وعن نزع سلاح الفصائل، قال الصباح: إذا كان من سلاح يجب أن ينزع فهو سلاح جيش الاحتلال والمستوطنين ومن يمارسون القتل والتجويع ، أما سلاح المقاومة فالمطلوب حمايته.

ويعود بنا الكاتب الفلسطيني إلى مجزرة صبرا وشاتيلا عام 1982 ومجازر نكبة 48 موضحا أنها كانت نتيجة تنازلات رأى فيها البعض حماية للشعب الفلسطيني.

وبرأيه فإن التنازلات قد تقدمها دول وحتى الاستسلام، لأن لديها ما يبرر استسلامها أو تنازلها كحماية حدودها ومقدراتها فتتراجع خطوة من أجل التقدم خطوتين أو أكثر "لكن في حالة الشعب المقهور المحتل يعني التنازل إلغاء القضية وإلغاء المقاومة والحق في الوجود، وهذا لا يجوز تحت أي عنوان".

وقال المحلل الفلسطيني إن الرسالة التي أراد عباس إيصالها للعالم الغربي وصلت أيضا غزة وجنين وطولكرم ونابلس والقدس "وجميعهم بحاجة لمن يشد عضدهم فعلا وليس قولا، لا تقديم هدايا لمن يواصلون قتلهم".

وخلص إلى أن الشعب الفلسطيني "يتطلع إلى التوحد خلف المقاومة وبرنامجها ورايتها، وإلى برنامج سياسي وطني مقاوم واحد موحد لكل الشعب وقواه".

الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا