في ظل السجال الدائر بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ومحافظة الاحتياطي الفيدرالي ليزا كوك، نطالع في صحف اليوم مقالاً يستشرف ما يمكن أن يحدث للاقتصاد الأمريكي إذا ما نجح ترامب في مسعاه، كما تشمل جولتنا انتقاداً للتغطية الإعلامية الإسرائيلية لحرب غزة، وأخيراً تحذير من استعانة الشباب بالذكاء الاصطناعي كمعالج نفسي.
ونبدأ جولتنا من صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، ومقال يتساءل "ماذا سيحدث إذا تمكن ترامب من إقالة قادة بنك الاحتياطي الفيدرالي؟" وتجيب كاتبته عن السؤال في العنوان ذاته بأن الثمرة ستكون "ارتفاع التكاليف".
وتقول هيذر لونغ، المحللة والمراسلة الاقتصادية، إن ترامب أحدث شرخاً كبيراً في استقلال الاحتياطي الفيدرالي، الاستقلال الذي سيدرك الأمريكيون مدى فائدته في خفض معدلات الرهن العقاري، والحفاظ على انخفاض التضخم، ومكافحة الأزمات، إذا ما خسر الاحتياطي الفيدرالي استقلاله.
وتضعنا الكاتبة أمام حقيقة تاريخية وهي أن ترامب إذا نجح في مسعاه، فسيكون أول رئيس يعزل حاكماً في الاحتياطي الفيدرالي منذ إنشاء البنك المركزي الأمريكي عام 1913، أي منذ أكثر من قرن.
ويشير المقال إلى أن رئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم بأول ستنتهي ولايته في مايو/أيار القادم. وبالتالي، سيُعيّن ترامب رئيساً جديداً في عام 2026، "إذا لم يفعل ما يُريده، فسيكون مستعداً لإقالته أو محاولة إقالته".
وهذا، بحسب المقال، يُغير قواعد اللعبة فيما يتعلق باستقلالية البنوك المركزية.
وعلى الرغم من أن الرؤساء يفضلون أسعار الفائدة المنخفضة، التي تُساعد المواطنين على شراء منزل أو سيارة، أو سداد بطاقة ائتمان، أو الحصول على قرض تجاري؛ إلا أن لونغ تدق ناقوس الخطر حال إبقاء أسعار الفائدة منخفضة بشكل مصطنع.
وتحذر الكاتبة من أمرين؛ أولهما احتمال انهيار شركات الإنترنت، وحدوث ركود كبير بعد الموافقة على قروض سكنية لأفراد لا يستطيعون تحمل تكلفتها.
أما الخطر الآخر لانخفاض أسعار الفائدة لفترة طويلة فيكمن في حدوث أزمة تضخم، كما حدث في سبعينيات القرن الماضي أو في عام 2022.
وتعلق الكاتبة بأن هذا الأمر "قد يُعيد الاقتصاد إلى الوراء لسنوات، كما حدث فيما يعرف بـ "العقد الضائع" في الأرجنتين، التي شهدت خلالها كساداً اقتصادياً حاداً في ثمانينيات القرن الماضي نتيجة تصاعد أزمة الديون.
ويعترف المقال بأن الاحتياطي الفيدرالي "لم يكن مثالياً"، لكنّ قراراته التي تتخذها لجنة مكونة من 12 عضواً، حالت دون "تسييس" البنك المركزي. وعندما كان يرتكب أخطاءً فإنه سرعان ما يُصححها.
هذا الأمر رسخ ثقة كبيرة في الاحتياطي الفيدرالي تُرجمت إلى انخفاض تكاليف الاقتراض بسبب ارتفاع الطلب على السندات والأصول بالدولار الأمريكي بين المستثمرين حول العالم.
وتحذر كبيرة الاقتصاديين في اتحاد الائتمان الفيدرالي البحري، من أن ترامب "يعبث بهذه الثقة"، الأمر الذي سيتكشّف أثره السلبي مع مرور الوقت.
ننتقل إلى صحيفة الغارديان البريطانية، ومقال لروي شوارتز، أحد كبار المحررين، ينتقد التغطية الإعلامية الإسرائيلية لحرب غزة وتداعياتها الإنسانية على الفلسطينيين تحت عنوان: "لماذا لا يكترث الإسرائيليون لأمر غزة؟ شاهد التلفزيون الإسرائيلي!".
وساق المقال أمثلة عدة على ذلك؛ منها تجاهل القناة الـ13 الإسرائيلية خبر إعلان الأمم المتحدة رسمياً عن المجاعة في غزة، في حين كانت النبرة السائدة في بقية القنوات وبرامجها الإخبارية، "عدم تصديق ممزوج بالسخرية".
وفي تقرير لقناة "كان" العامة، جاء فيه أن "الأمم المتحدة تُفضل ترديد حملة الجوع الزائفة التي أطلقتها حماس، مع تجاهل من يتضورون جوعاً بالفعل في غزة وهم الرهائن الإسرائيليون".
وقال شوارتز، الذي يكتب أيضاً في صحيفة هآرتس الإسرائيلية، إن انطباعه بشكل عام، هو أن التعليقات خلال هذه الحرب "كانت أحادية النبرة بشكل لافت للنظر، لا سيما فيما يتعلق بالجيش وممارساته".
وأرجع ذلك جزئياً إلى أن العديد من الصحفيين، قد خضعوا للخدمة الإلزامية في الجيش الإسرائيلي، وبالتالي "يبدو الأمر كما لو أن المذيعين يعتبرون أنفسهم لواءً آخر على خط المواجهة".
وبحسب المقال، فإن هذه التغطية لا تعكس الآراء الشخصية للمتحدثين في القناة وحسب، مشيراً إلى تسريب محادثة على الحساب الخاص بالقناة 12 على واتساب؛ حيث انتقد بعض الصحفيين نقص التغطية الإعلامية للكارثة الإنسانية، الأمر الذي رفضه الرئيس التنفيذي لمؤسسة الأخبار، "الذي اقترح عليهم الاكتفاء بمشاهدة الأخبار بدلاً من اقتراح ما ينبغي أن يُبث خلالها".
ويرى الكاتب أن هذا الأمر أصبح "مبداً غير رسمي" للصحفيين الإسرائيليين في جميع المجالات، مستشهداً بتصريح لصحفي في قناة كان خلال حوار مع صحيفة هآرتس الإسرائيلية، قال فيه "إنهم يحرصون في نشرات الأخبار على عدم التطرق إلى القضايا الحساسة، وإذا فعلوا ذلك، فإنه يكون بطريقة استرضاء وتخويف".
ويقول الكاتب إن الإعلام الإسرائيلي يخضع لتدقيقٍ مستمر "بل وتهديد" من حكومة بنيامين نتنياهو، التي تصف وسائل الإعلام المعارضة بـ"قنوات السُّموم"، والتي "عاقبت أو رفضت التحدث مع من يسعون إلى التغطية الإعلامية المستقلة".
هذا الأمر لا يتوقف عند رغبة الحكومة، بل يشمل المشاهدين أيضاً، بحسب المقال الذي أشار إلى استطلاعٍ نُشر في يونيو/حزيران الماضي، جاء فيه أن 64 في المئة من الإسرائيليين يرون تغطية الإعلام المحلي لقطاع غزة متوازنة، ولا يرون داعياً لعرض صورةٍ أوسع. وقد أيد هذا الرأي 89 في المئة ممن صوتوا لأحزابٍ في الائتلاف الحاكم الحالي.
من ناحية أخرى، أوضح شوارتز أن الصحفيين الإسرائيليين يواجهون ضغوطاً أولها الخوف؛ خشية إبعادهم عن البرامج التلفزيونية الرئيسية إذا عبّروا عن "رأيٍ خاطئ" أو بدوا مثيرين للجدل.
وأشار الكاتب إلى ما حدث عندما دعا محرر الأخبار الخارجية في القناة 12 إلى إنهاء القتال في غزة في اليوم المئة للحرب، وقال المحرر إنه لم يظهر في نشرة الأخبار الأسبوعية لعام كامل بعد تصريحه هذا.
وفي الشهر الماضي، ظهرت الصحفية إيمانويل إلباز فيلبس كضيفة على القناة 13 الإسرائيلية، وحاولت لفت الانتباه إلى الواقع المؤلم في غزة، فقاطعها المذيع بسرعة وطلب منها عدم إثارة الأمر، قائلاً: "لماذا علينا أن نكترث؟".
ويختتم روي شوارتز مقاله بأن هذه الضغوط "لا تُبرر حقيقة أن الصحافة الإسرائيلية، من خلال تغطيتها، ساهمت في التجاهل المتعمد، لكارثة غزة، وللحقائق الصارخة التي تُشكك في الرواية الإسرائيلية".
ونختتم جولتنا بصحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، ومقال يرصد زيادة عدد المراهقين الذين يلجأون إلى روبوتات الدردشة الذكية، مُشاركين وحدتهم وقلقهم ويأسهم مع رفيق رقمي موجود دائماً ولا يُصدر أحكاماً على ممارساتهم.
في المقال، يدق الدكتور ريان ماكبين، الباحث في الصحة النفسية وتقييم سلامة الذكاء الاصطناعي، ناقوس الخطر، مشيراً إلى استطلاع رأي كشف أن 72 في المئة من المراهقين الأمريكيين يستخدمون روبوتات الدردشة الذكية كرفيق لهم.
وقال ما يقرب من واحد من كل ثمانية منهم إنه طلب "دعماً نفسياً" من تلك الروبوتات، وهي نسبة يقول الكاتب إنها لو انسحبت على سكان الولايات المتحدة لبلغت 5.2 مليون مراهق.
وفي دراسة حديثة أخرى أجراها باحثون في جامعة ستانفورد، أفاد ما يقرب من ربع الطلاب الذين يستخدمون روبوت الدردشة "ريبليكا"، بأنهم لجأوا إليه للحصول على دعم نفسي.
ويلفت المقال إلى أن روبوتات الدردشة مثل "تشات جي بي تي" تقدم نصائح "خطيرة" حول كيفية جرح الإنسان نفسه بأقل ضرر، وما يُمكن أن يقوله المرء في رسالة انتحار، ويُجيب بسهولة على أسئلة حول أنواع السموم والأسلحة النارية الأكثر استخداماً في محاولات الانتحار.
ويحذر ماكبين من أن المراهقين المعرضين للخطر، إذا تعرضوا للإرشادات غير الآمنة، فقد يُرسّخ ذلك لديهم سلوكيات ضارة أو يُقدّم تعليمات إرشادية خطيرة.
ويقول ماكبين إنه على الرغم من أن تلك الروبوتات يمكنها تقديم دعم قابل للتطوير وبأسعار معقولة، لا سيما في المجتمعات التي تفتقر إلى البنية التحتية للصحة النفسية؛ إلا أن مثل هذه الاستخدامات "تتطلب تقييماً علمياً دقيقاً وحواجز تنظيمية"، لخصها في ثلاث خطوات:
أولاً، إجراء تجارب سريرية واسعة النطاق تُركِّز على المراهقين، وتُقيِّم روبوتات الدردشة الذكية كأدوات دعم مستقلة ومُكمِّلة للمعالجين البشريين.
ثانياً، وضع معايير واضحة لكيفية استجابة روبوتات الدردشة الآمنة والفعالة في حالات أزمات الصحة النفسية، خاصةً للمستخدمين المراهقين.
وثالثاً، وضع إطار تنظيمي لروبوتات الدردشة التي تعمل بالذكاء الاصطناعي، شبيه بتلك المطبقة على الأجهزة الطبية، بحواجز حماية واضحة، على أن يشمل ذلك معايير سلامة مناسبة للعمر، وتدابير تُحاسب شركات التكنولوجيا عند وقوع ضرر.