هذا المقال بقلم الصحفي والكاتب اللبناني عمر حرقوص*، والآراء الواردة أدناه تعبر عن رأي الكاتب ولا تعكس بالضرورة وجهة نظر شبكة CNN .
نقاش لبناني محتدم حول قرار حصر السلاح بيد الدولة، مسألة تشهد تحديات كبيرة، تتراوح بين الانقسام الداخلي الذي يصل حد التهديد بحرب أهلية وبين الضغوط الدولية المتصاعدة. يأتي هذا بظل تأكيدات رسمية على أن القرار لا رجعة فيه، رغم المخاوف من تبعاته بحال استمر "حزب الله" برفض تسليم السلاح.
وتواجه بيروت تحديات مختلفة، فهي تحاول الموازنة بين المطالب الدولية بنزع السلاح، وبين رفض "الحزب" تنفيذ التسليم ومن خلفه ضغوط إيرانية لعدم القيام بذلك، وفق ما تؤكد مصادر في العاصمة اللبنانية.
وأكد وزير الخارجية اللبناني يوسف رجي أن قرار حصر السلاح بيد الدولة قرار نهائي، موضحاً أن الجيش قد يطلب مهلة إضافية تصل إلى أسبوعين لتقديم خطته التنفيذية، مشدداً على تقديمها خلال شهر سبتمبر المقبل.
لكن وخلال زيارة المبعوث الأمريكي توماس براك يوم الإثنين إلى بيروت، ظهر أن هناك مشكلة تقنية تؤخر استكمال خطوات الحكومة اللبنانية لفرض سلطتها، والمشكلة سببها عدم قيامه باستشارة إسرائيل بالخطة التي وضعها مع بيروت لحصر السلاح وتنفيذ الانسحاب الإسرائيلي من جنوب لبنان، وفق ما تحدثت مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات الأمريكية ( FDD )، ما دفع إلى "حرب" نقاشات بين مستشاري الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، سُمعت أصداؤها في بيروت التي وضعت أمام مشكلة جديدة تحتاج لضغط من واشنطن لحلها.
المشاكل اللبنانية المرتبطة بهذا الملف لا تنتهي، حيث يرفض "حزب الله" وإسرائيل وجود قوات حفظ السلام الأممية "يونيفيل"، في جنوب لبنان، فيما تسعى أطراف دولية لتمديد مهمة هذه القوة قبل نهاية هذا الشهر، وهي تواجه تحديات ميدانية من قبل عناصر "الحزب" الذي يعمل على تقييد تحركاتها في مناطق نفوذها، وتطاردها مجموعات من عناصره تحت مسمى "الأهالي" لمنعها من بسط سيطرتها وفق القرارات الأممية، خوفاً من "عملها لصالح إسرائيل".
على الجانب الآخر، تضغط إسرائيل بقوة لوقف عمل "اليونيفيل"، بدعوى فشلها في مهمتها الأساسية المتمثلة في منع تموضع الميليشيات جنوبي نهر الليطاني، وتشير تسريبات أمريكية إلى إمكانية وقف تمويل واشنطن لـ"اليونيفيل" بالكامل، وهو ما يمثل 27% من ميزانية القوات التي تتخطى النصف مليار دولار سنوياً. وفي حال انسحاب هذه القوات، يخشى مراقبون أن تستغل إسرائيل الفراغ في المنطقة الحدودية لتفريغها، ما يؤدي إلى تهجير سكان جنوب نهر الليطاني وكذلك القاطنين في مدينة النبطية ومحيطها، ما يفاقم الأزمات، ويولد توترات اجتماعية وسياسية يمكنها إشعال صراعات أهلية داخلية.
موقف "حزب الله" من تسليم السلاح يتباين مع الموقف الرسمي اللبناني، فالحزب يعتبر أن تخليه عن سلاحه سيؤدي إلى ملاحقة قادته من قبل إسرائيل، لكن الحكومة ترد بأن الورقة الأمريكية تمنع على إسرائيل تنفيذ أي عمليات في الداخل اللبناني. وتشير مصادر سياسية إلى أن الحكومة السابقة التي كان يسيطر عليها "حزب الله" وضعت اتفاقاً مع إسرائيل ما يزال يسمح لها بالقيام بعملياتها داخل الأراضي اللبنانية، وهو ما تحاول وقفه حكومة نواف سلام.
التوتر الحدودي اللبناني الإسرائيلي مستمر، الضربات التي يتعرض لها قادة في "الحزب" ومواقع تخزين أسلحة وذخائر مستمرة. أيضاً؛ أما إعادة إعمار المناطق المهدمة جراء الحرب فهي متوقفة بانتظار حصر السلاح ووقف "الحرب المستترة"، حيث يرفض المجتمعين العربي والدولي الغوص مجدداً بإعادة بناء مناطق بكاملها خوفاً من أن تدمرها أي حرب محتملة في السنوات المقبلة.
* عمر حرقوص، صحفي، رئيس تحرير في قناة "الحرة" في دبي قبل إغلاقها، عمل في قناة "العربية" وتلفزيون "المستقبل" اللبناني، وفي عدة صحف ومواقع ودور نشر .