في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي
بغداد- تلقي الخلافات السياسية بين الكتل البرلمانية داخل مجلس النواب العراقي، والتي بلغت حد التشابك بالأيدي، بظلالها على المشهد السياسي في العراق الذي يواجه تحديات داخلية وخارجية متعددة، مثل التوترات المستمرة بين بغداد و أربيل ، والضغوط الدولية بخصوص الحشد الشعبي .
وألغت رئاسة البرلمان العراقي جلسة الثلاثاء الماضي، بسبب خلافات بين رئيس البرلمان محمود المشهداني ونائبه الأول محسن المندلاوي، مما أدى إلى مشادة كلامية وشجار بين النواب.
ولا يزال قانون الحشد الشعبي يثير انقساما حادا بين النواب، بين مؤيدين ومعارضين لإقراره، في ظل ضغوط إقليمية ودولية كبيرة -بحسب بعضهم- أدت إلى تأخير إدراج مشروع القانون على طاولة التصويت، وعرقلة الجلسات.
وأكد النائب جواد الغزالي أهمية وحدة الصف النيابي وضرورة عدم توسيع الخلافات الداخلية، مشددا على أن استمرار الخلافات يبعث برسالة سلبية للعالم مفادها أن العراق دولة ضعيفة.
وقال الغزالي للجزيرة نت إن جلسة يوم الثلاثاء الماضي التي شهدت مشادات كلامية لم تكن نتيجة لخلافات سياسية أو شخصية بين أعضاء هيئة رئاسة البرلمان، كما قد يظن البعض، وإن ما حدث سببه خلاف في الرأي حول الإجراءات القانونية المتبعة في إدارة الجلسة.
وأضاف "ما حدث هو أن النائب الأول لرئيس البرلمان، محسن المندلاوي، ترأس الجلسة في غياب الرئيس، وتم عرض أسماء مرشحي مجلس الخدمة العامة الاتحادي للتصويت، بالإضافة إلى طرح قانون التربية بناء على طلب اللجنة المختصة. وعند عودة رئيس المجلس محمود المشهداني للقاعة، رفض إضافة هذه الفقرات إلى جدول الأعمال، فأدى ذلك إلى نقاش حاد ومشادة كلامية بين عدد من النواب، الأمر الذي تسبب برفع الجلسة".
وتابع الغزالي متمنيا أن "تصل رسالة واضحة إلى جماهيرنا مفادها أن الخلافات كانت حول فقرات قانونية واختلافات في وجهات النظر تهدف جميعها إلى تحقيق المصلحة العامة، ليس أكثر من ذلك".
ودعا لتغليب المصلحة الوطنية على أي مصالح شخصية أو طائفية، مؤكدا أن البرلمان مؤسسة مهمة ينبغي أن تعكس وحدة الشعب العراقي وتعمل على إيصال رسالة للعالم بأن العراق دولة موحدة وقوية، لا مجال فيها لأي أطماع.
من جهته، أكد النائب عن المكون الشيعي علاء الحيدري أن بعض الكتل والقوى السياسية تعرقل تمرير قانون هيكلية الحشد الشعبي وقانون الخدمة والتقاعد لمجاهدي الهيئة، مشيرا إلى أن هذه المقاطعة تأتي تلبية لضغوط أميركية.
وقال الحيدري للجزيرة نت إن قانوني هيكلية الحشد الشعبي والخدمة والتقاعد للحشد أصبحا جاهزين للتصويت، إلا أن بعض الكتل أعلنت مقاطعتها لجلسات التصويت.
وأشار إلى أن مقاطعة هذه الكتل المؤسفة تأتي استجابة لضغوط خارجية، معبرا عن خيبة أمل الجماهير الموالية للحشد الشعبي من الموقف الضعيف وغير المقبول لبعض الكتل، والتي يسجل عليها محاولاتها لعرقلة تمرير هذه القوانين.
وحذّر الحيدري من أن ترحيل قانون الحشد للدورة البرلمانية القادمة سيجعل للحشديين والمحبين لهم موقفا في الانتخابات القادمة إزاء هذه الكتل.
واستكمل البرلمان العراقي القراءة الثانية لمشروع قانون "الحشد الشعبي" في 16 يوليو/تموز الماضي، وقد أُدرج مشروع القانون على جدول أعمال الجلسة بعد اكتمال النصاب القانوني، إلا أن بعض الكتل السياسية السُنِّية والكردية انسحبت احتجاجا على طريقة إدراجه.
أما عضو لجنة الأمن والدفاع النيابية، النائب وعد القدو، فرأى أن قانون هيكلية الحشد الشعبي قد تحول إلى نقطة خلاف سياسي بين الكتل النيابية، مشيرا إلى وجود محاولات لعرقلة إقراره لأسباب متعددة، منها ارتباطات بعض الكتل بأميركا، أو سعيها لاستخدامه كورقة مساومة لتمرير قوانين أخرى، خاصة مع اقتراب موعد الانتخابات.
وقال القدو للجزيرة نت إن الولايات المتحدة تسعى دائما لإبقاء العراق في حالة من عدم الاستقرار الأمني، لضمان استمرار حاجته إليها، مؤكدا أن وجود الحشد الشعبي يعيق أجندات بعض الدول الإقليمية وواشنطن على الأراضي العراقية.
وأشار إلى أن إقرار قانون هيكلية الحشد الشعبي سيُعزِّز من انضباط هذه المنظومة ويسهم في بسط سيطرة القائد العام للقوات المسلحة عليها بشكل أكبر، نظرا لارتباطها المباشر به.
وشدد القدو على أن القانون يحظى باتفاق مبدئي من قبل مكونات عراقية مختلفة، بما فيها الشيعة والسنة و الأكراد ، مما يؤكد التوافق الواسع داخل قبة البرلمان على مبدأ القانون الذي يهدف إلى تنظيم هيكلية الحشد الشعبي ليكون جزءا من القوات المسلحة، وتحديد صلاحياته وواجباته.
ووفق النائب زهير الفتلاوي، فإن الخلافات السياسية هي السبب الرئيسي وراء تعطيل إقرار قوانين مهمة ومعدة للتصويت، مؤكدا أن هذه التشريعات جاهزة من الناحيتين الفنية والدستورية.
ومن بين هذه القوانين -يقول الفتلاوي للجزيرة نت- قانون تعديل أسس تعادل الشهادات والدرجات العلمية العربية والأجنبية، وقانون وزارة التربية، مشيرا إلى أن عدم توافق الكتل السياسية هو ما يعيق تمريرها.
ورجّح الفتلاوي أن تستأنف الجلسات البرلمانية بعد انتهاء زيارة الأربعين (ذكرى مقتل الإمام الحسين بن علي )، مع إمكانية إدراج هذه القوانين للتصويت مجددا، لافتا إلى أن هناك حزمة من التشريعات المنجزة بانتظار توافق الكتل لتمريرها.
من جانبه، استبعد الأستاذ في كلية العلوم السياسية بجامعة بغداد حيدر حميد إمكانية إقرار قانون الحشد الشعبي في الدورة البرلمانية الحالية، عازيا ذلك إلى مخاوف من مواجهة محتملة مع أميركا.
وقال حميد للجزيرة نت إن المشكلة تكمن في أن واشنطن لا تفرق بين فصائل المقاومة والحشد الشعبي كمؤسسة رسمية تتبع القائد العام للقوات المسلحة، وتعتبر الأخير امتدادا للنفوذ الإيراني، مشيرا إلى أن هذا الموقف الأميركي أدى إلى تحفظ بعض القوى السياسية، خاصة ضمن المكونين السني والكردي.
وأضاف أن هناك أيضا خلافات داخل المكون الشيعي نفسه حول بعض بنود القانون، مما يزيد من صعوبة تمريره في الوقت الراهن.