آخر الأخبار

بينها الاعتراف بإسرائيل.. ماذا وراء شروط عباس للمشاركة في الانتخابات؟

شارك





لم يعد الاعتراف ببرنامج منظمة التحرير الفلسطينية والتزاماتها وقرارات الشرعية الدولية ، شرطا لانضمام الفصائل إليها فحسب، إنما أصبح شرطا للمشاركة في أي انتخابات قادمة، حتى ولو بشكل فردي.

فقد أعلن الرئيس الفلسطيني محمود عباس ، خلال استقباله وزير الخارجية الألماني يوهان فاديفول ، أول أمس الجمعة، الاستعداد للذهاب لانتخابات عامة "لن تشمل القوى السياسية والأفراد الذين لا يلتزمون ببرنامج والتزامات منظمة التحرير الفلسطينية والشرعية الدولية".

وكرر الرئيس الفلسطيني شروطه في أكثر من مناسبة، وذلك بعد أن أصدر في 19 يوليو/تموز الماضي قرارا بشأن إجراء انتخابات المجلس الوطني قبل نهاية العام، مبينا أن "من ضمن شروط العضوية التزام العضو ببرنامج منظمة التحرير الفلسطينية وبالتزاماتها الدولية وقرارات الشرعية الدولية".

عقدان بلا انتخابات

تستثني شروط الرئيس الفلسطيني بشكل مباشر فصيلين كبيرين هما حركتا حماس والجهاد الإسلامي، وقد تطال فصائل بالمنظمة لكنها تعارض اتفاق أوسلو مثل الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، كما أن الشروط تحمل ضمنا شرط الاعتراف بإسرائيل .

وأجرت أول انتخابات عامة في فلسطين بتاريخ 20 يناير/كانون الثاني 1996، لانتخاب رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية وأعضاء المجلس التشريعي الفلسطيني . ثم في عام 2006 أجريت ثاني وآخر انتخابات رئاسية وتشريعية، بينما لم تجرِ انتخابات المجلس الوطني منذ عقد مؤتمره الأول عام 1964 وإن كان بعض أعضائه منتخبين من أطرهم السياسية أو الاتحادات والنقابات.

وبينما يواصل الرئيس الفلسطيني مهامه منذ عقدين، فإن المجلس التشريعي دخل مرحلة الشلل بعد أقل من عام على تشكيله بسبب الانقسام الفلسطيني عام 2007، ثم قرر المحكمة الدستورية العليا حله عام 2018.

إعلان

الجزيرة نت تحدثت إلى خبراء حول فرص إجراء الانتخابات ومنها التشريعية والرئاسية ومغزى اشتراطات الرئيس ومدى قانونيتها.

مصدر الصورة العويوي: الظروف يجب أن تنضج لإجراء الانتخابات وأبرزها وقف العدوان (الجزيرة)

للانتخابات مرجعيات

قبل الخوض في تفسير اشتراطات الرئيس، يرى الكاتب والمحلل السياسي أسعد العويوي، أن إمكانية إجراء الانتخابات في ظل الظروف الميدانية والسياسية في فلسطين مستبعدة، موضحا أن الظروف التي يعيشها الشعب الفلسطيني في ظل الحرب والإبادة والاعتداءات وما يقوم به الاحتلال في غزة والضفة "لا يمكن أن تسمح على الإطلاق بإجراء الانتخابات لا للمجلس الوطني ولا غيره".

ويضيف أن الظروف يجب أن تنضج لإجراء الانتخابات وأبرزها وقف العدوان وتوافق وطني على إجرائها في الداخل والخارج.

وعن شروط المشاركة التي وضعها الرئيس، يوضح العويوي أن للانتخابات مرجعيات قانونية وأنظمة داخلية؛ ومرجعية انتخابات المجلس الوطني الميثاق الوطني الفلسطيني، "وإذا كان الميثاق يفرض على من يدخل الانتخابات أن يعترف بدولة الاحتلال فليكن ذلك، وإذ كان غير ذلك فعلينا الالتزام بما ينص عليه".

ويتابع المحلل الفلسطيني أن الاحتلال لا يعرف بالحد الأدنى من الحقوق الفلسطينية، بل ويريد أن يقتلع الشعب ويستولي على أرضه وينهي طموحاته في الاستقلال والانعتاق من الاحتلال "وبالتالي لا يمكن في هذه الظروف أن نقول إن علينا الاعتراف بكيان يمارس التطهير العرقي وذبح الشعب الفلسطيني بشكل يومي".



تكتيك أم نهج؟

وقال العويوي إنه في الوقت الذي أصبح فيه العالم يرى الوجه البشع للاحتلال ويطالب بمحاكمة قادته، ويضع علامات استفهام حول شرعيته، لا يمكن فرض الاعتراف بإسرائيل على أي مكون فلسطيني.

وبما أن الظروف غير ناضجة، يفسر العويوي اشتراطات الرئيس الفلسطيني بأنها جاءت "نتيجة ضغوطات كبيرة جدا، وفي ظل حصار مالي وسياسي تتعرض له السلطة" مشيرا إلى "ضغوط من اللوبي الصهيوني والولايات المتحدة الأميركية التي تتساوق مع ما يريده اليمين الفاشي الإسرائيلي، وهو أن ألا يكون للفلسطينيين وطن قومي على أرض فلسطين التاريخية".

ورجّح أن تكون تصريحات الرئيس "من باب التكتيك والمناورة السياسية للحفاظ على الكينونة الفلسطينية في الوطن، وهو يعلم جيدا أكثر من غيره أن الانتخابات غير ممكنة، وأن الإسرائيليين لا يريدون أن يعطوا الفلسطينيين أي شيء".

وتابع أن عباس يواجه اليوم ضغوطا كبيرة ومحاولات لطمس هوية الشعب الفلسطيني وتعريض المشروع الوطني للخطر من دولة تمارس التطهير العرقي برعاية أميركية.

مصدر الصورة نزال: الدعوة للانتخابات الآن منفردة من دون توافق وهي وصفة لتعميق الانقسام وإدامته (الجزيرة)

دعوة منفردة

من جهته يقول الكاتب والصحفي عمر نزال، إن أي عملية انتخابية وأي قضية كبرى تخص الفلسطينيين يجب أن تكون محل توافق وطني، وهو ما حصل في عدة محطات آخرها وأهمها مخرجات اجتماع بكين (يوليو/تموز 2024) والتي أكدت فيه الفصائل على وجوب التوافق في القضايا الوطنية الكبرى.

إعلان

ويرى نزال أن دعوة الرئيس "أشبه بدعوة منفردة من دون توافق، وبالتالي هي وصفة لتعميق الانقسام وإدامته".

وفيما يتعلق بقرار إجراء انتخابات المجلس الوطني، قال الصحفي الفلسطيني إن المجلس يمثل الكل الفلسطيني في الضفة وغزة والخارج، متسائلا: هل يمكن عقد الانتخابات في غزة في ظل الإبادة والتجويع ؟ أم الأولوية الكبرى هي وقف الإبادة؟ وكيف يمكن لفلسطينيي الخارج أن ينتخبوا؟ وأي آليات أو نظام انتخابي سيحكمها؟ وأي لجنة ستديرها؟ وهل نتحدث عن انتخابات مجلس وطني في الضفة فقط؟

ويشير الصحفي الفلسطيني إلى إلغاء الانتخابات عام 2021 بمرسوم رئاسي تحت شعار "لا انتخابات بدون القدس "، متسائلا: هل سنتخلى عن القدس وتجرى الانتخابات بدونها أم هناك ضمانات بأن تشملها؟



ما الأولوية؟

وعن شروط الترشح، قال نزال إن مبدأ الانتخابات في كل العالم هو التنافس بين البرامج السياسية، أما إجراؤها تحت مظلة برنامج واحد هو منظمة التحرير والتزاماتها "فهذا يعني استبعاد أي شخص أو حزب لديه برنامج بديل أو مختلف، وكأن الأمر يتعلق بانتخابات داخلية لحركة فتح وبعض القوى الموافقة على اتفاق أوسلو والتزامات المنظمة".

ولفت إلى أن اشتراطات الرئيس الفلسطيني تحول دون مشاركة فصائل بمنظمة التحرير تعارض اتفاق أوسلو، فضلا عن حرمان فصائل كبرى خارج المنظمة.

وفي ظل الواقع الحالي وحرب الإبادة في غزة والتصعيد في الضفة، يتساءل نزال: هل الانتخابات أولوية للشعب الفلسطيني؟ أم حماية أنفسنا؟

وبرأي الكاتب الفلسطيني فإن ما دفع الرئيس لوضع اشتراطات تقديراته أو تقديرات القيادة الفلسطينية لتلبية بعض مطالب بعض الأطراف الأوروبية التي تتحدث عن الإصلاح في السلطة الفلسطينية والواقع الفلسطيني.

ويضيف أن الإصلاح المطلوب يجب أن يكون على المقاس والطريقة الفلسطينية في ظل توافقات وطنية "وليس بخطوة لا معنى لها، بل تشكل قفزة في الهواء بلا نتيجة".

مصدر الصورة الأطرش: القانون الأساسي لم يضع أي قيود سياسية للمشاركة في الانتخابات ولا يمكن تعديله حاليا (مواقع التواصل)

رأي قانوني

تخضع انتخابات المجالس الوطني للنظام الداخلي لمنظمة التحرير، بينما تنظم مجموعة قوانين الانتخابات التشريعية والرئاسة، فأين مرسوم الرئيس من كل ذلك؟

هنا يوضح الخبير القانوني والباحث في حقوق الإنسان فريد الأطرش، أنه لا يجوز وضع قيود على مرشحي الانتخابات تخالف القانون الأساسي وقانون الانتخابات.

ويضيف في حديثه للجزيرة نت أن القانون الأساسي الفلسطيني يجيز المشاركة في الحياة السياسية للأفراد والجماعات، بما في ذلك تشكيل الأحزاب السياسية والانضمام إليها وتشكيل النقابات والجمعيات والاتحادات، فضلا عن حق المواطنين في الترشح والتصويت لاختيار ممثليهم بالاقتراع المباشر .

وذكر أن القانون الأساسي لم يضع أي قيود "سياسية"، إنما المتعارف عليه مثل تحديد سن المرشحين "فلا يشترط القانون الأساسي -مثلا- على المرشحين الاعتراف بحل الدولتين ".

وهنا يلفت الخبير القانوني إلى أن القانون الأساسي الفلسطيني، وهو بمثابة الدستور، لا يعدّل إلا بموافقة ثلثي أعضاء المجلس التشريعي وهو محلول وغير موجود حاليا.



تواطؤ أوروبي

رغم وضوح القوانين، لم يستبعد الأطرش إمكانية إصدار الرئيس الفلسطيني قرارا بقانون يجري بموجبه تعديلات على قانون انتخاب المجلس التشريعي بإضافة شروط الترشح التي أعلن عنها بما فيها الموافقة على حل الدولتين والالتزام ببرنامج منظمة التحرير.

إعلان

وبرأي الأطرش فإن أي تعديل -إن حصل- "يعني تشكيل مجلس تشريعي على المقاس، ولن تكون الانتخابات ديمقراطية ونزيهة" وهنا لا يستبعد إمكانية وجود "تواطؤ أوربي وأميركي لتمرير الشروط المخالفة للاتفاقيات الدولية والمقيّدة لحرية الرأي والتعبير والحق في المشاركة السياسية، خدمة لأغراض سياسية".

وتابع أن أي انتخابات مشروطة ستحرم شريحة كبيرة من المواطنين من المشاركة وتقتصر على جماعة بعينها، وستنتج مجلسا تشريعيا أو وطنيا على المقاس، من دون معارضة.

ومقابل التقييد الذي وضعه الرئيس الفلسطيني، أشار الأطرش إلى الساحة السياسية في إسرائيل وما فيها من لاعبين وأحزاب سياسية ببرامج مختلفة بعضها ينكر حل الدولتين ولا يعترف بحق الفلسطينيين في الوجود.

الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك

أخبار ذات صلة


الأكثر تداولا اسرائيل حماس أمريكا

حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا