قُتل 86 فلسطينياً جرّاء قصف وإطلاق نار إسرائيلي على قطاع غزة منذ فجر السبت، من بينهم 36 شخصاً من منتظري المساعدات الإنسانية.
وقالت إسرائيل إنها أطلقت طلقات تحذيرية على من وصفتهم بـ"المشتبه بهم"، لكن رجلاً كان ضمن المجموعة التي أُصيبت، قال إنه لم تكن هناك تحذيرات قبل أن تبدأ الدبابات في إطلاق النار.
وقال المتحدث باسم جهاز الدفاع المدني في القطاع محمود بصل، إن القتلى من منتظري المساعدات الإنسانية بينهم سيدة وعدد من الأطفال، إضافة إلى أكثر من 100 إصابة، وقد لقوا حتفهم "قرب مركزين لتوزيع المساعدات غرب خان يونس ورفح" في جنوب القطاع.
وذكر شهود عيان أنه مع تجمّع مئات الفلسطينيين في محيط مركز توزيع المساعدات التابع لـ"مؤسسة غزة الإنسانية" المدعومة من إسرائيل والولايات المتحدة، قرب خان يونس، أطلق جنود إسرائيليون النار.
من جهته، قال الجيش الإسرائيلي إنه رصد في منطقة رفح أشخاصاً "مشبوهين" يقتربون من جنوده وعندما لم يستجيبوا لمطالبتهم بالتراجع، فتح الجنود النار لتحذيرهم. وأضاف أنه تلقى تقارير بسقوط ضحايا.
وأشار إلى أنه "يحقق" بشأن الحادث الذي وقع ليلاً على بعد نحو كيلومتر من مركز لتوزيع المساعدات يكون مغلقاً في مثل ذاك الوقت.
وقالت "مؤسسة غزة الإنسانية" عبر منصة إكس، إنها حذّرت "مراراً الأفراد الذين يسعون إلى الحصول على مساعدات من التوجه إلى مراكزها خلال الليل أو في وقت مبكر صباحاً"، مشيرة إلى وجود "معلومات "خاطئة" عن سقوط قتلى قرب مراكزها.
وبدأت "مؤسسة غزة الإنسانية" عملياتها في أواخر مايو/أيار في قطاع غزة عبر عدد من مراكز توزيع المساعدات.
وترفض الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية الإنسانية العمل مع المؤسسة بسبب مخاوف بشأن حيادها وغموض مصادر تمويلها.
وبعد أسابيع من التقارير شبه اليومية عن مقتل عشرات الفلسطينيين أثناء انتظارهم المساعدات وعن مشاهد الفوضى والتدافع، أقرّت المؤسسة بأن 20 شخصاً قضوا في حادث يوم الأربعاء قرب مركز تابع لها في جنوب غزة.
وأبلغت الأمم المتحدة، الثلاثاء الماضي، أنها أحصت سقوط 875 قتيلاً من منتظري المساعدات منذ أواخر مايو/أيار، بمن فيهم 674 "قرب مراكز تابعة لمؤسسة غزة الإنسانية".
بدورها أكدت وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، السبت، أن لديها مخزونات غذائية تكفي قطاع غزة برمته لأكثر من ثلاثة أشهر. وطالبت الوكالة عبر منصة إكس، بفتح المعابر و"وضع حدٍّ للحصار".
ويأتي ذلك في الوقت الذي يشارك فيه مفاوضون من إسرائيل وحماس في الجولة الأخيرة من محادثات وقف إطلاق النار في الدوحة منذ 6 يوليو/ تموز، حيث يناقشون مقترحاً مدعوماً من الولايات المتحدة لوقف إطلاق النار لمدة 60 يوماً.
ويسعى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لاستغلال وقف إطلاق النار للتفاوض على صفقة أوسع لإنهاء الحرب، بما في ذلك حكم جديد يستبعد حماس. وتتضمّن الصفقة إطلاق سراح 10 رهائن إسرائيليين أحياء، ورفات 18 رهينة، وإطلاق سراح سجناء فلسطينيين من السجون الإسرائيلية، وزيادة هائلة في المساعدات الإنسانية إلى غزة، وفقاً لأكسيوس.
وقال عبد العزيز عابد، البالغ من العمر 37 عاماً، لفرانس برس إنه توجّه مع خمسة من أقاربه قبل شروق الشمس إلى منطقة الطينة للحصول على مساعدات، وإن الجنود "الإسرائيليين فتحوا النار بكثافة على الناس وقتلوا وأصابوا كثيرين منهم".
وأضاف "لم أتمكّن أنا وأقاربي من الحصول على شيء. كل يوم أذهب هناك ولا نجني إلا الرصاص والتعب بدلاً من الطعام"، متابعاً "ارحموا أهل غزة".
بدورها، أدانت وزارة الخارجية الفلسطينية، اليوم السبت، ما أسمته بـ"جرائم القتل الجماعي التي تستهدف مراكز توزيع المساعدات في قطاع غزة..".
واعتبرت الوزارة في بيان، أن "هذه الجريمة تشكل حلقة جديدة في مسلسل القتل العمد الذي يلاحق أكثر من مليوني مواطن في القطاع، بأشكال متعددة تشمل القصف والتجويع والتعطيش والحرمان من العلاج والأدوية، في محاولة لفرض التهجير القسري عليهم".
وقالت إيري كانيكو المتحدثة باسم مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، إنه تم رفض طلبات العديد من الوكالات بالدخول إلى غزة.
وبيّنت أن إسرائيل رفضت تجديد تأشيرة دخول جوناثان ويتال، رئيس مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، إضافة إلى أن تأشيرات دخول موظفي الأمم المتحدة تم تجديدها في الآونة الأخيرة لفترات أقصر من المعتاد، وتم حجب التصاريح الممنوحة للموظفين الفلسطينيين لدخول القدس الشرقية.
وقالت كانيكو "في الأسبوع الماضي، تم إبلاغنا أن السلطات الإسرائيلية لن تمدد تأشيرة رئيس مكتبنا الحالي جوناثان ويتال إلى ما بعد أغسطس/ آب. جاء ذلك مباشرة بعد التصريحات التي أدلى بها في مؤتمر صحفي حول مقتل أشخاص يتضورون جوعاً أثناء محاولتهم الوصول إلى الطعام".
وفي سياق منفصل، دخل بطريرك القدس للاتين بييرباتيستا بيتسابالا إلى غزة يوم الجمعة، لتقديم المساعدات الإنسانية للمصابين في القصف الإسرائيلي على الكنيسة الكاثوليكية الوحيدة في القطاع الفلسطيني.
وقال في مقابلة مع صحيفة كورييري ديلا سيرا الإيطالية، إن الوجود الكاثوليكي سيبقى في غزة "مهما حدث"، وعبّر عن شكوكه إزاء تصريحات إسرائيل بأن القصف جاء بطريق الخطأ.
وقال "لسنا هدفاً. يقولون إنه كان خطأ. حتى لو كان الجميع هنا يعتقد أنه لم يكن كذلك".
وكتب أندريا تورنييلي، مدير التحرير في دائرة الاتصالات بالفاتيكان، على موقع الفاتيكان الرسمي أن تصريحات إسرائيل بأن الهجوم ناجم عن خطأ ووعودها بإجراء تحقيق "لا يمكن أن تكون مطمئنة".
وقال "ليس فقط لأنها تتناقض مع صور المساجد التي تحولت إلى أنقاض، والكنائس التي تعرضت لهجمات.. بل أيضاً لأنه وبعد مرور عام ونصف العام، لم تظهر بعد أي نتائج للتحقيق في مقتل امرأتين مسيحيّتين برصاص قناص في الكنيسة بغزة".
واندلعت الحرب في غزة بعد هجوم شنّته حماس في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023 على جنوب إسرائيل أسفر عن مقتل 1219 شخصاً، معظمهم من المدنيين، وفقاً لتعداد وكالة فرانس برس استناداً إلى أرقام رسمية.
وتردّ إسرائيل منذ ذلك الوقت بحرب مدمّرة قتل فيها 58,667 فلسطينياً في قطاع غزة غالبيتهم مدنيون، وفق آخر حصيلة لوزارة الصحة التي تديرها حماس.