أصبحت روسيا أول دولة تعترف رسميا بحكومة أفغانستان، منذ أن تولت حركة طالبان زمام الحكم في البلاد عام 2021.
فمنذ سيطرة طالبان على العاصمة كابل قبل 4 سنوات وإطاحتها بحكومة الرئيس السابق أشرف غني، بدأت عدة دول -بما فيها من كانت تعتبر الحركة عدوا تاريخيا- بتفعيل قنوات التواصل معها.
ورغم هذا الانفتاح الحذر، لم تُقدم أي دولة حتى الخميس الماضي على خطوة الاعتراف الرسمي بالحكومة الأفغانية، حتى بادرت روسيا بخطوة تعد نقطة تحول في الموقف العالمي تجاه طالبان.
فما الخطوة التي اتخذتها روسيا تحديدا تجاه طالبان، وهل يمهّد هذا التحرك الطريق أمام دول أخرى لإقامة علاقات دبلوماسية رسمية مع الحركة؟
أصدرت الخارجية الروسية بيانا أعلنت فيه أن اعتراف موسكو الرسمي بحكومة طالبان من شأنه أن يفتح الباب أمام تعاون ثنائي مثمر مع أفغانستان.
وذكرت الخارجية أن الاعتراف الرسمي بحكومة الإمارة الإسلامية في أفغانستان من شأنه أن يشكل دافعا لتعزيز العلاقات المشتركة بين البلدين على مختلف الأصعدة.
كما أكدت الوزارة الروسية سعيها لتطوير الشراكة الثنائية في مختلف القطاعات.
من جهتها، ذكرت الخارجية الأفغانية -عبر منشور على منصة "إكس" يوم الخميس- أن السفير الروسي في كابل ديمتري جيرنوف التقى الوزير أمير خان متقي، وأبلغه بقرار الكرملين الاعتراف بالإمارة الإسلامية في أفغانستان.
وبدوره، أشاد متقي بالقرار الروسي واعتبره خطوة جريئة تستحق التقدير، معربا عن أمله في أن تحذو دول أخرى حذو موسكو في التعامل مع حكومة طالبان.
عام 1979، غزت القوات السوفياتية أفغانستان لإقامة حكومة شيوعية، مما أدى إلى حرب استمرت 10 سنوات مع المجاهدين الأفغان -الذين قيل إنهم تلقوا دعما من الولايات المتحدة- قُتل فيها نحو 15 ألف جندي سوفياتي.
لا تعترف الأمم المتحدة رسميا بالحكومة التي شكلتها طالبان، وتصفها بـ"السلطات الفعلية". لكن العديد من الدول تتعامل دبلوماسيا مع طالبان دون الاعتراف الرسمي بها.
وقعت شركة تابعة لمؤسسة النفط الوطنية الصينية عقدا لاستخراج النفط من نهر آمو داريا لمدة 25 عاما، وذلك عام 2023.
عام 2024، اعترفت بموفد رسمي يمثل طالبان لكنها أوضحت أنها لا تعترف بالحكومة نفسها.
استضافت اجتماعا ثلاثيا لوزراء خارجية الصين وباكستان وحكومة طالبان الأفغانية، وذلك عام 2025.
من المرجح أن كل دولة ستقرر بنفسها متى وما إذا كانت ستعترف رسميا بحكومة طالبان، رغم أن العديد منها يتعامل مع الحركة بالفعل بأسلوب يقترب من مستوى الاعتراف الكامل.
يقول كبير تانجا نائب مدير مؤسسة "أوبزيرفر ريسيرش فاونديشن" في نيودلهي -في تصريح لقناة الجزيرة- إن دول الجوار الأفغاني تجد نفسها مضطرة للتعامل مع حركة طالبان لأسباب إستراتيجية وأمنية بحتة.
وأضاف تانجا أن بعض دول آسيا الوسطى، إلى جانب الصين، قد تحذو حذو روسيا في الاعتراف بحركة طالبان.
وأشار إلى أن اعتراف روسيا بطالبان يُعد خطوة ذات أبعاد جيوسياسية، تعزز من موقع موسكو في كابل، وفي الوقت ذاته تمنح طالبان انتصارا دبلوماسيا مهما.