آخر الأخبار

حرب غزة: لماذا حذفت وزارة الصحة في القطاع مئات الأسماء من أحدث قوائم الضحايا؟ - بي بي سي لتقصي الحقائق

شارك
مصدر الصورة

أصدرت وزارة الصحة في غزة حصراً لعدد ضحايا الحرب في القطاع منذ بدايتها في قائمة جديدة لشهر مايو/أيار الماضي. تأتي القائمة الجديدة بعد جدل واسع أثارته القوائم السابقة، حيث ركزت تقارير على حذف مئات الأسماء التي كانت مدرجة في القوائم التي صدرت قبل أكتوبر/تشرين الأول 2024.

في الوقت نفسه، برزت تقارير من قبل بعض المؤسسات الإعلامية، مثل فوكس نيوز وجيروزاليم بوست - قبل أن تتراجع - وغيرها، تستنتج بأن 72 في المئة من الوفيات هم من الذكور الذين تتراوح أعمارهم بين 13 و55 عاماً، وهي فئة عمرية يقول مؤيدو إسرائيل بحسب تقرير المنظمة إنها تضم بشكل رئيسي مقاتلين.

يذكر أن القانون الدولي الإنساني ينص على أن 18 عاماً هو السن القانونية الدنيا لتجنيد الأفراد واستخدامهم في الأعمال العدائية.

وتبرز من وقت لآخر تقارير إعلامية وبحثية تشكك في صحة أرقام هذه القوائم وطرق رصدها، مثل تقرير معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى الصادر في يناير/كانون الثاني العام الماضي، الذي شكك في قدرة وزارة الصحة في غزة على إحصاء عدد القتلى في ساحة معركة مثل غزة بجانب عدد مسلحي غزة المدفونين في الأنفاق، أو عدد الأشخاص الذين دُفنوا خلال عمليات الدفن الجماعي الذين لا يمكن عدهم.

أشار التقرير إلى إنه غالباً ما لا تُعرف الحصيلة الفعلية إلا بعد انتهاء الأعمال العدائية، وأن قوائم الضحايا تم التلاعب بها للتقليل من عدد القتلى من المسلحين والمبالغة في نسبة الضحايا من غير المقاتلين، وعزا ذلك إلى أن حماس لديها دوافع لتحريف الأرقام بهذه الطريقة.

ووفقاً للقانون الدولي للأمم المتحدة، فإن الحد الأدنى لسن القتال هو 15 عاماً للقوات المسلحة الحكومية والجماعات المسلحة غير الحكومية.

قمنا في فريق بي بي سي لتقصي الحقائق بتحليل البيانات الأخيرة ومقارنة القائمة الصادرة في مايو/أيار 2025 مع القائمة الصادرة في أكتوبر/تشرين الأول 2024 (أي بعد عام من الحرب).

وأظهرت نتائجنا حذف ما لا يقل عن 1,787 اسماً من القائمة الأحدث الصادرة في مايو/أيار 2025.

مصدر الصورة

رئيس قسم الإحصاء في وزارة الصحة في غزة، زاهر الوحيدي، أكد لنا أن الأخطاء والحالات التي أدرجت على القوائم التي سبقت صدور قائمة أكتوبر 2024 لم تكن اللجنة القضائية قد تحققت منها، لذا "تم تنقيحها" و أزيلت من القائمة الصادرة في 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

كانت السلطات الفلسطينية في غزة قد كونت لجنة قضائية جديدة في يوليو/تموز 2024 للنظر في بلاغات حالات القتلى المُبلغ عنها من قبل الأهالي.

وقال الوحيدي: "إن جميع الأسماء التي لم تُستكمل بشأنها إجراءات المراجعة القضائية تم سحبها مؤقتاً من القوائم منذ أكتوبر/تشرين الأول 2024".

وقال الوحيدي لبي بي سي: "تمت إزالة أسماء من القائمة الأخيرة كانت موجودة في قائمة أكتوبر/تشرين الأول الماضي لعدة أسباب؛ منها أسماء ثبت أنها على قيد الحياة، وحالات وفاة طبيعية لم تكن نتيجة الحرب، وحالات تم تسجيلها خطأً". وأضاف الوحيدي أنه أثناء التحقيقات، اتضح أن "العدد الأكبر من الأسماء المزالة يعود لعدم حضور الأهل للمحكمة خلال التحقيقات بعد تبليغهم".

كما أوضح أسباب حذف 1,787 اسماً من قائمة ضحايا حرب غزة الصادرة في مايو/أيار 2025 التي كانت مدرجة على قائمة أكتوبر/تشرين الأول 2024، قائلاً إن إزالة هذه الأسماء تعود لعدة أسباب؛ إذ تمت إزالة 283 اسماً تبين أن أصحابها لا يزالون على قيد الحياة، أو لم تثبت وفاتهم، و26 اسماً تم تسجيله خطأً داخل المستشفيات، و165 حالة يعود فيها سبب الوفاة لأسباب غير مرتبطة بالحرب، بينما حمل 28 اسماً خطأ في التهجئة، وأكثر من 1,280 اسماً قدم للتحقيق من قبل المحكمة وتم تبليغ الأهل ولكنهم تغيبوا عن الحضور أو التأكيد.

كما أظهر تحليلنا أن النسبة الفعلية للوفيات بين الذكور الذين تتراوح أعمارهم بين 13 و55 عاماً هي حوالي 49 في المئة فقط من إجمالي الأسماء المذكورة في القائمة الصادرة في كل من مارس/آذار، ومايو/أيار هذا العام، وهذا يتناقض مع التقارير التي تقول إن "معظم القتلى" هم من الذكور في سن القتال.

وكانت منظمة "أونست ريبورتنغ" (Honest Reporting) الأمريكية قد نشرت تحليلاً لقوائم ضحايا الحرب في غزة الصادرة في مارس/آذار الماضي، وقالت إن 72 في المئة من إجمالي الضحايا الذين تتراوح أعمارهم بين 13 و55 عاماً هم من الذكور. وهذا صحيح، إلا أن بعض وسائل الإعلام أساءت نقل الرقم، واصفة غالبية القتلى بأنهم كانوا "رجالاً" في "سن القتال" ضمن هذه الفئة العمرية.

وقد أظهر تحليلنا للقوائم الصادرة شهري مارس/آذار، ومايو/أيار الماضيين نفس النتائج، والتي أشارت إلى أن حوالي 49 في المئة فقط من إجمالي الأسماء المذكورة في القائمة هم من الذكور في هذه الفئة العمرية.

مصدر الصورة

ومن الجدير بالذكر أنه لا يوجد دليل قاطع يدعم الادعاء بأن الذكور الذين تتراوح أعمارهم بين 13 و55 عاماً هم في الغالب مقاتلون. وتشير بعض الدراسات إلى أن القتلى ضمن هذه الفئة العمرية هم عادةً من الذكور، إذ إن الشباب الذكور أكثر عرضة للتنقل من الإناث، وبالتالي، هم أكثر عرضةً للقتل في النزاعات المسلحة، غالباً بسبب احتمال الاعتقاد الخاطئ بأنهم مقاتلون.

في هذا السياق، قال البروفيسور مايكل سباغات، الاستشاري الاقتصادي في جامعة رويال هولواي بلندن ورئيس مبادرة "كل ضحية تهم" Every Casualty Counts في تعليقه علي قائمة مارس/آذار الماضي، إن "كل ضحية مهمة"، وإنه "إذا اعتمدنا تعريفاً معيارياً للأطفال بأنهم دون سن 18 عاماً، فإن النساء والأطفال يُشكلون 50.8 في المئة من الوفيات، أي 'معظمهم'، وإن كان بنسبة ضئيلة"، مضيفاً أن "نسبة الذكور البالغين بين القتلى تتزايد تدريجياً خلال الحرب، ومن المرجح أن تتجاوز 50 في المئة قريباً، لكنها لم تصل إلى هذا الحد بعد".

وعلّق سباغات على مسألة حذف الأسماء من القوائم قائلاً: "إن قيام وزارة الصحة بحذف الأسماء ليس دليلاً على التلاعب، بل هو دليل على سعيها الدائم لتحسين جودة بياناتها. لو كانوا يتلاعبون، لكانوا على الأرجح قد تركوها".

وأضاف سباغات أن عمليات الحذف لا تؤثر إلا بشكل طفيف على نسبة النساء والأطفال، بل إنها في الواقع تُخفّض هذه النسبة بشكل طفيف - وهذا يتعارض مع محاولة التلاعب بهذه النسبة وزيادتها.

يذكر أنه بحسب آخر إحصائيات وزارة الصحة في غزة وصل عدد القتلى، حتى توقيت نشر هذا التقرير، إلى 55,706 شخصاً.

في الأشهر الأولى من الحرب، كانت وزارة الصحة في غزة تعتمد على حساب أعداد القتلى من خلال عد الجثث التي تصل إلى المستشفيات، وفقاً للمتحدث باسم الوزارة. ومع تدهور الأوضاع، ومنذ بداية عام 2024، أدخلت الوزارة نظاماً إلكترونياً يتيح للأهالي الإبلاغ عن ذويهم المتوفين أو المفقودين.

ورغم أن الأمم المتحدة تستشهد بهذه القوائم، إلا أن إسرائيل تشكك في دقتها وتتهم حماس باستخدامها كأداة دعائية.

شارك في الإعداد: فريدة السباعي، وليندا الوكاع

بي بي سي المصدر: بي بي سي
شارك

أخبار ذات صلة


الأكثر تداولا اسرائيل إيران أمريكا

حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا