في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي
يبدو أن حكومة بنيامين نتنياهو تسير على حبل مشدود، مع تصاعد أزمة قانون تجنيد الحريديم ووصولها إلى مرحلة قد تعصف بالائتلاف الحاكم. ففي تطور لافت، يباشر الكنيست الإسرائيلي اليوم تصويته الأولي على مشروع قانون لحلّ نفسه، وهو ما تعتبره المعارضة خطوة تمهيدية نحو انتخابات مبكرة قد تقلب موازين المشهد السياسي الإسرائيلي برمته.
التصويت المرتقب في الكنيست لا يعني حله الفوري، بل يمثل خطوة أولى ضمن أربع قراءات ضرورية لاعتماد القانون بشكل نهائي. غير أن مجرد طرح المشروع للتصويت يعكس حجم الاحتقان داخل الائتلاف الحاكم، والتصدعات التي أحدثتها أزمة إعفاء الحريديم من الخدمة العسكرية، وهي المسألة التي استعصت على الحكومة تمرير قانونها بشأنها حتى الآن.
يرى الكاتب والباحث السياسي علي واكد في هذا التطور مؤشرا على "بداية النهاية"، مؤكدا في حديثه لبرنامج الظهيرة على سكاي نيوز عربية أن "هناك شبه إجماع بين الساسة وأعضاء الكنيست المقربين من دوائر صناعة القرار بأن هذه الحكومة التي كان يُعتقد أنها ستستمر حتى نهاية ولايتها، ستنهي عمرها قبل ذلك بكثير".
خيارات نتنياهو.. المناورة أم الانهيار؟
رغم خطورة المشهد، لا تزال بيد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أوراق قد تؤجل السقوط. فحتى إذا مر قانون حل الكنيست في قراءته التمهيدية، فإنه سيحال إلى لجنة الكنيست التي يترأسها الليكود، وهناك يمكن المماطلة لأشهر، وفق واكد، الذي أوضح أن "رئاسة لجنة الكنيست تتيح لنتنياهو تأخير طرح القانون لأسباب فنية، ومن خلال ذلك محاولة إذابة الخلافات أو ابتكار صياغات وسطية".
من بين الأوراق التي قد يلجأ إليها نتنياهو أيضاً، وفق واكد، التحرك لكسر صفوف المعارضة أو استمالة بعض قادتها، كدعوة بني غانتس – زعيم حزب "الوحدة الوطنية" – للانضمام إلى الحكومة، ما قد يؤدي إلى "خلط الأوراق وإرباك المعارضة، وفي الوقت نفسه إظهار بدائل أمام الحلفاء المتمردين داخل الائتلاف".
تصدعات داخل الائتلاف وقلق أمريكي محدود
ويزداد الوضع تعقيدا مع ضغوط الأحزاب المتدينة التي تتمسك بالإعفاء من الخدمة العسكرية لشباب الحريديم، مقابل دعوات من أطراف أخرى، مثل بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير، نحو تعزيز دور الجيش أو حتى ضم الضفة الغربية. هذه التناقضات تهدد وحدة الائتلاف، وتفتح الباب أمام انشقاقات قد تسقط الحكومة قبل الموعد المتوقع.
ويؤكد واكد أن "كل حزب في الائتلاف سيبحث عن ذريعة أمام جمهوره في حال انهارت الحكومة"، مشيرا إلى أن سموتريتش قد يلجأ إلى تبرير الخروج برفض توسيع الحرب، بينما قد يتذرع بن غفير بعدم تبني قانون لضم الضفة.
أما على الصعيد الدولي، فيرى واكد أن "الثقة بالموقف الأميركي محدودة" في هذه المرحلة، إلا إذا كانت هناك تطورات كبيرة تتعلق بالملف الإيراني أو بصفقة تبادل الأسرى مع حماس. لكن حتى الآن، لا يبدو أن نتنياهو يمتلك ضوءاً أخضر أمريكياً كافياً لتفكيك أزمته الداخلية.
ولا تقتصر معركة الحكومة على الكنيست والمعارضة، بل تمتد إلى الشارع والمؤسسة القضائية. المحكمة العليا، التي سبق وأبطلت تخصيص الميزانيات لطالبي الإعفاء، تضغط باتجاه البدء بتجنيد الحريديم.
ومع اتساع رقعة الاستياء الشعبي بعد السابع من أكتوبر باتت مسألة المساواة في الخدمة أكثر حساسية من أي وقت مضى حيث شارك آلاف الجنود في المعارك بينما أُعفي آلاف آخرون.
ويقول واكد في هذا السياق: "المحكمة العليا تطالب بتجميد جزء من المخصصات كخطوة أولى، وهي لا تبحث فقط في الإعفاء بل في مبدأ الشراكة في العبء العسكري"، مشيراً إلى أن نتنياهو يواجه اليوم رأيا عاما يرى أن "نظرية الجيش الصغير لم تعد ناجعة، ويجب أن يشارك الجميع في هذا الجهد العسكري".
ومع تزايد الضغوط من الداخل والخارج، وتعمّق الهوة بين مكونات الائتلاف، يواجه نتنياهو استحقاقاً مفصلياً قد يحدد مصير حكومته.
وبين من يرى أن "كرة الثلج قد بدأت" ومن يراهن على قدرة نتنياهو على المناورة حتى اللحظة الأخيرة، يبقى مصير الحكومة مرهوناً بمواقف الحريديم من جهة، وحسابات رئيس الوزراء السياسية من جهة أخرى.
وكما ختم علي واكد تحليله: "تقديم موعد الانتخابات سيكون فقط في اللحظة التي يراها نتنياهو مناسبة، وتمنحه أكبر حافز لتجاوزها والانتصار فيها. لكن إن بدأت كرة الثلج، فقد لا يستطيع أحد إيقافها".