آخر الأخبار

نيويورك-باريس في أقل من 4 ساعات.. هل يتحقق الحلم في 2029؟

شارك

نيويورك-باريس في أقل من 4 ساعات؟ يبدو كأنه حلم من الماضي، لكن رجل أعمال أميركي يُحاول بكل جهد أن يعيد هذا الحلم إلى الواقع.

فمنذ أن توقفت طائرة الكونكورد الفرنسية البريطانية عن الطيران عام 2003 بسبب تكاليف التشغيل الباهظة وحادث مأساوي على مدرج مطار باريس، بدت نهاية الطيران الأسرع من الصوت حتمية.

لكن اليوم، يبرز اسم شركة ناشئة تحمل اسما يحمل دلالة رمزية هو "بوم سوبرسونيك"، في محاولة لإحياء تجربة السفر بسرعة تفوق سرعة الصوت، ولكن وفق رؤية اقتصادية وتقنية جديدة، بحسب ما أوردته صحيفة وول ستريت جورنال الأميركية في تحقيق مطول.

وذكرت الصحيفة الأميركية أن المهندس السابق في شركة أمازون، بليك شول، أسس الشركة عام 2014 من قبو منزله، مدفوعا بشغف شخصي تجاه عالم الطيران، وبقناعة راسخة أن المشكلة بالنسبة للمحاولات السابقة مع الكونكورد، لم تكن في التكنولوجيا، بل في النماذج الاقتصادية والتنظيمية القديمة.

مصدر الصورة بليك شول يؤكد استمراره في السعي لتحقيق حلم إطلاق طائرة مدنية أسرع من الصوت بحلول 2029 (رويترز)

أوفرتشر

ونقلت عنه قوله: "الفكرة السائدة كانت أن الطيران الأسرع من الصوت رائع، لكن لا أحد ينفذه، لذا لا بد أنه مستحيل"، مؤكدا أن ذلك "غير صحيح".

إعلان

وتتابع الصحيفة أن الشركة تراهن اليوم على طائرة جديدة تُدعى "أوفرتشر"، تستهدف الانطلاق عام 2029، وتم تصميمها لتقلّ 75 راكبا فقط، ضمن مقصورة فاخرة مخصصة بالكامل لدرجة رجال الأعمال، لتختصر الزمن بين نيويورك وباريس إلى أقل من 4 ساعات.

ورغم أن كبريات شركات الطيران، مثل "يونايتد" و"أميركان إيرلاينز" و"الخطوط اليابانية"، قدمت طلبات مبدئية، لكن لا تزال الشكوك قائمة في أوساط صناعة الطيران بخصوص المشروع الجديد.

فقد وصف الرئيس التنفيذي لشركة "دلتا"، إد باستيان، المشروع بأنه "مكلف للغاية"، وذكّر بأن تجربة الكونكورد بقيت نخبوية، وفق "وول ستريت جورنا".

وتتابع الصحيفة أن شول من جهته غير متأثر بالتشكيك، إذ يرى أن احتكار شركات كبرى مثل بوينغ و إيرباص للمشهد الجوي لعقود، عرقل التجديد الجذري في مجال صناعة الطيران.

ويؤكد أن "بوم سوبرسونيك" تتبنى منهجا جديدا مستلهما من وادي السيليكون، يركّز على التخصص، والمرونة، وتقنيات تصنيع حديثة كالتركيب الكربوني والمحاكاة الرقمية، بعيدا عن حالة الإجهاد في مجال الإنفاق الذي أفشل محاولات سابقة.

مصدر الصورة مشروع طائرة كونكورد توقف عام 2003 بسبب ارتفاع التكلفة وقلة الطلب وحوادث قاسية (رويترز)

تحديات

وكانت الشركة قد أجرت في يناير/كانون الثاني الماضي تجربة ناجحة لطائرتها النموذجية الصغيرة إكس بي 1، والتي اخترقت حاجز الصوت بقيادة طيار اختبارات متمرّس من البحرية الأميركية، وسط احتفاء الموظفين والمستثمرين.

ويُعوّل شول على تقنية تُعرف باسم ماخ كات أوف (أو قصّ الماخ) لتقليل ضجيج الصوت الانفجاري الناتج عن تجاوز سرعة الصوت، رغم أن بعض الخبراء يشككون في فعالية ذلك على المدى القريب.

وتضيف الصحيفة الأميركية أنه رغم انسحاب "رولز رويس" من مشروع المحركات عام 2022، استمرت "بوم" في تطوير محركها داخليا، مستندة إلى تحالفات صناعية جديدة، وتقليص ميزانية المشروع من 8 مليارات إلى ما بين مليار ومليارين دولار فقط.

إعلان

وتزيد أنه رغم تسريح نصف موظفيها مؤخرا، يؤكد شول أن إعادة الهيكلة ليست فشلا، بل "عودة إلى الحجم المناسب" لفلسفة المشروع.

ومن وحي دروس الكونكورد، التي عانت من التكاليف العالية والطلب المنخفض والتقلبات الجيوسياسية، ترى "بوم" أن المستقبل يكمن في تقديم خدمة فائقة السرعة، لكنها أيضا مربحة ومستدامة.

وتقول وول ستريت جورنال إن حلم بليك شول يقسم صناعة الطيران إلى فريقين: من يظنون أن شركته ستفشل، ومن يرونه الشخص الغريب القادر على إعادة إحياء السفر الأسرع من الصوت.

ويهدف شول إلى أن تطير أول طائرة من طراز "أوفرتشر" بحلول عام 2029. وقد أنشأت الشركة مصنعا جديدا في غرينزبورو بولاية نورث كارولاينا، وبدأت تصنيع نموذج أولي للمحرك الذي سيدفع الطائرة.

مصدر الصورة بليك شول أكد أن مشروعه سيستمر رغم تحديات التمويل وصعوبات إعادة الهيكلة (رويترز)

المشروع الحلم

وتؤكد "وول ستريت جورنال" أن الرهان يبقى قائما: هل يمكن حقا إقناع العالم بأن السفر بسرعة الصوت يستحق العودة، ولكن بطريقة جديدة وآمنة؟

ففي عصر تُقاس فيه القيمة بالوقت، قد يكون مشروع "بوم" أكثر من مجرد طائرة؛ إنه اختبار لإمكانية الجمع بين الطموح التكنولوجي والعقلانية الاقتصادية.

ومؤخرا وقع الرئيس ترامب أمرا تنفيذيا يوجه إدارة الطيران الفدرالية لإلغاء حظر استمر 50 عاما على الطيران الأسرع من الصوت فوق الأراضي الأميركية.

وبينما كانت تذكرة ذهاب وعودة على الكونكورد تتجاوز 10 آلاف دولار في التسعينيات، تقول "بوم سوبرسونيك" إن تكلفة المقعد في "أوفرتشر" ستكون مماثلة لسعر درجة رجال الأعمال، حوالي 1700 دولار في اتجاه واحد بين نيويورك ولندن، رغم أن شركات الطيران ستحدد الأسعار في النهاية.

وأشار شول إلى أن مقصورات "بوم" ستتضمن راحة وميزات درجة رجال الأعمال، على عكس الكونكورد التي كانت معروفة بالسرعة أكثر من الراحة.

مصدر الصورة فرنسا صنفت النموذج الأول لطائرة كونكورد 001 الأسرع من الصوت ضمن قائمة الآثار التاريخية (الفرنسية)

والشهر الماضي، أعلنت وزيرة الثقافة الفرنسية رشيدة داتي تصنيف النموذج الأول لطائرة الكونكورد 001، الأسرع من الصوت، ضمن قائمة الآثار التاريخية.

إعلان

وبلغت سرعة الكونكورد عند التحليق 2.02 ماخ، (أي نحو 2172 كيلومترا/الساعة)، وذلك على ارتفاع يتراوح بين 16 ألفا و18 ألف قدم، وكانت مزودة بمحركات نفاثة مع خاصية الاحتراق اللاحق، وهي تقنية تُستخدم عادة في الطائرات الحربية.

وكان أول اختبار لطائرة الكونكورد 001 قد جرى فوق مدينة تولوز الفرنسية في الثاني من مارس/آذار 1969، وهو حدث جذب إليه أكثر من 400 صحفي من أنحاء العالم، إضافة إلى أكثر من ألف مشاهد.

وقد اقترح مهندسون فرنسيون فكرة الكونكورد عام 1957، ثم وقعت بريطانيا وفرنسا اتفاقا عام 1962 لتنفيذ المشروع. ودخلت الطائرة الخدمة رسميا في 21 يناير/كانون الثاني 1976 بعد أعوام من عمليات التطوير من جانب الحكومتين الفرنسية والبريطانية.

وتوقفت عن الخدمة عام 2003 بسبب ارتفاع تكاليفها وتراجع الطلب عليها، إلى جانب مشكلات تقنية أدت إلى حوادث متعددة.

الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا