في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي
نقلت مجلة "972+" الإسرائيلية عن مصدرين استخباريين قولهما إن الجيش الإسرائيلي يدّعي أن الأحياء السكنية التي يقصفها في قطاع غزة خالية من السكان رغم علمه بأن العديد من المنازل هناك مكتظة بالمدنيين الذين لا يستطيعون أو لا يريدون المغادرة.
ويعتمد الجيش الإسرائيلي في تصنيفه حيا معينا بأنه خالٍ من السكان على تحليل خوارزمي غير واف لأنماط استخدام الهاتف على مساحة واسعة، وليس على تقييم مفصل لكل منزل على حدة قبل القصف، حسبما كشفت المجلة وموقع لوكال كول الإسرائيلي وصحيفة نيويورك تايمز الأميركية.
وفي مايو/أيار الماضي لاحظ المصدران الاستخباريان -اللذان لم تفصح المجلة عن هويتهما- أن الجيش الإسرائيلي كان يقصف المنازل ويقتل العائلات، في حين كان يسجل في تقاريره الداخلية استنادا إلى الحساب الخوارزمي المعيب أن تلك المباني كانت خالية أو شبه خالية من السكان.
وقال أحد المصادر إنه عند النظر إلى الجداول التي تبين معدلات الإشغال في المنازل يكتشف المرء أن كل بيان موسوم باللون الأخضر يعني أن ما بين صفر إلى 20% من السكان لا يزالون يقيمون فيها، الأمر الذي يعكس مدى رداءة الخوارزميات التي يستند إليها الجيش في تقديراته.
وأشار المصدر نفسه إلى أن كل المنطقة التي زاروها في خان يونس وسمت باللون الأخضر، أي أنها خالية من السكان، لكنها لم تكن كذلك، وليس أدل على ذلك من الغارة الجوية التي شنتها إسرائيل الأسبوع الماضي على منزل الدكتورة آلاء النجار في الحي نفسه، مما أدى إلى مقتل 9 من أطفالها العشرة وزوجها الدكتور حمدي النجار الذي توفي متأثرا بجراحه بعدها ببضعة أيام.
وتوضح المجلة أنه قبل تصنيف حي ما "أخضر" تقوم خوارزمية الاستخبارات بحساب عدد السكان في كل منزل وفقا لمعدل الإخلاء المقدر للمنطقة، فإذا قدّرت الخوارزمية أن 80% من السكان قد غادروا فإن العدد المتوقع للإصابات في كل منزل ينخفض بالنسبة نفسها، وغالبا ما يتم ذلك دون تكريس وقت كافٍ لإجراء فحص مفصل.
فعلى سبيل المثال، إذا كان 10 فلسطينيين يعيشون في منزل قبل الحرب تُظهر الخوارزميات أن اثنين منهم فقط هم من تبقوا فيه، وهو ما اعتبرها أحد المصادر الاستخبارية طريقة إحصائية تفضي إلى أخطاء.
وبهذه الطريقة، يمكن للجيش الموافقة على شن مزيد من الغارات الجوية والادعاء بأنه يلتزم بمبدأ النسبة والتناسب ولكن دون أن يجري تقييما لما بعد الهجمات لتحديد عدد المدنيين الذين قتلوا بالفعل، وهو ما يجعله لا يعرف عدد الفلسطينيين الذين قتلوا منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 ، حسب ادعاءات المصادر التي استندت إليها مجلة "972+".
لكن المجلة ترى أن إحصائية الجيش لأعداد المدنيين الذين قتلوا جراء عمليات القتل الجماعي في غزة لم تكن نتيجة خطأ في التحليل الخوارزمي، بل نتيجة مباشرة لسياسات إسرائيل المتساهلة إزاء مقدار الأذى الذي تلحقه العمليات العسكرية بالفلسطينيين.
وصرحت الدكتورة مارتا بو الباحثة البارزة في القانون الدولي بمعهد آسر في لاهاي للمجلة بأن استخدام بيانات إحصائية غير دقيقة لتحديد الأضرار التي تلحق بالمدنيين يمكن اعتباره انتهاكا لمبدأ الحيطة في القانون الدولي الذي يلزم الدول باتخاذ تدابير لتقليل الضرر المتوقع على السكان المدنيين.
من جانبه، قال المحلل السياسي الفلسطيني في غزة محمد شحادة -وهو باحث زائر في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية- إنه يجب النظر إلى هذه السياسات في سياق الجهود الإسرائيلية الممنهجة لتدمير كل ما تبقى هناك، مضيفا أنه لم يتم إخلاء أي حي بالكامل في القطاع.
ولفتت المجلة إلى أن المدارس والمستشفيات المكتظة بالنازحين التي استهدفتها الغارات في الآونة الأخيرة هي منشآت كانت تعد في السابق "مواقع حساسة"، لكن الجيش الإسرائيلي يصنفها "مراكز ثقل" زعما منه أنها تؤوي أعدادا كبيرة من مقاتلي حركة حماس .