آخر الأخبار

حرب غزة: ماذا نعرف عن "مؤسسة غزة الإنسانية" المسؤولة عن توزيع المساعدات في القطاع؟

شارك
مصدر الصورة

أعلن جيك وود، المدير التنفيذي لمؤسسة غزة الإنسانية، استقالته من المؤسسة، مؤكداً في بيان عدم إمكانية تنفيذ خطة لتوزيع المساعدات على سكّان قطاع غزة "مع الالتزام الصارم بمبادئ الإنسانية والحياد والنزاهة والاستقلالية".

ورغم التلميحات التي وردت في بيان استقالة وود، إلا أنه لم يكشف بشكل صريح عن الأسباب المباشرة لاستقالته من المؤسسة، وهي منظمة مدعومة أمريكياً من المفترض أن تتولى مسؤولية توزيع المساعدات في قطاع غزة.

لكن وود أكد أنه وضع خلال عمله مع المؤسسة، "خطة عملية لإطعام الجياع" في القطاع، ومعالجة المخاوف الأمنية المتعلقة بـ "تحويل مسار المساعدات"، وتكملة جهود المنظمات غير الحكومية العاملة في غزة.

وكانت مؤسسة غزة الإنسانية (اختصاراً بالإنجليزية: GHF)، قد أعلنت أن شاحنات محملة بالأغذية قد وصلت إلى "مواقع آمنة" في جنوب القطاع، يوم الاثنين، وأنها بدأت توزيعها على مئات الفلسطينيين.

وأفاد شهود عيان في القطاع أن آلاف الفلسطينيين اقتحموا مركز توزيع المساعدات التابع للمؤسسة، والذي كان قد بدأ العمل قرب مدينة رفح.

وأضافوا أن الناس استولوا على طرود غذائية من المركز، تحت دوي إطلاق النار من قبل الجيش الإسرائيلي. ونفت المنظمة بدورها ذلك، مؤكدةً أنها تمكنت من توزيع ثمانية آلاف صندوق غذائي قبل اقتحام مركزها.

ووصف شهود عيان المشهد في موقع توزيع المساعدات بأنه "فوضوي"، حيث تدافعت الحشود للاستيلاء على أي طرود غذائية متاحة.

ورصد فريق بي بي سي لتقصي الحقائق بعض الوثائق والسجلات المتعلقة بمؤسسة غزة الإنسانية، ومديرها التنفيذي المستقيل، فما الذي نعرفه عنهم؟

مصدر الصورة

من هو جيك وود؟

مصدر الصورة

جيك وود هو جندي سابق في مشاة البحرية الأمريكية، خدم في العراق وأفغانستان ضمن وحدته العسكرية، وهي الكتيبة الثانية من الفوج السابع لمشاة البحرية الأمريكية، التي انتشرت في كلا البلدين.

بدأ خدمته العسكرية سنة 2005 عقب تخرجه من جامعة ويسكونسن في الولايات المتحدة، وانعكست تجربته العسكرية هذه على عنوان كتاب ألفه: "كنتُ محارباً ذات يوم: كيف وجد أحد المحاربين القدامى مهمة جديدة تقرّبه من وطنه؟".

وبعد خدمته في العراق، مُنح وود وسام التقدير من سلاح البحرية ومشاة البحرية تثميناً لـ "شجاعته في القتال". ورُقّي إلى رتبة عريف بفضل "جدارته القتالية"، قبل أن يغادر مشاة البحرية برتبة رقيب.

وفي عام 2010، انتقل وود إلى مجال الأعمال الإنسانية، إذ شارك في تأسيس منظمة "فريق روبيكون" للإغاثة الإنسانية. عملت المنظمة في هايتي عقب زلزال عام 2010 للمساعدة في جهود الإنقاذ.

وبين عامي 2010 و2018، شاركت المنظمة في الاستجابة للعديد من الكوارث الطبيعية، وحصلت على جائزة "بات تيلمان" للخدمة في حفل توزيع جوائز "إيبسي"، عام 2018.

ما هي مؤسسة غزة الإنسانية؟

مصدر الصورة

برز اسم مؤسسة غزة الإنسانية مع إعلان واشنطن عن إعداد نظام جديد لتقديم المساعدات للفلسطينيين في غزة عبر شركات خاصة، وذلك في بداية مايو/أيار الحالي.

لا تملك المؤسسة موقعاً رسمياً أو صفحات على منصات التواصل الاجتماعي، لكن، وبحسب سجلات المؤسسات الخيرية على موقع Fundraiso – ومقرّه سويسرا -، الذي بحث فيه فريق بي بي سي لتقصي الحقائق، فإن منظمة غزة الإنسانية (غير الربحية) مسجلة في سويسرا. وتأسّست المنظمة في 11 فبراير/شباط 2025، ومقر عملها في الأراضي الفلسطينية المحتلة.

كما وجد فريق بي بي سي لتقصي الحقائق، عبر الموقع الرسمي لولاية ديلاوير، أن منظمة غزة الإنسانية مسجّلة في الولايات المتحدة.

كيف تُوزع المساعدات؟

لا تزال العديد من التفاصيل اللوجستية المتعلقة بتوزيع المساعدات عبر مؤسسة غزة الإنسانية غير مفهومة.

وبموجب الآلية التي وضعتها المؤسسة، يتعين على الفلسطينيين جمع الصناديق التي تحتوي على المواد الغذائية ومستلزمات النظافة الأساسية لأسرهم، من أربعة مواقع توزيع في جنوب ووسط غزة.

ويتولى متعاقدون أمريكيون تأمين المواقع، بينما تقوم القوات الإسرائيلية بتسيير دوريات في محيطها.

وللوصول إلى هذه المواقع، يتعين على الفلسطينيين الخضوع لفحص وتدقيق الهوية باستخدام تقنيات المقاييس الحيوية والتعرف على الوجوه، وذلك للتحقق من عدم ارتباطهم بحماس.

لماذا تطال الانتقادات المؤسسة وآليتها في توزيع المساعدات؟

رفضت الأمم المتحدة والعديد من منظمات الإغاثة التعاون مع خطط المؤسسة، التي يرون أنها تتعارض مع المبادئ الإنسانية، و"تستخدم المساعدات كسلاح".

وقال متحدث باسم الأمم المتحدة إن عمليات مؤسسة غزة الإنسانية "تشتت الانتباه عمّا هو مطلوب فعلياً"، وحثّ إسرائيل على إعادة فتح جميع المعابر.

وأصرّت الأمم المتحدة ووكالات الإغاثة الأخرى على أنها لن تتعاون مع أي خطة "لا تحترم المبادئ الإنسانية الأساسية".

وحذرت المنظمات الإنسانية من أن نظام توزيع المساعدات الذي وضعته المؤسسة سيستبعد عملياً من يعانون من صعوبات في الحركة، بمن فيهم المصابون، وذوو الإعاقة، وكبار السن، وسيجبر الناس على مزيد من النزوح، وسيُعرّض آلاف الأشخاص للأذى، وسيجعل تقديم المساعدات "مشروطاً" بأهداف سياسية وعسكرية، وسيُشكّل "سابقة غير مقبولة" في مجال إيصال المساعدات حول العالم.

وقال يان إيجلاند، الأمين العام للمجلس النرويجي للاجئين، والمسؤول السابق عن الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة، لبي بي سي، إن الأشخاص "الذين يقفون وراء هذا المشروع عسكريون، بمن فيهم ضباط سابقون في وكالة المخابرات المركزية الأمريكية، ورجال أمن سابقون".

وأضاف إيجلاند، أن هناك "شركة أمنية ستتعاون بشكل وثيق مع أحد أطراف النزاع المسلح، وهو الجيش الإسرائيلي"، وذلك يتضمن تخصيص نقاط يتم فحص هوية الأشخاص عندها "وفقاً لاحتياجات أحد أطراف هذا النزاع"، مشيراً إلى أنه "لا يمكن أن يُقرر طرف من أطراف النزاع أين وكيف ومَن سيحصل على المساعدات".

مصدر الصورة

وكانت منظمة "ترايل إنترناشونال"، وهي منظمة غير حكومية مقرها سويسرا، قد أعلنت أنها قدمت طلبين قانونيين تطلب فيهما من السلطات السويسرية التحقيق في مدى امتثال مؤسسة غزة الإنسانية المسجلة في سويسرا للقانون السويسري والقانون الإنساني الدولي.

وقُدّم الطلب إلى الهيئة الفيدرالية السويسرية للرقابة على المؤسسات، ووزارة الخارجية الفيدرالية السويسرية، يومي 20 و21 من مايو/أيار.

وأكدت وزارة الخارجية الفيدرالية السويسرية لاحقاً لوكالة رويترز استلام الطلب.

وأوضحت منظمة "ترايل إنترناشونال" أنها طلبت من وزارة الخارجية الفيدرالية السويسرية توضيح ما إذا كانت مؤسسة غزة الإنسانية قد قدمت إقراراً، وفقاً للقانون السويسري، بالاستعانة بشركات أمنية خاصة لتوزيع المساعدات، وما إذا كانت السلطات السويسرية قد وافقت على ذلك.

وأبلغت وزارة الخارجية الفيدرالية السويسرية رويترز أنها تحقق فيما إذا كان هذا الإقرار مطلوباً من المؤسسة.

كما تلقت المؤسسة انتقادات تتعلق بمصداقيتها. واطّلعت بي بي سي على وثيقة أصدرتها المؤسسة بشأن عملها الخيري، مكونة من 14 صفحة.

وتذكر وثيقة المنظمة، اسم شخصين من ضمن المديرين الذين يعملون فيها، الأول هو ديفيد بيزلي، الفائز بجائزة نوبل للسلام بصفته الرئيس التنفيذي السابق لبرنامج الأغذية العالمي في الأمم المتحدة. والثاني هو نايت مووك، الرئيس التنفيذي السابق للمطبخ المركزي العالمي. ولم يُصرّح كلّ من بيزلي ومووك عن أي معلومات بشأن مزاعم عملهما مع المنظمة. لكنهما أنكرا ذلك عندما تواصلت شبكة "سي إن إن" الأمريكية معهما في 15 مايو / أيار الماضي.

"مستعدون للتضحية بحياتنا"

ووثقت بي بي سي شهادات من غزيّين توافدوا إلى مركز توزيع قرب رفح جنوبي القطاع، أملاً في الحصول على صندوق مساعدات.

وقال شاهد عيان لبي بي سي، إنه اضطر للمشي مسافة خمسة كيلومترات للوصول إلى المساعدات، مضيفاً أنه اضطر للذهاب لأنه "لا يملك شيئاً ليأكله هو وصغاره".

وتابع الشاهد بالقول: "المكان ضيق جداً في مركز التوزيع، إذا وصلت الساعة التاسعة صباحاً، ستغادر المكان الساعة الخامسة مساء، للحصول على صندوق مساعدات لا تعرف ما إذا كان يحتوي على احتياجاتك".

فيما أكّد شاهد آخر أنه سُمح بإدخال المتجمهرين حول مركز المساعدات على دفعات مكونة من 50 شخصاً، مضيفاً أن الناس اقتحموا البوابات بعد ذلك للحصول على صناديق المساعدات، ما أدى إلى خروج الأمور عن السيطرة.

وقال الشاهد: "هذا ذل، وقفت هنا منذ ساعات الظهيرة، نفعل ذلك بسبب المجاعة، لا شيء هناك، نريد السكر لإعداد الشاي، نريد أن نأكل رغيف خبز".

لكن شاهدة عيان أخرى قالت إنها أخذت المساعدات بكل "احترام"، قائلة إنها تفضل تلك الطريقة على "الجوع الذي ذبح الناس"، وإن ما حصل "أفضل" من الحال التي يعيشها سكّان القطاع.

وأضافت الشاهدة، التي بدت ساخطة خلال توثيق شهادتها: "الناس متعبة، الناس مستعدون لفعل أي شيء، مستعدون للمخاطرة بحياتهم كي يأكلوا ويطعموا أولادهم".

جون أكري - مدير المنظمة الجديد

عقب استقالة جيك وود، أعلنت مؤسسة غزة الإنسانية تعيين جون أكري، مديراً تنفيذياً جديداً للمؤسسة.

وورد اسم جون أكري في وثيقة المنظمة ضمن أسماء المؤسسين والمديرين، إذ شغل منصب "مدير المهمة" داخل المؤسسة.

بحسب الوثيقة، فإن جون أكري خبير إنساني "بارز"، يملك خبرة ميدانية في عدة دول تمتد لأكثر من عقدين في مجال الاستجابة للكوارث، وبرامج تحقيق الاستقرار، والتنسيق المدني العسكري.

ونفّذ خلال عمله مع شركة استشارية للتنمية الدولية، عقداً بقيمة تزيد عن 45 مليون دولار مع الحكومة الأمريكية في مجالات الإغاثة الإنسانية الإقليمية والاستجابة للطوارئ، مع إشرافٍ على أكثر من 30 دولة في أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي. بحسب ما نشر على حسابه على منصة "لينكد إن"، وتشمل خبرته العملياتية مساعدة اللاجئين، وتنسيق سلسلة التوريد، والتعافي بعد الكوارث، ودعم الانتقال السياسي.

وأمضى جون جزءاً كبيراً من حياته المهنية مع مكتب المساعدة الخارجية الأمريكية للكوارث التابع للوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، بما في ذلك عمليات الانتشار في المناطق المتضررة من النزاعات كجزء من فرق الاستجابة للمساعدة في حالات الكوارث.

كما نسّق عملياتٍ لوجستية وإغاثية خلال حالات الطوارئ المعقدة، بما في ذلك مناطق الحرب النشطة والكوارث الطبيعية، وذلك بـ "العمل بشكل وثيق" مع الحكومات المضيفة، ووكالات الأمم المتحدة، والمنظمات غير الحكومية المحلية.

ويحمل أكري درجة الماجستير في الإدارة العامة الدولية ودرجة البكالوريوس في الصحافة ودراسات الإعلام.

مؤسسة "رحمة حول العالم"

نشرت منظمة غزة الإنسانية صوراً تُظهر عملية توزيع المساعدات في غزة بتاريخ 26 مايو/أيار.

ويمكن رؤية شعار مؤسسة "رحمة حول العالم" على صناديق المساعدات.

ومؤسسة "رحمة حول العالم" هي مؤسسة غير ربحية مسجلة في الولايات المتحدة، وبالتحديد ولاية ميشيغان، منذ عام 2014.

تنشّط المنظمة في عدة دول في إفريقيا وآسيا. كما يعمل فيها حوالي ألفي موظف ومتطوع.

ساعد في الإعداد: ليندا الوكاع

لقراءة المقال كاملا إضغط هنا للذهاب إلى الموقع الرسمي
بي بي سي المصدر: بي بي سي
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا