في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي
بدأت مؤشرات على تهدئة قريبة في غزة، وسط حديث متصاعد عن صفقة أميركية لوقف إطلاق النار تشمل إطلاق رهائن.
ومع أن التسريبات تبدو واعدة، فإن مشهد الصراع يكشف عن تباينات حادة بين واشنطن و تل أبيب، وسط تساؤل عن قدرة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، على إنهاء الحرب، في ظل إصرار رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، على اجتثاث " حماس" الأمر الذي قد يبدد أي أمل بوقف إطلاق النار.
ويرى الباحث السياسي إيهاب عباس، خلال حديثه إلى برنامج "الظهيرة" على "سكاي نيوز عربية" أن الرئيس ترامب يسعى لاستعادة زمام المبادرة في ملف غزة، غير أن المؤشرات الواقعية لا تمنح مساحة كبيرة للتفاؤل.
فترامب، وفق عباس، يواجه تحديا مضاعفا: من جهة، فشل أسلافه – لا سيما إدارة الرئيس الأميركي السابق جو بايدن– في إحداث اختراق حقيقي في ملف التهدئة، ومن جهة أخرى، تعنت نتنياهو وتصميمه على استكمال عمليته العسكرية حتى "القضاء التام على حماس".
يشير عباس إلى أن ترامب يفتقر حتى اللحظة إلى أدوات ضغط فعالة على نتنياهو، مشككا في قدرة فريق التفاوض الأميركي وعلى رأسه المبعوث ستيف ويتكوف على إدارة ملفات شائكة كملف غزة وروسيا وأوكرانيا في آن واحد.
وهو يرى أن ترامب يبدل رؤيته حسب تطورات المشهد، بدءا من تبني خطاب منحاز ضد حماس، إلى انتهاج سياسة "الإمساك بالعصا من المنتصف"، بفعل ضغوط انتخابية وأخرى ناتجة عن تواصله مع ممثلي حماس.
ويرصد عباس تحولا نوعيا في مقاربة الإدارة الأميركية تجاه مستقبل غزة، حيث بدأ الحديث – ولو على استحياء – عن إمكانية إشراك "حماس" في إدارة القطاع مدنيا، وهو ما يعتبره تحولا جذريا يهدد بتفجير خلاف عميق مع إسرائيل.
فنتنياهو، بحسب عباس، يعتبر القضاء على حماس هدفا وجوديا، لا سياسيا فقط، ويرى أن أي بقاء لها ولو شكلي يعني إعادة إنتاج 7 أكتوبر جديد.
بين الضغط والواقع: ترامب بلا نفوذ حقيقي؟
لا يتردد عباس في الإشارة إلى محدودية قدرة ترامب على "كبح جماح" نتنياهو، لافتا إلى أن الرسائل الأميركية – سواء العلنية أو المبطنة – لا تزال دون مستوى التهديد الحقيقي الذي قد يثني تل أبيب عن مواصلة الحرب.
ويضيف: "ترامب لا يملك بعد خطة واضحة لوقف الحرب، ولا حتى تصورا لهدنة طويلة نسبيا، والواقع يظهر أن المفتاح بيد إسرائيل، والباب مع حماس، أما الفتحة فهي عند ترامب".
كما يتناول عباس معضلة الرأي العام الإسرائيلي، موضحا أن جزءا كبيرا من الإسرائيليين بات ينظر إلى نتنياهو كبطل قومي يحمي أمنهم عبر القضاء على حماس، حتى لو كان ذلك على حساب الرهائن.
ووفق هذه المعادلة، فإن الضغط الشعبي الداخلي لا يعمل لصالح وقف النار، بل يمنح نتنياهو غطاء للاستمرار في عمليته العسكرية.
واشنطن وتل أبيب.. خلاف على الأهداف لا التوقيت
في المقابل، يقدم الأكاديمي والخبير في الشؤون الإسرائيلية، نائل الزعبي، قراءة أكثر براغماتية لطبيعة العلاقة بين الولايات المتحدة وإسرائيل.
ويرى الزغبي أن واشنطن وتل أبيب، رغم الخلافات التكتيكية الظاهرة، تتفقان على الهدف النهائي: منع حماس من البقاء في غزة، سواء سياسي أو عسكري.
كما يؤكد أن الولايات المتحدة لن تتخلى عن إسرائيل، ولن تقبل بتسوية تبقي على حماس كقوة فاعلة في القطاع، لا سيما بعد الهجوم المفصلي في 7 أكتوبر.
ويدلل على ذلك بمواقف الإدارات الأميركية المتعاقبة منذ ترومان وحتى ترامب، مشير إلى أن قضية الرهائن لا تزال تحظى بأولوية لدى الطرفين.
وفي هذا السياق، يذهب الزعبي أبعد من عباس، برفضه حتى التلميح إلى فكرة "التعايش مع حماس"، مؤكد أن إسرائيل بكل مكوناتها – حكومة، ومعارضة، وشعبا، وجيشا – ترفض العودة إلى واقع ما قبل 7 أكتوبر.
ويرى أن مجرد وقف إطلاق النار مع بقاء حماس هو إخفاق سياسي لا يمكن لأي رئيس حكومة إسرائيلية تحمله، سواء كان بنيامين نتنياهو، أو زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لابيد، أو زعيم حزب معسكر الدولة الإسرائيلي المعارض بيني غانتس.
الشارع الغزي بين المطرقة والسندان
يسلط الزعبي الضوء على المتغيرات في الشارع الغزي، مؤكدا أن هناك "حالة غليان" ضد حماس في القطاع.
ويرى أن سكان غزة بدؤوا بمقارنة واقعهم الحالي مع ما كان عليه الحال قبل 7 أكتوبر، مشيرا إلى تصاعد النقد الشعبي لحماس بسبب ما اعتبره استغلالا للسلطة واختباء في الأنفاق، مقابل تضحيات السكان. ويقول: "قادة حماس في الفنادق، والغزيون في الملاجئ".
وفق هذه الرؤية، فإن حماس، بعكس ما تعلنه، لا ترغب بإنهاء الحرب، بل تسعى لإطالة أمدها خدمة لأجندات خارجية، لا سيما الإيرانية.
ويذهب الزعبي إلى حد القول بأن "حماس تعرف جيدا أن أحد – لا في واشنطن ولا تل أبيب ولا حتى في العواصم العربية – يريد لها البقاء في غزة".