قُتل 23 مسلحاً درزياً على الأقل من جراء "كمين" تعرضوا له أثناء توجههم إلى ريف دمشق، بحسب ما ذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان، الخميس.
وقال المرصد في بيان، إن "القتلى وقعوا في كمين نفذته قوات تابعة لوزارتي الداخلية والدفاع ومسلحون مرتبطون بها" بينما كانوا في طريقهم إلى بلدة صحنايا التي شهدت اشتباكات دامية الأربعاء.
في حين، أفادت شبكة السويداء 24 المحلية للأنباء، بمقتل "ثلّة من أبناء الجبل على طريق دمشق السويداء بكمين غادر".
وأتى ذلك، بعد ساعات من التوصل إلى "اتفاق مبدئي" بوقف إطلاق النار في جرمانا وأشرفية صحنايا في ريف دمشق، بحسب ما ذكرت وكالة الأنباء السورية "سانا"، وذلك بحضور محافظي ريف دمشق والسويداء والقنيطرة، وعدد من الوجهاء والشخصيات الاجتماعية.
وشهدت هذه المناطق التي يقطنها الدروز، اشتباكات خلال اليومين الماضيين، على خلفية طائفية أسفرت عن سقوط عشرات القتلى والجرحى.
وتحدث المرصد السوري عن "إحراق جثث" بعض القتلى بعد وقوع رتل يضم مجموعات من شبّان الطائفة الدرزية أثناء توجهه من السويداء إلى بلدة صحنايا "بكمين"، وذلك لـ "دعم المجموعات المحلية المسلحة هناك"، على حد تعبيره.
وقال إن حصيلة القتلى مرشحة للارتفاع "نظراً لوجود عدد من المصابين".
في غضون ذلك، طالب أحد قادة طائفة الموحدين الدروز في سوريا، الشيخ حكمت الهجري، بتدخل "قوات دولية لحفظ السلم" في سوريا، مندداً بـ"هجمة إبادة غير مبررة" ضد أبناء طائفته، على خلفية الاشتباكات.
ووصف الهجري الذي يعد أبرز القادة الروحيين لدروز سوريا، في بيان ما شهدته منطقتا جرمانا وصحنايا قرب دمشق بـ"هجمة إبادة غير مبررة" ضد "آمنين في بيوتهم". وقال إن "القتل الجماعي الممنهج" يتطلب "وبشكل فوري أن تتدخل القوات الدولية لحفظ السلم ولمنع استمرار هذه الجرائم ووقفها بشكل فوري".
وأكد وزير الخارجية السوري، أسعد الشيباني، أن "الوحدة الوطنية هي الأساس المتين لأي عملية استقرار أو نهوض، وأن نبذ الطائفية والفتنة ودعوات الانفصال ليس خياراً سياسياً فحسب، بل ضرورة وطنية ومجتمعية لحماية نسيجنا الاجتماعي والتاريخي المتنوع".
وقال الشيباني، في سلسلة تغريدات عبر منصة إكس، إن "أي دعوة للتدخل الخارجي، تحت أي ذريعة أو شعار، لا تؤدي إلا إلى مزيد من التدهور والانقسام، وتجارب المنطقة والعالم شاهدة على الكلفة الباهظة التي دفعتها الشعوب جراء التدخلات الخارجية، والتي غالباً ما تُبنى على حساب المصالح الوطنية، وتخدم أجندات لا علاقة لها بتطلعات الشعب السوري".
وأضاف أن "من يدعو إلى مثل هذا التدخل يتحمل مسؤولية تاريخية وأخلاقية وسياسية أمام السوريين والتاريخ، لأن نتائج هذه الدعوات لا تنتهي عند حدود الخراب الآني، بل تمتد لعقود من التفكك والضعف والانقسام".
"نحن نؤمن أن الطريق إلى الاستقرار يمر عبر الحوار، والتشارك الفعلي بين جميع مكونات الشعب السوري بعيداً عن الإملاءات، وتحت سقف السيادة السورية الكاملة، لأن لا أحد أحرص على سوريا من أبنائها، ولا يمكن لأي قوة خارجية أن تبني دولة قوية دون إرادة شعبية وطنية حقيقية"، وفق الشيباني.
وعقب انتشار تسجيل صوتي -لم يُتحقق من صحته- نُسب إلى شخص درزي يتضمن إساءات إلى نبي الإسلام محمد، اندلعت اشتباكات ليل الاثنين الثلاثاء، في مدينة جرمانا التي يقطنها دروز ومسيحيون، أسفرت عن مقتل 17 شخصاً.
وامتدت، ليل الثلاثاء الأربعاء، إلى منطقة صحنايا التي يقطنها كذلك دروز ومسيحيون، وأسفرت عن مقتل 22 شخصاً، بحسب وكالة فرانس برس.
في حين، أحصى المرصد السوري مقتل 56 شخصاً بينهم أفراد من القوات الأمنية ومسلحين محليين بعد مواجهات في جرمانا وأشرفية صحنايا.
وبحسب وزارة الداخلية السورية، فقد أوقعت الاشتباكات 16 قتيلاً في صفوف جهاز الأمن العام.
وقالت إسرائيل إنها نفذت ضربة ضد "متطرفين" مناوئين للدروز في سوريا، في وفاء بتعهدها بحماية هذه الأقلية مع انتشار العنف في مناطق الدروز قرب دمشق.
وتحدثت وكالة "سانا" الرسمية عن "غارات للاحتلال الإسرائيلي على محيط منطقة أشرفية صحنايا".
والأربعاء، أكد رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، أن الجيش "نفّذ عملية تحذيرية واستهدف مجموعة متطرفة كانت تستعد لشن هجوم على السكان الدروز في بلدة صحنايا"، مؤكداً "نقل رسالة حازمة إلى النظام السوري، إسرائيل تتوقع منهم التحرك لمنع الإضرار بالطائفة الدرزية".
وأفاد محافظ ريف دمشق، عامر الشيخ، ليل الأربعاء، أن غارة إسرائيلية استهدفت "إحدى دوريات الأمن مما أدى لمقتل أحد عناصر الدورية وأحد أهالي بلدة أشرفية صحنايا" وجرح آخرين.
وهذه هي المرة الأولى التي تعلن فيها إسرائيل عن عمل عسكري لدعم الدروز السوريين منذ الإطاحة بالرئيس السوري السابق، بشار الأسد، مما يشكل تحدياً إضافياً لجهود رئيس المرحلة الانتقالية أحمد الشرع لبسط سيطرته على البلاد.
وعقد رجال دين وفاعليات من السويداء، معقل الدروز جنوباً، اجتماعاً في ريف دمشق، مساء الأربعاء، مع مسؤولين حكوميين، في إطار مساعي التهدئة.
وأكدت السلطات في بيان ليل الأربعاء، "التزامها الراسخ بحماية جميع مكونات الشعب السوري بدون استثناء، بما في ذلك أبناء الطائفة الدرزية الكريمة التي كانت ولا تزال جزءاً أصيلاً من النسيج الوطني السوري".
وأبدت في الوقت نفسه "رفضها القاطع لجميع أشكال التدخل الخارجي في شؤونها الداخلية"، من دون أن تحدد الجهة المقصودة.
وبعد إعلان وكالة سانا، التوصل إلى اتفاق لوقف النار، ذكرت شبكة السويداء 24 المحلية أن الاجتماع انتهى بين مشايخ من الطائفة الدرزية من السويداء ومسؤولي الحكومة "دون التوصل لاتفاق واضح، باستثناء بعض النقاط العمومية غير المُلزمة".
واتهم وزير الإعلام السوري، حمزة المصطفى، جهات لم يسمها، بمحاولة تحويل الاشتباكات في جرمانا إلى "منحى طائفي".
وقال المصطفى في مقابلة مع تلفزيون سوريا، إن "الدولة عملت على حماية الأهالي داخل جرمانا وخارجها، وسعت إلى تحييد المدنيين عن دوائر العنف".
وكان المفتي العام في البلاد، أسامة الرفاعي، دعا السوريين إلى التنبه من "الفتنة" والابتعاد عن "الثأر والانتقام".
ومنذ اندلاع النزاع في سوريا عام 2011، تمكن الدروز إلى حد كبير من تحييد أنفسهم عن تداعياته. فلم يحملوا إجمالاً السلاح ضد سلطات بشار الأسد ولا انخرطوا في المعارضة باستثناء قلة.
يتوزع الدروز بين لبنان وإسرائيل والجولان المحتل وسوريا، حيث يشكلون ثلاثة في المئة من السوريين، وتعد محافظة السويداء جنوباً معقلهم.
وتوجد في إسرائيل جالية درزية صغيرة، كما يعيش نحو 24 ألف درزي في مرتفعات الجولان المحتلة التي تحتلها إسرائيل منذ عام 1967. وضمت إسرائيل هذه المنطقة عام 1981، في خطوة لم تعترف بها معظم الدول أو الأمم المتحدة.
وجاء التصعيد حيال الدروز بعد أكثر من شهر على أعمال عنف دامية في منطقة الساحل السوري قُتل خلالها قرابة 1700 شخص غالبيتهم العظمى من العلويين.
ويعد بسط الأمن على كامل سوريا من أبرز التحديات التي يواجهها الشرع، مع وجود مناطق لا تزال عملياً خارج سيطرته، على غرار مناطق سيطرة المقاتلين الأكراد (شمال شرق)، رغم توقيع اتفاق ثنائي معهم.
وتعهدت السلطات الجديدة حماية الطوائف كافة وسط مخاوف لدى الأقليات، في وقت يحثّ المجتمع الدولي على إشراك جميع المكونات في المرحلة الانتقالية.