دبي، الإمارات العربية المتحدة ( CNN )— ردت دار الإفتاء المصرية، على "الدعوات التي تطالب بالمساواة في الميراث " عبر اللجوء إلى استفتاء شعبي أو التبرع بالحق، مؤكدة أن "أحكام الميراث واجب وفريضة وليس رأيًا بشريا قابلا للإلغاء أو التطويع"، وأن "ثوابت الدين ليست محل تصويت".
وقالت دار الإفتاء المصرية في منشور عبر صفحتها الرسمية على فيسبوك، مساء الأحد: "لقد تابعت دار الإفتاء المصرية باهتمام بالغ النقاشات الدائرة حول الدعوة إلى المساواة المطلقة في الميراث، تحت لافتة التطوع أو الاستفتاء الشعبي، وانطلاقًا من مسؤوليتها تعلن ما يلي":
وأضافت دار الإفتاء المصرية أن "التبرع الفردي لا ينتج تشريعًا عامًا يلغي أصل جواز التبرع ويجعله إلزامًا قانونيًّا، لا خلاف بين العلماء في جواز تبرع الشخص لأخته، كما لا يوجد ما يمنع من تبرع الأخت لأخيها...، ولكن أن يُتخذ هذا الجواز الفردي ذريعة لاقتراح تشريع عام ملزم يُلغي أصل جواز التبرع علاوة على أحكام المواريث القطعية، فذلك خلط شنيع بين التصرف الفردي والتشريع الإلزامي، وهو مغالطة لا تخفى على ذوي العقول والبصيرة".
وأضافت دار الإفتاء المصرية أنه "لو تراضى المجتمع على المساواة بين الذكر والأنثى في الميراث، فلماذا لا يُشرّع ذلك؟"، فهذه فرضية مفتعلة لا تُغير من الحقيقة شيئًا؛ فإن الأحكام الشرعية توقيفية لا تُغيَّر بالتصويت ولا بالتوافق المجتمعي...، فأحكام الميراث ليست حقًا فقط لصاحبه التبرع به؛ بل واجب وفريضة وليس رأيًا بشريًّا قابلاً للإلغاء أو التطويع".
وأوضحت دار الإفتاء أن "التبرع مباح وأن تغيير فريضة الميراث محظور"، وذكرت أن "ما يُراد فعليًا من هذه الدعوات ليس المساواة كما يُدعى؛ بل نزع القداسة عن النصوص القطعية، وتحويلها إلى ساحة نقاش وجدال، تمهيدًا للتقليل من أحكام الأسرة"، وأوضحت أنه "إذا قُبل هذا المنطق المخالف فستُفتح الأبواب لكل تأويل باطل، يُقاس فيه المشروع (التبرع) على غير المشروع (تغيير الفرائض)، ويمهد لهدم الضروريات الخمس، تحت غطاء الاجتهاد المجتمعي، والواقع أنه إلغاء للشريعة باسم الاجتهاد".
وقال منشور دار الإفتاء المصرية إنه "إذا ما تم تشريع المساواة في الميراث، فلن يعود التبرع خيارًا؛ بل يُصبح حقًا قانونيًّا يُمكن أن يُقاضى الأخ إن لم يعطِ أخته ما لم يُفرض عليه شرعًا، فيُسلَب الإنسان ماله، وهذا هو عين الظلم".
وأوضحت دار الإفتاء المصرية أن "مثل هذه الأطروحات تجلب غضب الله، وتشوه صورة المجتمع وتفتح الباب الخلفي للجماعات التكفيرية للطعن في المجتمع وتشريعاته واستباحة حرماته..."، مشيرة إلى أن "الثوابت ليست محل تصويت".
وذكرت دار الإفتاء المصرية أن "الدعوة إلى المساواة المطلقة في الميراث، تحت لافتة التطوع أو الاستفتاء الشعبي، ليست إلا ستارًا يراد به نقض الحكم الشرعي، وإسقاط القدسية عن النص، وإلحاق الأمة بركب مفاهيم دخيلة لم تُنتج إلا اضطرابًا وانهيارًا في مجتمعاتها. فالنص القطعي ليس مادة لإعادة التشكيل، وثوابت الشريعة وفرائض المواريث ليست مجالًا للتبديل، وواجب المسلمين حماية تطبيقها وتنفيذها وليس تعطيلها واستبدالها...".
وكان الأزهر في مصر أعلن رفضه الدعوات التي تطالب بالمساواة في الميراث بين الرجل والمرأة، مؤكدا أن "نصوص الميراث قطعية لا تقبل التغيير ولا الاجتهاد بإجماع صحابة النبي محمد".
كان الدكتور سعد الدين الهلالي، أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، أثار مؤخرا جدلا بتصريحات قال فيها إنه "لا يوجد نص قرآني يمنع المساواة بين الرجل والمرأة في الميراث"، حسب وصفه.
وقال سعد الدين الهلالي، خلال تصريحات تلفزيونية مؤخرا، إن وظيفته هي البيان والتوضيح، واعتبر أن "القرار في نهاية المطاف هو قرار شعبي وليس قراره أو قرار أي شخص آخر"، وأوضح أن "المطالبة بالمساواة في الميراث ليست ممنوعة بنص صريح في القرآن الكريم أو الأحاديث النبوية الشريفة، خاصة بين المتساوين في درجة القرابة كالأخ والأخت"، حسب قوله.