شغلت أجسام مضيئة اخترقت سماء الولاية الشمالية ليلًا السودانيين، وسط تضارب الروايات حول طبيعتها.
وبينما ربط البعض بينها وبين هجومٍ بطائراتٍ مسيّرةٍ أو صواريخ غامضة، نفت السلطات المحلية وجود أي تهديدٍ أمني، مؤكدةً أن الأوضاع "تحت السيطرة".
ومع انتشار الأنباء، تلقت الأجهزة الأمنية بلاغات عن أجسام مجهولةٍ بدت وكأنها تهوي فوق مدينتي دنقلا والدبة، إلا أن التقارير الرسمية لم ترصد أي خسائر بشرية أو مادية.
وعقب اجتماع طارئ للجنة أمن الولاية، برئاسة الوالي عابدين عوض الله، نفت السلطات وقوع أي هجوم، مرجحةً أن يكون الحدث جزءًا من "حربٍ نفسية" تهدف إلى بث الذعر بين السكان.
في هذا الشأن، قال مدير شرطة الولاية ومقرر لجنة الأمن، اللواء محمد علي الحسن الكودابي، في تصريحاتٍ أعقبت الاجتماع أن التحقيقات لا تزال جارية لتحديد طبيعة هذه الأجسام، لكنه وصف ما حدث بأنه "ضجة مفتعلة"، مضيفًا: "الميليشيا تحاول الإيحاء بأنها قادرة على الضرب في العمق، لكنها مجرد خدعة إعلامية تهدف إلى زعزعة الاستقرار".
وأكد الكودابي أن المشاهد التي رصدها السكان في سماء دنقلا لم تكن لمسيّرات، بل هي "أجسام مضيئة جارٍ تحديد نوعها والمناطق التي انطلقت منها، عبر الجهات الفنية في القوات المسلحة السودانية".
في ظل الغموض الذي يكتنف الواقعة، طرحت منصات التواصل الاجتماعي فرضية تربط بين هذه الأجسام وسقوط أقمارٍ صناعيةٍ محترقة.
وتركزت التكهنات حول شبكة "ستارلينك" التابعة للملياردير الأميركي إيلون ماسك، حيث رجّح البعض أن تكون هذه الأجسام ناتجة عن احتراق أقمار صناعية انتهى عمرها الافتراضي، وهو ما قد يفسر المشاهد الضوئية التي أثارت قلق السكان.
غير أن الجهات الرسمية لم تؤكد هذه الفرضية حتى الآن، مشيرةً إلى أن التحقيقات الفنية ما زالت جاريةً لتحديد مصدر هذه الأجسام وطبيعتها بدقة.
حول الأضواء التي ظهرت في سماء الولاية الشمالية، يرى الخبير الفلكي والمحاضر بكلية العلوم بجامعة الخرطوم، البروفيسور معاوية حامد شداد، أن تحديد ماهيتها بدقة يستدعي الحصول على صورٍ واضحة، إلى جانب شهادات موثوقة من عدة أشخاص، مع الأخذ في الاعتبار سرعة تحركها واتجاهها.
وأوضح شداد لـ"العربية.نت" أن أقمار "سبيس إكس" الصناعية، التابعة لإيلون ماسك، غالبا ما تتحرك في تشكيلاتٍ متسلسلة، تتراوح بين عشرة وعشرين قمرا، وهو ما قد يساعد في التمييز بينها وبين الظواهر الأخرى.
أما في حال كانت بقايا أقمارٍ صناعيةٍ محترقة، فستظهر كمصادر ضوءٍ مشتعلة، بسرعاتٍ أقل من الشهب، لكنها تظل أسرع من الطائرات.
وأضاف شداد أن العالم شهد مؤخرا انفجار أحد صواريخ "سبيس إكس"، مما أثار العديد من التساؤلات حول طبيعة الأجسام المضيئة التي يتم رصدها في مناطق مختلفة، مشيرا إلى أن تحديد طبيعة هذه الأجسام، سواء كانت أقمارًا صناعية تابعة لماسك، أو بقايا محترقة عائدةً إلى الغلاف الجوي، أو حتى نيازك انفجرت وتشظّت، يستلزم التحقق الدقيق من شكلها وسرعتها واتجاه تحركها، للوصول إلى استنتاجٍ علمي موثوق.
وبينما يترقب الشارع السوداني نتائج التحقيق، تبقى التساؤلات مفتوحة: هل كانت هذه الأجسام مجرد ظاهرةٍ فلكيةٍ عابرة، أم أن وراءها أبعادًا أخرى لم تتكشف بعد؟