آخر الأخبار

لويزا الألمانية.. تروي للجزيرة نت كيف أسلمت ورابطت في المسجد الأقصى

شارك

في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي

عندما بدأت التسجيل مع لويزا لورانزن وجدت فيها حماسة للتعبير عن رحلتها إلى الإسلام والرباط بالمسجد الأقصى، وانطلاقا نحو سرد تفاصيل دقيقة شكّلت انعطافات كبيرة في مسيرات حياتها المهنية والأكاديمية والدينية، وتدفقت العبارات لتروي للجزيرة نت تفاصيل هذه الرحلة.

فتقول لويزا عن نفسها: "عندما بلغت 20 عاما من عمري لم أكن أعرف عن الإسلام شيئا، ولم ألتق مسلما من قبل، حتى المنطقة التي أسكنها والأسرة الكبيرة التي أنتمي إليها لم يكن فيها مسلم واحد، واستمر ذلك حتى انتقلت لمتابعة دراستي في مدريد بإسبانيا".

ولويزا نشأت في فرانكفورت بألمانيا لأب أسترالي وأم ألمانية، وهي باحثة في السلام والصراعات الدولية، وكان موضوع أطروحتها لنيل درجة الماجستير عن المرابطات في المسجد الأقصى، وأنشأت مع زوجها براء أبو الخير مؤسسة في ألمانيا معنية بالدفاع عن القضية الفلسطينية.

وبراء وُلد في ألمانيا أيضا، ولأبوين فلسطينيين، ويعمل في مجال الهندسة الصناعية والطاقة المتجددة وحماية المناخ.

إسلام لويزا

شكّل وصول لويزا إلى إسبانيا نقطة تحول عظيمة في حياتها كلها، إذ للمرة الأولى تلتقي مسلمين عن قرب وتتعامل معهم، وكان تطوعها في منظمة إنسانية المدخل الأول الذي جعلها تعيد حساباتها، ولم يستغرق الأمر طويلا لاتخاذ قرار بأن الإسلام هو الطريق الصحيح الذي ينبغي السير فيه.

إعلان

استمرت لويزا في إسبانيا عامين، حيث بدأت دراسة العلوم السياسية، وركزت دراستها على منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ومن المفارقة أن فلسطين لم تكن موضوعا رئيسيا في دراستها آنذاك، ولم تكن تعرف الكثير عنها، حتى عندما يرد ذكرها في الدراسات الجامعية لديها تكون وجهة النظر أحادية.

ويشاء الله تعالى أن تصبح فلسطين محور دراستها في الماجستير والأبحاث الأخرى التي توالت بعد إسلامها، فتروي لويزا أنه رغم عدم معرفتها بأي فلسطيني عن قرب قبل إسلامها، فإنها شعرت برابطة الإسلام التي تجمعها مع المسجد الأقصى، وتحديدا عندما بدأت التعرف على الفلسطينيين.

بين إسطنبول والمدينة

وتجسد هذا التعارف في زوجها براء وعائلته الفلسطينية، فأجداده من الذين عاشوا ويلات نكبة عام 1948، ووالداه ولدا مباشرة بعد النكبة في مخيم للاجئين الفلسطينيين، وهذا التعارف شكّل الباب الواسع الذي قدم مادة علمية أمام لويزا لكتابة أوراق بحثية عن القضية الفلسطينية على نحو يغاير انحياز الدراسات الألمانية تجاه الرواية الإسرائيلية.

وربما لعبت المصادفة دورا في تعرف لويزا على هذه الأسرة الفلسطينية، ففي مطار إسطنبول قابلت لويزا فتاة ألمانية من أصل فلسطيني أثناء توجهها إلى أداء مناسك العمرة، ولم يدم اللقاء كثيرا وذهبت كل واحدة في طريقها.

وفي اليوم الأخير من العمرة في المسجد النبوي بالمدينة المنورة قابلت لويزا الفتاة الفلسطينية نفسها، ولكن اللقاء هذه المرة امتد وقتا أطول، وتعمقت المعرفة وأخذت أبعادا أخرى للدرجة التي رشحتها الفتاة إلى أخيها، وسرعان ما تمت الخطبة.

زواج لويزا ببراء لم يكن لقاء بين شخصين مجردين أو أسرتين مختلفتين، لكنه انفتاح على قضية ستشكل محور دراساتها واهتماماتها، وستضع في طريق معرفتها كتبا أخرى وسردية جديدة للصراع غير تلك السائدة في المدارس والجامعات الألمانية، والتي بالطبع تكون منحازة للمنظور الإسرائيلي.

إعلان

المرابطات بالقدس

تقول لويزا "المرة الأولى التي حظينا فيها بفرصة زيارة فلسطين والمسجد الأقصى كانت في رمضان (2023)، أي قبل نحو نصف عام من بدء الحرب والإبادة الجماعية على قطاع غزة، وكانت هذه لحظة تحول في رأيي، سواء في حياتي الشخصية أو في حياتي المهنية أو الأكاديمية، إذ تعرفت على أحد أكثر الشعوب صمودًا، وهم المرابطات في القدس".

وتروي الباحثة الألمانية ما وقفت عليه بنفسها: "هؤلاء النساء ممنوعات من دخول المسجد الأقصى منذ أكثر من عقد، وتصدر ضدهن أحكام من المحاكم العسكرية تمنعهن من دخول المسجد الأقصى. والآن بعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 أصبح ذلك صعبًا للغاية عليهن ويكاد يكون مستحيلًا، ولكنهن ما زلن يمارسن مطالبهن بالتجمع عند أقرب نقطة يستطعن الوصول إليها قرب المسجد الأقصى".

ومن المفارقات التي وقفت عليها لويزا أن أغلب هؤلاء المرابطات يعشن في البلدة القديمة بالقدس، ومع ذلك يُمنعن من دخول المسجد الأقصى، "فكنّ يجتمعن عند البوابات الأقرب للمسجد ويصلّين هناك ويفطرن ويتحدثن مع الناس".

مصدر الصورة براء ولويزا أسسا منظمة في ألمانيا معنية بالدفاع عن القضية الفلسطينية (الجزيرة)

دراسة المرابطات

كان التحدي الكبير أمام لويزا يتمثل في نقل القصص الإنسانية التي سمعتها في فلسطين إلى المشهد الأكاديمي الألماني، خاصة أن الأوساط الجامعية في ألمانيا لم تكن ترحب بدارسة يكون موضوعها "المرابطات في المسجد الأقصى"، ليس فقط بين الأساتذة، بل بين الطلاب أنفسهم.

نظرة لويزا إلى المرابطات تغيرت إلى حد ما بعد مشاركتها في الأنشطة التي يقمن بها، ونظرت إلى الرباط في رحاب المسجد الأقصى بوصفه "فعلا مقاوما" للاحتلال تقوم به ناشطات فلسطينيات، وكنوع من الإلهام الذي يغير مجرى دراساتها.

وهذا تحديدا ما دفعها إلى اختيار موضوع أطروحتها للماجستير ليكون عن ممارسات المرابطات اليومية، وكيف يقمن بأنشطتهن، وكيف يتكيفن مع القمع الذي يتعرضن له تحت الاحتلال الإسرائيلي، فهن يتعرضن للضرب والسجن باستمرار.

إعلان

وتروي لويزا على لسان إحدى المرابطات أنها تخرج كل يوم من منزلها وهي تتوقع 3 سيناريوهات: إما أن تتعرض للضرب من قبل الجنود الإسرائيليين، أو تساق إلى السجن، أو تصبح شهيدة.

شهادة ألمانية

بعد عودة لويزا وزوجها براء من فلسطين، مارس الاحتلال الإسرائيلي "إبادة جماعية" على الفلسطينيين في غزة منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، وفجّر ذلك تعاطفا كبيرا من الأصوات الناقدة للسياسة الألمانية، لكن هذه الأصوات قمعتها الشرطة بعنف، خاصة المظاهرات التي جابت شوارع برلين.

وتقول لويزا وزوجها براء إن الأمر امتد إلى أن كثيرا من المتعاطفين مع القضية الفلسطينية فقدوا وظائفهم وأعمالهم لمحاولتهم التعبير عن الإحباط والغضب من سلوك الحكومة الداعم للعدوان الإسرائيلي مما ولّد إحباطا عاما، لكنهم لم يتوقفوا عن الأنشطة التي تشرح قضيتهم حتى تغير المشهد الشعبي العام في ألمانيا.

ويقول براء أبو الخير إن ما بعد معركة السابع من أكتوبر غيّر كثيرا من المسلمات التي كانت سائدة في ألمانيا، وعلى رأسها احترام القانون الدولي، بوصفه قوة لا يمكن تحدّيها أو تجاوزها، لكن ما تعلموه لاحقا أن هذه القدسية لها شروط ولا تطبّق على الجميع.

ويضرب أبو الخير مثلا بالأبرياء من أطفال غزة الذين يستمر قتلهم، والمزيد من المستشفيات والمدارس التي تدمر، لأن ألمانيا تحديدا تطبق القانون الدولي فقط "إذا لم تكن الضحية دولة أوروبية، أو لم تكن الضحية شخصًا أبيض، فإننا نتحدث عن قواعد مختلفة لا تنطبق على الفلسطينيين على الإطلاق أو على شعوب الجنوب العالمي".

وأشار أبو الخير ولويزا إلى أنهما أسسا معا مؤسسة في ألمانيا معنية بالدفاع عن السردية الفلسطينية وعرض حقائق القضية باللغة الألمانية، وأنها تجد تجاوبا كبيرا من المجتمع الألماني الذي يحدث فيه تغيير إيجابي حاليا حتى في الساحة الأكاديمية، واستمرار المظاهرات في الشوارع الألمانية تعكس هذه المتغيرات، رغم التضييق الحكومي حتى الآن.

إعلان
الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك

أخبار ذات صلة


الأكثر تداولا دونالد ترامب حماس اسرائيل

حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا