آخر الأخبار

قصة مليشيا "زينبيون" من الأضرحة إلى جبهات القتال

شارك الخبر

في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي

أسست مليشيات زينبيون ومعظم عناصرها من شيعة باكستان من قبل الحرس الثوري الإيراني عام 2013، في سياق الدعم العسكري اللامحدود الذي قدمته طهران للنظام السوري خلال سنوات الثورة.

وينتمي معظم عناصر هذه المجموعة إلى قبائل توري وبانغش الشيعية البشتونية التي تسكن في منطقة كورام، ومركزها مدينة باراتشينار القريبة من الحدود مع أفغانستان.

كان الهدف المعلن لتأسيس هذه المليشيات هو حماية مقام السيدة زينب جنوب العاصمة السورية دمشق، ولكنها خاضت معارك ضد الثوار في سوريا دفاعا عن نظام الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد.

كانت زينبيون في البداية رديفا لمليشيات فاطميون، التي كان معظم عناصرها من شيعة أفغانستان، لكن فيما بعد صار لها كيان خاص تحت مسمى لواء زينبيون، ويُشار إليهم في الإعلام الإيراني غالبا بوصفهم "مدافعين عن مقام السيدة زينب".

ويقول الباحث في الشأن الإيراني فيليب سميث في تقرير نشره المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات ظهر لواءا الفاطميون والزينبيون في بداية الصراع السوري، وفي البداية قاتلوا إلى جانب جماعات مسلحة أخرى موالية للنظام السوري، ثم ظهروا كجماعة مستقلة في عام 2013، بقيادة قادة عسكريين إيرانيين.

إعلان

ويضيف كانت مجموعة زينبيون الباكستانية، وهي المجموعة الأصغر بين المجموعتين، في البداية جزءًا من مجموعة فاطميون الأفغانية، لكن الباكستانيين لم ينسجموا مع الأفغان، لذا قرر الحرس الثوري الإيراني فصلهم.

واعترفت إيران ضمنا بارتباط هذه المليشيات بها في يناير/كانون الثاني 2020، عندما ظهرت راية هذه المجموعة في الخلفية في مقابلة صحفية لقائد القوة الجوية التابعة للحرس الثوري أمير علي حاجي زادة، إلى جانب أعلام مجموعات مسلحة أخرى مدعومة من إيران، في أعقاب اغتيال قائد فيلق القدس قاسم سليماني.

مصدر الصورة علم لواء زينبيون يتم التلويح به خلال مراسم تشييع المستشار الإيراني في سوريا موسوي عام 2023 (الفرنسية)

التجنيد في إيران

يقول الباحث في شؤون مكافحة الإرهاب في مقال له على موقع "برادايم شفت" الباكستاني إن المجندين في لواء زينبيون يأتون بشكل رئيسي من الشيعة الباكستانيين، خصوصا من مدينة "باراتشينار" في منطقة كورام.

ويقوم هؤلاء "المتدينون الشيعة" -بحسب الكاتب- بالسفر إلى إيران سنويا لزيارة الأضرحة هناك وقد أصبحت هذه الممارسة الدينية مصدرا للتجنيد حيث يبقى العديد من الشباب في إيران كطلاب في الحوزات العلمية، أو يحصلون على عمل ما، مما يتزامن مع مراحل التدريب والتربية العقدية والانضمام إلى لواء زينبيون.

ويضيف زيدي أن عمليات التجنيد تتركز في مدينة مشهد شمال شرق إيران، بينما تشير بعض المصادر إلى أن جامعة المصطفى الدولية، التي تقع في مدينة قم، تلعب أيضا دورا محوريا في هذا التجنيد.

وعن تركيب مليشيات زينبيون يقول عبد الباسط خان الباحث في مدرسة إس. راجاراتنام للدراسات الدولية في سنغافورة إن معظم المجندين الباكستانيين في لواء زينبيون جاؤوا من كراتشي، ومنطقة كورام وكويتا وعدد قليل منهم من منطقة جيلجيت-بلتستان.

وبالإضافة إلى ذلك، انضم بعض الطلاب الباكستانيين المسجلين في مؤسسات تعليمية إيرانية مختلفة، وخاصة جامعة المصطفى الدولية في قم إلى هذه المليشيا.

وعلاوة على ذلك، جذب فيلق القدس التابع للحرس الثوري بعض أفراد مجتمع الهزاره الشيعي إلى لواء زينبيون من خلال تقديم الجنسية الإيرانية وفرص عمل مع رواتب شهرية مغرية، وتقدر بعض الإحصائيات أعدادهم بنحو 5 آلاف مقاتل.

مصدر الصورة لواء زينبيون يأتون بشكل رئيسي من الشيعة الباكستانيين خصوصا من مدينة "باراتشينار" في منطقة كرم (مواقع التواصل)

دور زينبيون في الحرب السورية

وبحسب ما جاء في تقرير لتلفزيون سوريا فإن مليشيا زينبيون شاركت في العديد من العمليات القتالية الرئيسية في سوريا، مثل معارك حلب ودير الزور والغوطة الشرقية، وارتكبت مجازر وانتهاكات بحق الشعب السوري.

إعلان

وتركزت مهامهم في القتال البري جنبا إلى جنب مع قوات النظام وغيرها من المليشيات المدعومة إيرانيا مثل حزب الله اللبناني ولواء فاطميون الأفغاني.

وبعد سقوط النظام السوري في 8 ديسمبر/كانون الأول الماضي وانسحاب القوات الإيرانية من سوريا أثيرت تساؤلات حول دور المجموعات المساحة الموالية لإيران في سوريا في المستقبل بما في ذلك لواء فاطميون ولواء زينبيون.

وتثار هذه التساؤلات خاصة وأن الغالبية العظمى من مليشيات زينبيون ينتمون إلى المجتمعات الشيعية في باكستان، مما يفتح الباب أمام احتمالات وتكهنات حول دور هذه العناصر في الصراعات الطائفية في باكستان وإمكانية انخراطهم في المواجهات بين الشيعة والسنة هناك كما حدث أخيرا في منطقة كورام بإقليم خيبر بختونخوا الشمالي الغربي.

مصدر الصورة مليشيا زينبيون شاركت في العديد من العمليات القتالية الرئيسية في سوريا مع قوات النظام وغيرها من المليشيات المدعومة إيرانيا (شترستوك)

تصنيف زينبيون منظمة إرهابية

أدرجت وزارة الخزانة الأميركية لواء زينبيون في القائمة السوداء في يناير/كانون الثاني 2019، بينما صنفتهم الحكومة الباكستانية في 29 مارس/آذار الماضي في قائمة المنظمات الإرهابية، واعتقلت بعض عناصرها بتهمة القيام بأعمال إرهابية داخل الأراضي الباكستانية.

وقالت إن من بين المعتقلين الشخص الذي له صلة بمحاولة اغتيال العالم الديني الباكستاني البارز تقي الدين عثماني القاضي الأسبق بالمحكمة العليا والعضو الدائم بمجمع الفقه الإسلامي التابع لمنظمة التعاون الإسلامي.

وفي خطاب له أمام البرلمان في يوليو/تموز 2022 قال وزير الداخلية الباكستاني حينذاك رانا ثناء الله إن أعضاء لواء زينبيون كانوا قد تورطوا في الأنشطة الإرهابية في البلاد من 2019 إلى 2021، وإن إسلام آباد بقيت مترددة في إدراج المجموعة في القائمة السوداء بشكل رسمي حتى نهاية مارس/آذار 2024م وذلك لأسباب داخلية والحرص على علاقاتها مع طهران.

إعلان

وعن توقيت هذا التصنيف، يقول عمر خان الباحث في قسم العلاقات الدولية في جامعة برمنغهام "يبدو أن الهجوم النادر الذي شنته إيران ضد المسلحين البلوش الإيرانيين في باكستان في يناير/كانون الثاني 2024 قد دفع بعض عناصر جهاز الأمن في إسلام آباد إلى الدفع باتجاه سياسة أكثر تشددًا ضد الجماعات المدعومة من إيران داخل باكستان.

الصراع الطائفي في باكستان

برز اسم مليشيات زينبيون في الآونة الأخيرة بعد الاشتباكات التي شهدتها منطقة كورام بين مسلحين من قبائل شيعية وأخرى سنية وقعت في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، واستمرت عدة أيام وخلفت 46 قتيلا وأكثر من 200 جريح من الطرفين.

وتتزايد المخاوف من تصعيد الصراع الطائفي وانخراط عناصر لواء زينبيون في مواجهة حركة طالبان باكستان في منطقة كورام بعد عودتهم من جبهات القتال في سوريا، فهم مدربون ولديهم خبرة قتالية جيدة وتعبئة عقدية وفكرية مع الأخذ بعين الاعتبار أن المقاتلين هناك سواء من القبائل الشيعية أو السنية يحتفظون بترسانات كبيرة من الأسلحة.

ولا شك أن هذه الصراعات تؤدي إلى استمرارية دوامة العنف، حيث يدفع الشباب، بدافع ما يعتبرونه ضرورة، إلى الانضمام إلى إحدى المجموعات المسلحة و"يُعتبر لواء زينبيون أحد أبرز المستفيدين من حيث التجنيد في هذه الحالة"، كما يؤكد مصدر باكستاني.

مصدر الصورة منطقة كورام تعاني من التوتر الطائفي منذ عقود (رويترز)

وليست بقية المناطق في باكستان بمنأى عن الصراع الطائفي مثل إقليمي بنجاب والسند حيث تشهد بعض المدن والمناطق فيهما -مثل مدينة كراتشي العاصمة الاقتصادية لباكستان- نزاعات بين السنة والشيعة تتحول بعضها إلى اشتباكات مسلحة واغتيالات متبادلة.

وأفادت بعض التقارير بأن الحكومة الباكستانية اكتشفت أن عناصر من لواء زينبيون نفذت موجة اغتيالات استهدفت شخصيات سنية بارزة في نطاق ما تصنف عادة كـ"جرائم شوارع"، كما واجه عناصر لواء زينبيون هجمات متبادلة من الجماعات السنية المتشددة مثل "لشكر جهنغوي العالمي"، التي نفذت تفجيرات طائفية مثل هجومها عام 2017 في باراتشينار.

إعلان

ويعتقد أن لواء زينبيون يتلقى دعمًا في مناطق مثل كورام وجيلجيت -بلتستان، مع تكثيف جهوده في التجنيد تزامنًا مع تصاعد التوترات الإقليمية والدولية، خاصة في ظل الصراعات الإقليمية والعلاقات المتأرجحة بين إيران وباكستان التي وصلت في يناير الماضي إلى حد تبادل القصف الصاروخي بين البلدين.

مصدر الصورة أفراد الشرطة يفرقون متظاهرين خلال مظاهرة في كراتشي لإدانة الاشتباكات الطائفية في منطقة كورام بباكستان (الفرنسية)

يقول عمر خان الباحث في جامعة برمنغهام "بالنسبة لأجهزة الاستخبارات الباكستانية، كان ظهور لواء زينبيون في سياق الصراع الشديد في سوريا يمثل تحديًا سياسيًا وأمنيًا. فقد يؤدي حشد المقاتلين الشيعة إلى تحفيز المسلحين السنة على تصعيد أنشطتهم الطائفية، واستهداف الشيعة الباكستانيين، مما قد يعيد شبح العنف الطائفي الذي شهدته باكستان في تسعينيات القرن الماضي".

ويرى عبد الباسط خان الباحث في الشأن الباكستاني أن عودة المقاتلين الشيعة الباكستانيين من سوريا " قد تؤدي إلى انتقال التنافس بين تنظيم الدولة الإسلامية وكتائب زينبيون في سوريا إلى باكستان حيث قد يستمر هذا التنافس في شكل عمليات قتل انتقامية وتفجيرات متبادلة على غرار تفجير جماعة "لشكر جهنغوي العالمي" في ديسمبر/كانون الأول 2017 في وسط باراتشينار الذي أسفر عن مقتل 23 شيعيًا. وفي بيانه، وصف المتحدث باسم الجماعة الهجوم بأنه انتقام لمشاركة شباب الشيعة من منطقة كورام في الحرب الأهلية السورية.

وبالرغم من التحليلات التي ترجح احتمال انخراط عناصر زينبيون في الصراعات الطائفية في باكستان بعد عودتهم من سوريا، فإنه ليس من المستبعد أن يتم الزج بعناصر منهم في صراعات مسلحة في مناطق أخرى ضمن إستراتيجيات الحرس الثوري الإيراني لأنه لا توجد ثمة أدلة أو قرائن تشير إلى رغبة إيران في حل لواء زينبيون والاستغناء عن خدماته.

إعلان
الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك الخبر

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا