قالت صحيفة غارديان إن لدى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وحركة المقاومة الإسلامية (حماس) أسبابهما لإسقاط اتفاق وقف إطلاق النار المبرم بينهما، مما يعني أن على الوسطاء الصادقين أن يبذلوا قصارى جهدهم لإبقائه على قيد الحياة.
وأوضحت الصحيفة -في زاوية الكاتب سيمون تيسدال- أن الظهور المتحدي لمقاتلي حماس المدججين بالسلاح أثناء تسليم 3 محتجزات إسرائيليات إلى الصليب الأحمر يوم الأحد كان بمثابة تذكير سيئ، بأن اتفاق وقف إطلاق النار الذي تم التفاوض عليه الأسبوع الماضي معلق بخيط رفيع، وقد ينكسر في أي لحظة.
ورأى الكاتب أن المشكلة الأساسية في المستقبل، هي أن نتنياهو الذي ظل رهينة لحلفائه من اليمين المتطرف في الائتلاف الحكومي، والذي قاوم لعدة أشهر نفس المقترحات التي قدمها الرئيس الأميركي السابق جو بايدن في مايو/أيار، لا يريد أن تستمر الهدنة، ولكنه كان مجبرا على موافقة محدودة، ربما تكون نابعة من عدم رغبته في إفساد حفل تنصيب الرئيس الأميركي دونالد ترامب في واشنطن.
وقبل أن يجف حبر الاتفاق تقريبا، ورد أن نتنياهو كان يطمئن الوزراء الساخطين بأن وقف إطلاق النار مؤقت وأنه لا ينوي احترام شروطه بالكامل، ويقال إنه وعد المتشدَدين إيتمار بن غفير الذي استقال احتجاجا، وبتسلئيل سموتريتش الذي يهدد بذلك، بأنه سيستأنف الحرب قريبا.
وكتب المحلل في صحيفة هآرتس أمير تيبون قائلا "إن نتنياهو لديه طريقتان لإغراق الاتفاق وإيجاد ذريعة لتجديد الحرب، فالخيار الأول هو تعطيل مفاوضات المرحلة الثانية وإضاعة الوقت، كما فعل عدة مرات لفريق بايدن، والخيار الثاني هو إثارة العنف في الضفة الغربية كأحد المحفزات المحتملة لإستراتيجية التخريب، والزعم أن حماس لا تمتثل للاتفاق، كما فعل في نهاية الأسبوع، مما أدى إلى تأخير بدء وقف إطلاق النار لعدة ساعات.
ويواجه نتنياهو خيارا مصيريا لأن تخليه عن وقف إطلاق النار قد يهدئ اليمين ويحافظ على تماسك ائتلافه ويبقيه في السلطة ويجنبه التحقيق في سياسته مع حماس قبل السابع من أكتوبر/تشرين الأول، ولكن خيار السلام يعرضه لغضب اليمين المتطرف وانهيار حكومته وإجراء انتخابات مبكرة.
وبما أن 60% إلى 70% من الناخبين الإسرائيليين يؤيدون إنهاء الحرب، فمن الممكن أن يتخذ نتنياهو الاختيار الصحيح، ويكسر عادته سياسية، لأن السلام الدائم من شأنه أن يسمح لترامب بالتركيز على مشروعه المفضل، وهو تطبيع علاقات إسرائيل مع المملكة العربية السعودية وعزل إيران لاحقا بوسائل غير عسكرية.
بَيد أن المشكلة -حسب رأي الكاتب- هي أن حماس وحلفاءها من مسلحي الجهاد الإسلامي في غزة لا يريدون أن يستمر وقف إطلاق النار، كما يظهر من استعراض القوة الذي قامت به حماس يوم الأحد الذي أرسل رسالة استفزازية مفادها أن حماس نجت، وأنها لا تزال تسيطر على المحتجزين الباقين، وأنه لا سلطة وريثة حتى الآن في غزة.
وحمّل سيمون تيسدال نتنياهو جزءا من اللوم لرفضه مناقشة خطط "اليوم التالي" طوال فتر الحرب، وقال إن الأمن داخل غزة قد يصبح قضية بالغة الأهمية مع عودة عشرات الآلاف من النازحين والجياع إلى منازلهم المحطمة وأحيائهم المدمرة وبدء محاولاتهم لاستعادة حياتهم.
كما يمكن أن تبدأ حماس بسرعة في إعادة بناء قدراتها العسكرية بعد الضربة التي تلقتها، وقد أشارت صحيفة تايمز أوف إسرائيل إلى أن "لقطات مقاتلي حماس قدمت تذكيرا صارخا بأن الجماعة الإرهابية -حسب وصفها- لا تزال مسؤولة عن غزة"، وقالت الصحيفة إن المسؤولين الإسرائيليين يقدّرون أن اثنتين من كتائب حماس لا تزالان تعملان.
وخلص الكاتب إلى أن زعماء إسرائيل وحماس إذا قرروا العودة للحرب مرة أخرى في الأسابيع والأشهر المقبلة، فقد لا يكون هناك من يوقفهم رغم أن معظم الإسرائيليين والفلسطينيين والعالم الذي يراقب يتوقون إلى السلام.