أكدت دراسة علمية واسعة النطاق، عُرضت لأول مرة في المؤتمر الثالث والأربعين للجمعية الأوروبية لجراحي الساد والانكسار (ESCRS)، أن إجراء تصحيح قصر النظر بالليزر — المعروف باسم "استئصال القرنية الانكساري الضوئي" (PRK) — يُعد آمنًا وفعالًا لدى المراهقين الذين تتراوح أعمارهم بين 17 و18 عامًا، بنفس درجة نجاحه لدى البالغين.
وتأتي الدراسة لتُجيب على تساؤلات طبية مستمرة منذ سنوات حول مدى ملاءمة هذا الإجراء الجراحي للمراهقين، في ظل مخاوف من أن عيونهم لا تزال في طور التغير، أو أن استجابتها للشفاء بعد الليزر قد تختلف عن البالغين، ما قد يزيد من احتمالات المضاعفات.
وقاد البحث الدكتور أفينوعام شاي، من قسم طب العيون في حرم رمبام الصحي في حيفا، إسرائيل، الذي أوضح أن الدافع وراء الدراسة نبع من ملاحظة سريرية: "رغم التحفظات النظرية، كنا نرى مراهقين في سن 17 و18 عامًا يحققون نتائج ممتازة بعد العملية. هذا دفعنا لتحليل البيانات بشكل منهجي، لمعرفة إن كان هذا الانطباع السريري يعكس واقعًا إحصائيًا يمكن الاعتماد عليه."
وشملت الدراسة بيانات 65,211 عينًا خضعت لعملية PRK في مراكز "كير-فيجن لليزر" في تل أبيب، خلال الفترة الممتدة من يناير 2010 حتى يونيو 2024.
واعتمد الباحثون على مقارنة مباشرة بين نتائج المراهقين (17-18 عامًا) والبالغين (19-40 عامًا)، بعد تقسيم العينات وفقًا للعمر.
وأظهرت النتائج أن نسبة العيون التي حققت رؤية كاملة (20/20) بلغت 64% بين المراهقين، مقابل 59% بين البالغين.
كما كان معدل الحاجة إلى جراحة تكميلية ضئيلًا جدًا في كلا المجموعتين، ولم يتجاوز 0.41%. ولم تسجل أي زيادة ذات دلالة إحصائية في المضاعفات مثل الرؤية الضبابية أو ضعف بنية القرنية (التوسع القرنية)، حيث ظلت هذه المضاعفات نادرة على نحو متساوٍ في كلا الفئتين العمرية.
وأشار الدكتور شاي إلى أن هذه "أكبر دراسة من نوعها على الإطلاق تُجرى على المراهقين"، مشددًا على أن حجم العينة الكبير يمنح النتائج مصداقية عالية. لكنه أقر بوجود قيد منهجي، وهو أن الدراسة "استعادية"، أي أنها اعتمدت على تحليل بيانات تم جمعها سابقًا خلال الممارسة السريرية، وليس من خلال تجربة سريرية عشوائية محكمة تم تصميمها خصيصًا لهذا الغرض.
وخلص الباحثون إلى أن PRK يمكن اعتباره خيارًا علاجيًا موثوقًا للمراهقين الذين يعانون من قصر نظر مستقر، خاصة في الحالات التي لا تناسبهم فيها النظارات الطبية أو العدسات اللاصقة. ودعا الدكتور شاي إلى إعادة النظر في المعايير الحالية لتحديد الأهلية للعلاج، قائلاً: "العمر وحده لا ينبغي أن يكون حاجزًا أمام مراهق متحمس ومؤهل طبيًا لهذا الإجراء."
ومن المقرر أن يستمر فريق البحث في متابعة المرضى المراهقين على المدى الطويل، لمراقبة أي تغيرات بصرية أو مضاعفات قد تظهر بعد سنوات من العملية.
وفي تعليق مستقل، قال البروفيسور توماس كونين — رئيس لجنة النشر في الجمعية الأوروبية لجراحي الساد والانكسار، ومدير قسم طب العيون في جامعة غوته بفرانكفورت، وأحد أبرز خبراء جراحات العيون في أوروبا — إن هذه الدراسة تقدم دليلاً قويًا في وقت يشهد فيه العالم ارتفاعًا ملحوظًا في معدلات قصر النظر بين الأطفال والمراهقين، مع إمكانية استمرار تفاقمه حتى سن الثلاثين.
وأضاف: "بينما يظل العلاج التقليدي بالنظارات أو العدسات اللاصقة هو الخيار الأول للأطفال، فإن هذه النتائج تفتح الباب أمام خيار دائم وفعال لفئة من المراهقين الأكبر سنًا، ممن قد لا يرغبون أو لا يستطيعون الاعتماد على الوسائل التصحيحية التقليدية".