آخر الأخبار

دراسة عالمية تربط بين امتلاك الهواتف الذكية مبكرا وتدهور الصحة النفسية

شارك

كشفت دراسة عالمية شملت أكثر من 100 ألف شاب، ارتباط امتلاك هاتف ذكي قبل سن 13 عاما بتدهور الصحة النفسية والرفاهية في مرحلة البلوغ المبكرة.

ووجدت الدراسة أن الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و24 عاما، والذين حصلوا على أول هاتف ذكي لهم في سن 12 عاما أو أقل، كانوا أكثر عرضة للإبلاغ عن الأفكار الانتحارية، والعدوان، والانفصال عن الواقع، وضعف التنظيم العاطفي، وانخفاض قيمة الذات. ودعا الباحثون إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لحماية الصحة العقلية للأجيال القادمة.

وأجرى الدراسة باحثون من مختبرات سابين في الولايات المتحدة، التي تستضيف أكبر قاعدة بيانات في العالم حول الصحة العقلية، ونشرت نتائجها في "مجلة التنمية البشرية والقدرات" (Journal of Human Development and Capabilities) في 20 يوليو/تموز الجاري، وكتب عنها موقع يوريك أليرت.

وتقول الدكتورة تارا ثياجاراجان، عالمة الأعصاب والمؤلفة الرئيسية للدراسة ومؤسسة وكبيرة علماء مختبرات سابين: "تشير بياناتنا إلى أن امتلاك الهواتف الذكية في سن مبكرة -وما يصاحبه من وصول متكرر إلى وسائل التواصل الاجتماعي- يرتبط بتحول جذري في الصحة العقلية والرفاهية في مرحلة البلوغ المبكرة".

وتتوسط هذه الارتباطات عوامل عدة، منها الوصول إلى وسائل التواصل الاجتماعي، والتنمر الإلكتروني، واضطرابات النوم، وضعف العلاقات الأسرية، وهذا يؤدي إلى أعراض في مرحلة البلوغ تختلف عن أعراض الصحة النفسية التقليدية للاكتئاب والقلق، وقد تغفلها الدراسات التي تستخدم أدوات الفحص القياسية.

ويمكن أن تكون لهذه الأعراض، المتمثلة في زيادة العدوانية، والانفصال عن الواقع، والأفكار الانتحارية، عواقب اجتماعية وخيمة مع تزايد معدلاتها لدى الأجيال الشابة.

وحث الباحثون صانعي السياسات على اتباع نهج احترازي، على غرار اللوائح المتعلقة بالتبغ، من خلال تقييد استخدام الهواتف الذكية لمن هم دون سن 13 عاما، وفرض تعليم الثقافة الرقمية، وتطبيق المساءلة المؤسسية.

مصدر الصورة

فرص ومخاوف

منذ أوائل العقد الأول من القرن الـ21، أعادت الهواتف الذكية تشكيل كيفية تواصل الشباب وتعلمهم وتكوين هوياتهم. ولكن إلى جانب هذه الفرص، تتزايد المخاوف بشأن كيفية تضخيم خوارزميات وسائل التواصل الاجتماعي المدعومة بالذكاء الاصطناعي للمحتوى الضار وتشجيع المقارنة الاجتماعية، مع التأثير أيضا على أنشطة أخرى مثل التفاعل وجها لوجه والنوم.

إعلان

وعلى الرغم من أن العديد من منصات التواصل الاجتماعي تحدد سنا أدنى للمستخدم يبلغ 13 عاما، إلا أن تطبيق هذا القرار غير متسق. وفي الوقت نفسه، يستمر متوسط عمر امتلاك الهاتف الذكي لأول مرة في الانخفاض، إذ يقضي العديد من الأطفال ساعات يوميا على أجهزتهم.

ولإجراء هذا التحليل الجديد، استقى فريق سابين بيانات من مشروعهم "العقل العالمي"، ثم استخدموا مقياس صحة العقل؛ وهو أداة تقييم ذاتي تقيس الصحة الاجتماعية والعاطفية والمعرفية والجسدية لإنشاء درجة "صحة العقل" العامة.

وأظهرت نتائجهم ما يلي:


* شملت الأعراض المحددة الأكثر ارتباطا بامتلاك الهواتف الذكية في وقت مبكر: الأفكار الانتحارية، والعدوانية، والانفصال عن الواقع، والهلوسة.
* حصل الشباب الذين امتلكوا أول هاتف ذكي لهم قبل سن الـ13 عاما على درجات أقل في "مقياس صحة العقل"، مع انخفاض الدرجات تدريجيا كلما كان عمر امتلاك أول هاتف ذكي أصغر، على سبيل المثال سجل من امتلكوا هاتفا ذكيا في سن الـ13 متوسط 30 نقطة، وانخفض إلى نقطة واحدة فقط لمن امتلكوه في سن الخامسة.
* ارتفعت نسبة من يعتبرون في ضائقة أو يعانون من صعوبات نفسية (إذ تشير الدرجات إلى وجود 5 أعراض حادة أو أكثر لديهم) بنسبة 9.5% للإناث و7% للذكور.
* يرتبط امتلاك الهواتف الذكية في سن مبكرة أيضا بانخفاض تقدير الذات، والثقة، والمرونة العاطفية لدى الإناث، وانخفاض الاستقرار والهدوء، وتقدير الذات، والتعاطف لدى الذكور.

ضرر أكبر من أن يتم تجاهله

أشارت تحليلات أخرى إلى أن الوصول المبكر إلى وسائل التواصل الاجتماعي يفسر حوالي 40% من العلاقة بين امتلاك الهواتف الذكية في مرحلة الطفولة المبكرة والصحة العقلية في وقت لاحق، مع لعب العلاقات الأسرية السيئة (13%)، والتنمر الإلكتروني (10%)، واضطراب النوم (12%) أدوارا مهمة في مجرى الأحداث.

ويقر الباحثون بأن جائحة كوفيد-19 ربما تكون قد ضخمت هذه الأنماط، لكن اتساق هذه الاتجاهات في جميع مناطق العالم يشير إلى تأثير تنموي أوسع للوصول المبكر إلى الهواتف الذكية.

في حين أن الأدلة الحالية لا تثبت بعد وجود علاقة سببية مباشرة بين امتلاك الهواتف الذكية في وقت مبكر والصحة العقلية والرفاهية في وقت لاحق، وهو ما يمثل قصورا في هذه الدراسة، ويوضح المؤلفون أن حجم الضرر المحتمل أكبر من أن يتم تجاهله، ويبرر اتخاذ إجراء احترازي.

وأوصى الباحثون بـ4 مجالات رئيسية لصانعي السياسات لمعالجتها:


* فرض تعليم إلزامي حول الثقافة الرقمية والصحة النفسية.
* تعزيز التعرّف الفعال على انتهاكات العمر على وسائل التواصل الاجتماعي وضمان عواقب وخيمة لشركات التكنولوجيا.
* تقييد الوصول إلى منصات التواصل الاجتماعي.
* تطبيق قيود تدريجية على الوصول إلى الهواتف الذكية.

وتقول الدكتورة تارا، الذي يركز تخصصها البحثي على تأثير البيئة على الدماغ والعقل، مع اهتمام بفهم وتمكين التطور الإنتاجي للعقل البشري والأنظمة البشرية: "بشكل عام، تهدف هذه التوصيات السياسية إلى حماية الصحة العقلية خلال فترات النمو الحرجة".

واختتمت قائلة: "أعتقد أنه من المهم أيضا الإشارة إلى أن الهواتف الذكية ووسائل التواصل الاجتماعي ليست الاعتداء الوحيد على الصحة العقلية والأزمات التي تواجه الشباب. إنها تفسر بعض التراجع العام، ولكن ليس كله. في حين أن هناك حاجة إلى مزيد من البحث لكشف الآليات السببية، فإن انتظار دليل قاطع في مواجهة هذه النتائج على مستوى السكان يخاطر، مع الأسف، بفقدان فرصة اتخاذ إجراءات وقائية في الوقت المناسب".

إعلان
الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك

إقرأ أيضا


حمل تطبيق آخر خبر

آخر الأخبار