يواجه إطار عمل الاتحاد الأوروبي بشأن الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية، تهديدات متجددة من الولايات المتحدة ، رغم تخفيفه إثر ضغوط أميركية وقطرية على مدى أشهر.
تتركز الإشكالية حول ما يُسمى بالتطبيق خارج الحدود الإقليمية لتوجيهات إعداد تقارير الاستدامة للشركات وتوجيهات العناية الواجبة في مجال الاستدامة، وأبرم الاتحاد الأوروبي أخيرًا اتفاقًا لإعفاء أكثر من 80% من الشركات التي كانت خاضعة لهذه التوجيهات، لكنه وافق كذلك على استمرار تطبيق هذه القواعد على الشركات الأجنبية الكبيرة التي تُمارس أعمالها في التكتل.
وعبّرت الولايات المتحدة بوضوح عن استيائها، ووصف كبير مفاوضي الرئيس دونالد ترامب التجاريين، جيمسون غرير، اتفاق الاتحاد الأوروبي بشأن الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية بأنه غير كافٍ.
وأشار إلى أن اتفاقية الرسوم الجمركية عبر الأطلسي التي أُبرمت هذا العام، والتي تتضمن ضمانات من الاتحاد الأوروبي بأن لوائحه المتعلقة بالحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية لن تُعيق التجارة، ستكون مُهددة إذا لم تُقدّم المزيد من التنازلات.
وقال غرير خلال جلسة استماع عُقدت أخيرًا في مجلس الشيوخ: "عليهم الوفاء بهذا.. الحقيقة هي أنه إذا لم يلتزم الأوروبيون بتعهداتهم، فلن يستفيدوا من الإعفاءات الجمركية الممنوحة لهم".
كانت قطر والولايات المتحدة الأميركية أكدتا للاتحاد الأوروبي في أكتوبر/تشرين الأول الماضي أن المشروع في صيغته الأولية "يحمل مخاطر كبيرة أمام القدرة على تحمل تكاليف إمدادات الطاقة الحيوية للأسر والشركات في جميع أنحاء أوروبا وعلى موثوقيتها، ويشكل تهديدا وجوديا لنمو الاقتصاد الصناعي في الاتحاد الأوروبي، ومرونته وقدرته التنافسية".
ودعت قطر والولايات المتحدة الاتحاد الأوروبي ودوله الأعضاء إلى التحرك بسرعة لمعالجة هذه المخاوف المشروعة، إما عن طريق إلغاء توجيه العناية الواجبة للاستدامة المؤسسية بالكامل أو إزالة أحكامه الأكثر ضررا اقتصاديا.
تُفاقم هذه التهديدات التوترات بين واشنطن وبروكسل بشأن قضايا تتراوح بين تنظيمات التكنولوجيا والإنفاق الدفاعي، ولم تُخفِ إدارة ترامب استياءها من معايير الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية، إذ وصف وزير الطاقة الأميركي كريس رايت بنودًا رئيسية، مثل أهداف الحياد الكربوني، بأنها سياسة "كارثية".
ونقلت "بلومبيرغ" عن يورغن واربورن، وهو مشرع من حزب الشعب الأوروبي المنتمي إلى يمين الوسط، والذي أشرف على محادثات تقليص نطاق برنامجي توجيه الإبلاغ عن الاستدامة للشركات (CSRD) وتوجيه العناية الواجبة للاستدامة للشركات ( CSDDD) في البرلمان الأوروبي : "كانت هذه النتيجة حتمية سياسيًا".
وقال واربورن: "لم تكن خيارات مثل إلغاء التوجيه بالكامل أو حصره بالشركات العاملة في الاتحاد الأوروبي فقط قابلة للتطبيق، وذلك حفاظا على تكافؤ الفرص وضمانا للأغلبية البرلمانية".
وأضاف أن توجيه العناية الواجبة المتعلقة بالاستدامة، الذي يُعرّض الشركات لعقوبات مالية باهظة في حال إخفاقها في مراقبة سلاسل القيمة بحثا عن انتهاكات بيئية وحقوقية، "يُعدّ بطبيعته أداةً خارجة عن نطاق الاتحاد الأوروبي". لذا، فإن نطاقه الإجمالي "يبقى" قائما.
ويحذر مؤيدو معايير الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية من أن عدم إلزام الشركات العاملة في الاتحاد الأوروبي بالامتثال لقواعد الاستدامة الخاصة بالتكتل سيؤدي إلى عواقب وخيمة، لا سيما وأن المستثمرين لن يعرفوا كيفية تقييم وجهة استثماراتهم.
المصدر:
الجزيرة
مصدر الصورة