وظهرت شخصية لابوبو لأول مرة عام 2019، من تصميم الفنان التايواني كاسينغ لونغ، ضمن مجموعة العلب المفاجئة (Blind Boxes)، وهي عبوات مغلقة لا يُعرف محتواها إلا بعد الشراء، وتنتجها شركة بوب مارت الصينية.
ووفقًا لتقرير تقرير صادر عن مراجعة كلية الصين وأوروبا الدولية لإدارة الأعمال (CEIBS Business Review) في يونيو/ حزيران 2024، ساهم هذا النموذج القائم على التشويق في رفع معدل الشراء المتكرر بأكثر من 35٪ في الأسواق الآسيوية والأوروبية، لا سيما بين الفئة العمرية من 18 إلى 35 عامًا.
ومن العوامل الحاسمة لانتشار لابوبو عالميًا، دعم المشاهير، إذ ظهرت في حقائب عدد من النجمات العالميات مثل ليسا من فرقة بلاكبينك، التي شوهدت تحملها خلال فعالية لدار لويس فويتون في أبريل/ نيسان 2024، إضافة إلى المغنية العالمية ريهانا.
ووفقًا لتقرير نشره موقع أرابيان بزنس (Arabian Business) في أغسطس/ آب 2024، ساهمت هذه المشاهد في تصاعد حضور لابوبو على منصات مثل إنستغرام وتيك توك، ما أدى إلى ارتفاع مبيعات بوب مارت بنسبة 42٪ مقارنة بالربع السابق.
ولا يمكن الحديث عن نجاح لابوبو دون التطرق إلى ظاهرة فومو (FOMO)، وهي اختصار لعبارة "Fear Of Missing Out" أو "الخوف من فوات الفرصة"، حيث يُعرّف الأخصائيون هذه الظاهرة بأنها شعور اجتماعي نفسي ينتج عندما يرى الأشخاص الآخرين يشاركون في تجربة أو يمتلكون شيئًا يرغبون به، مما يخلق لديهم قلقًا من تفويت ما يبدو وكأنه "الترند التالي".
وتتجلى هذه الظاهرة بقوة على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث تنتشر مئات الفيديوهات على تيك توك ويوتيوب لأشخاص يفتحون صناديق لابوبو، ويتشاركون لحظات الحماس والمفاجأة عند اكتشاف أي شخصية حصلوا عليها. ويزرع هذا النمط من المحتوى، إلى جانب التعليقات المتفاعلة والمتكررة، لدى الجمهور شعورًا بالحاجة إلى الانضمام للركب حتى لا "يفوتهم شيء". وتُنتج هذه الدمى بكميات محدودة نسبيًا، وغالبًا ما تُباع ضمن مجموعات حصرية أو موديلات تطلق بشكل دوري، ما يعزز الشعور بالندرة والتميز.
وبحسب تحليل نُشر على إذاعة سي جي تي إن (CGTN) الصينية في يونيو/ حزيران 2025، لا تمثل لابوبو منتجًا استهلاكيًا فحسب، بل تُعد جزءًا من استراتيجية ثقافية أوسع تسعى من خلالها الصين إلى تصدير صورة ناعمة عن هويتها عبر الفن والتصميم، بدلًا من الخطاب السياسي المباشر. وسجل التقرير زيادة في الطلب على منتجات بوب مارت في دول مثل فرنسا وألمانيا وإيطاليا، خصوصًا داخل المتاجر الكبرى ومنصات البيع بالتجزئة الإلكترونية مثل سلسلة فناك الفرنسية (FNAC) وأمازون.
ورغم النجاحات الكبيرة، لم تخلُ رحلة لابوبو من العقبات. فقد أشار تقرير لمجلة ذا ويك (The Week) في نوفمبر/ تشرين الثاني 2024 إلى انتشار نسخ مقلدة تُباع تحت اسم لافوفو، ما أثار نقاشات حادة حول جودة المواد وسلامة المستهلك الأوروبي. واستجابة لذلك، دعت هيئات حماية المستهلك في بلجيكا وإسبانيا إلى مراجعة معايير استيراد ألعاب العلب المفاجئة، خاصة القادمة من شرق آسيا.
ويرى عدد من المحللين أن جاذبية لابوبو لا تكمن فقط في تصميمها الفريد، بل في قدرتها على تمثيل جيل جديد من الثقافة الصينية، ثقافة تمزج بين الغرابة البصرية وروح الجمع، وتسويق يقوم على عنصر المفاجأة. وساهم انتشار نموذج العلب المغلقة في ظهور مجتمعات رقمية متخصصة في أوروبا، تتبادل فيها هذه الألعاب وتُباع أحيانًا بأسعار تصل إلى 300 يورو للنسخة الواحدة، بحسب تقرير لموقع People.cn في يوليو/ تموز 2024.
تحوّلت دمى لابوبو إلى أداة فعلية ضمن توجه الصين لتوسيع نفوذها الثقافي عالميًا عبر القوة الناعمة. وبينما تواصل جذب المستهلك الأوروبي، تطرح هذه الظاهرة تساؤلات حول العلاقة بين الأسواق والقيم الثقافية، وكيف يمكن لدمية صغيرة أن تُعيد رسم ملامح التأثير الدولي بأسلوب ناعم وفعّال.