يتمنى الكثير من الآباء عندما يبدأ أطفالهم الصغار الوصول إلى أشياء لا ينبغي لهم تناولها، لو أن لديهم عيوناً في مؤخرة رؤوسهم ليتسنى لهم متابعتهم دائما، لكن بالنسبة للسيدة جيس هاري، يبدو أنه لا يوجد شيء ممنوع على ابنها جونيور.
فقد أدركت، جيس، الأم لطفلين، لأول مرة أن ابنها، جونيور، يحب محاولة أكل الأشياء غير الصالحة للأكل عندما كان يلعق في صغره شريط الفيلكرو ( اللاصق الخشن ) في كتبه، التي تعتمد على اللمس.
ومنذ ذلك الحين، بدأ الطفل، الذي يبلغ من العمر حالياً 21 شهراً، "يأكل الرمل بكميات كبيرة" وسجادات غرفة اللعب والأثاث في جميع أنحاء منزله، بما في ذلك سريره.
ولم يُشخص جونيور بمرض بيكا إلا في سبتمبر/أيلول الماضي، وهي حالة مرضية يشتهي فيها الشخص باستمرار أشياء غير صالحة للأكل لا قيمة غذائية لها، ومن ثم يتناولها.
قالت جيس، التي تسكن منطفة بريمبو في مدينة ريكسهام البريطانية: "حتى لو لم يكن أمامه شيء من هذا القبيل ليأكله، سيبحث عنه وسيجده".
واضطرت السيدة، البالغة من العمر 31 عاما، إلى إخراج جونيور من الحضانة لأنه كان يأكل "كمية مقززة من الرمل".
وتعترف جيس بطبيعة المواقف السخيفة التي يجد جونيور نفسه فيها أحياناً، لكنها قالت إن هناك جانباً خطيراً للأمر أيضاً.
فقد اضطرت إلى نقل جونيور إلى سرير معدني للأطفال الصغار بعد أن بدأ يأكل سريره الخشبي، لكن هذا لم يمنعه، فقد بدأ يستيقظ ليلاً، ويمضغ إطار باب السرير المعدني.
وأدى ذلك إلى وجود كميات من الرصاص في دمه لأن "طبقات الطلاء القديمة قد امتصت الرصاص".
وينام جونيور حالياً في سرير متنقل، في حين يقضي يومه في حديقة بلاستيكية للعب حتى تُحل المشكلة، وقد أخطرت والدته الجمعية الإسكانية "كلويد ألين" التي تتبعها بحالة نجلها، لكنها قالت إن الجمعية لم تأخذ الأمر على محمل الجد ولم تتخذ أي إجراء.
لكن جمعية "كلويد ألين" قالت إنه من المقرر إجراء أعمال إصلاح في العقار، وإنها "ستستمر في التواصل مع العائلة واتخاذ الإجراءات اللازمة بسرعة بشأن كيفية التعامل مع هذا الوضع مستقبلاً".
ويفضل جونيور أنواعا مختلفة من المواد لأكلها، لكن جيس تقول إن الخشب والكرتون هما هوسه الحالي.
كما يحب وشقيقه جاك، البالغ من العمر سبع سنوات، اللعب بسيارات هوت ويلز، لكن جيس اضطرت إلى حفظ سيارات جونيور في وعاء بلاستيكي بعد أن تناول جزءاً من السلة التي اشتروها لحفظ سياراته البلاستيكية والمعدنية.
وفي إحدى زياراتها للسوبرماركت بصحبة صغيرها لشراء ستارة، تمكن جونيور في المسافة من المتجر إلى السيارة "من أكل جزء من الصندوق الذي كانت الستارة بداخله".
وأضافت: "يستغرق الأمر ثوان معدودة. أعلم أن الأمر يبدو وكأنه لا يُصدق".
لم تسمع جيس قط عن مرض اضطراب بيكا، لكن بناء على اقتراح من مشرفة اللعب في الحضانة التي يدرس فيها جونيور، طلبت الممرضة التابعة لهيئة الصحة إجراء فحص دم له، وكشف عن نقص في الحديد – وهو أحد الأسباب المحتملة لاضطراب بيكا – ما مكن من تشخيص حالة جونيور.
وتستخدم العائلة جذر عرق السوس كأحد "البدائل الآمنة" لإغراء جونيور بتناول المزيد من الأطعمة الصالحة للأكل.
ويبدو أنه فعال لأنه عبارة عن "عصا حرفياً"، لكنه غير مناسب أثناء اللعب لأنه قد يعرضه لخطر الاختناق.
ومن البدائل الحديثة الأخرى، نوع من انواع فطور الحبوب "السيريال" – وهو وجبة تُؤكل عادةً في الصباح، مصنوعة من حبوب مُعالجة مثل القمح والذرة والشوفان، وغالبًا ما تُؤكل مع الحليب أو الزبادي – تسمى ويتابيكس، وهي تحاكي القوام الجاف والمقرمش للمواد التي يُفضلها جونيور.
قالت جيس: "لا يُمكن تركه بمفرده. إذا تركته في غرفة المعيشة، وهي منطقة آمنة بعيداً عن الجدران، فسيظل هناك شيء ما يفعله أو يسعى إليه".
وأضافت: "أحياناً أفكر، ما الذي سيأكله بعد ذلك؟ أمزح وأقول إنني بحاجة للعيش في حاوية شحن فارغة".
قالت جيس إن جونيور "كان صعب الإرضاء للغاية فيما يتعلق بالطعام على أي حال"، وهو ما جعل البدائل صعبة، لكنها تأمل أن تتمكن من "التفاهم معه قليلاً" عندما يكبر.
وأفادت الخدمة الوطنية الاستشارية للاضطرابات الغذائية، التي تقدم تدريبا ونصائح متخصصة، بأنها دعمت 250 عائلة منذ إنشائها عام 2023.
وأكدت أن الاضطراب قد يكون قاتلاً، مستشهدة بحالتي مشابهتين لشابين يدعيان جيمس فرانكش، 21 عاما وأوين غارنيت 19 عاما.
وقد وضعت المنظمة مبادئ توجيهية لخدمات الصحة والرعاية الاجتماعية والإسكان والتعليم لتقييم وتشخيص ودعم الأشخاص المصابين باضطراب بيكا، بهدف اعتمادها رسمياً.
وتتمنى جيس أن يعرف المزيد من الناس عن هذه الحالة حتى لا تضطر إلى تكرار كلامها، وتتمكن من الحصول على مزيد من الدعم، وعدم الشعور بالوحدة.
وتختم بالقول: "سيدعوني أحدهم إلى الحديقة، وأشعر وكأنني أختلق الأعذار طوال الوقت، لكنني أعلم أنه من الأفضل لي البقاء في المنزل، لأن وجودي في الحديقة يُسبب لي إرهاقا أكبر".
المصدر:
بي بي سي
مصدر الصورة
مصدر الصورة
مصدر الصورة
مصدر الصورة
مصدر الصورة