وسط تدهور اقتصادي غير مسبوق، يبتكر حرفيون في جنوب السودان وسيلة للبقاء، من خلال صناعة أحذية بسيطة من إطارات السيارات المستعملة، في ظل ارتفاع تكاليف المعيشة وعجز الحكومة عن دفع الرواتب.
ورغم أن تحويل الإطارات إلى أحذية ليس جديدًا في شرق أفريقيا، إذ عرفته كل من رواندا وكينيا كرمز للابتكار المحلي، فإن تصاعد الأزمة الاقتصادية في جنوب السودان جعل من هذه الحرفة خيارًا لا غنى عنه لدى الفقراء.
فقد أدى تراجع عائدات النفط إلى شلل في قدرة الحكومة على دفع أجور الموظفين، من جنود إلى معلّمين، الأمر الذي فاقم معاناة المواطنين.
في مدينة واو، الواقعة على بعد 650 كم من العاصمة جوبا، يعمل صانع الأحذية إيمانويل أتشويل تحت مظلة من القماش داخل السوق الرئيس. يجمع الإطارات القديمة ويقصها بسكين حاد، مضيفًا إليها أحزمة ملونة ليصنع منها نعالًا بسيطة وقوية.
وقد لاحظ أتشويل ارتفاعًا في الطلب خلال الأشهر الأخيرة، إذ أصبح يصنع بين 5 و10 أزواج أسبوعيا، ويبيعها بحوالي 15 ألف جنيه جنوب سوداني (نحو 4 دولارات)، حسب الحجم والجودة. ويقول "حتى في أسوأ الظروف، وانعدام الطعام وغياب الوظائف، فإن هذه الحرفة لا تخذلني. الناس بحاجة إلى الأحذية دومًا، وخصوصًا الرخيصة منها".
يقول أكول ماجوك رينغ، أحد رعاة الماشية في ولاية واراب، إنه اشترى زوجًا منها لكونها مثالية للرعي. ويضيف "عندما أتنقل مع الماشية طوال اليوم، هذه النعال تكون الأنسب؛ فهي متينة ومناسبة للطرق الوعرة".
منذ عام 2023، تتعرض العملة المحلية لضغوط كبيرة، بسبب اضطرابات تصدير النفط الناجمة عن الحرب في السودان المجاور.
ومع الاعتماد على عائدات النفط لتمويل 90% من الميزانية الحكومية، تسببت الأضرار التي لحقت بخط الأنابيب في توقف مؤقت للتصدير هذا العام، دفع الملايين تحت خط الفقر وفقًا للبنك الدولي.
يرغب أتشويل، الذي تعلم الحرفة منذ كان طفلًا يراقب كبار الصناع، في إنشاء ورشة متكاملة لتدريب الشباب، لكنه يواجه تحديات في الحصول على الأدوات والمواد اللازمة بسبب غياب الدعم الرسمي.
ويقول "لو توفر لي أدوات قطع أفضل، وإمكانية للتوسّع، لقمت بتدريب شباب كثيرين هنا في واو. هذه المهارة يمكن أن تنقذهم من البطالة".