العثور على معبد ضخم يكشف أسرار حضارة انقرضت قبل ألف عام

كشف علماء الآثار النقاب عن معبد حجري ضخم بني قبل 1000 عام في جبال الأنديز، من قبل إحدى أقوى الحضارات في أمريكا الجنوبية.

وهذا الصرح الحجري العملاق، الذي أطلق عليه اسم "بالاسباطا"، يقف شامخا على قمة مرتفعات نائية في غرب بوليفيا، جنوب شرق بحيرة تيتيكاكا الشهيرة، ليحكي قصة حضارة غامضة أتقنت فنون العمارة والهندسة قبل أن تختفي فجأة من مسرح التاريخ.

ويقدم لنا هذا المعبد المهيب الذي يغطي مساحة تعادل تقريبا مساحة مبنى سكني، ويبلغ طوله نحو 125 مترا وعرضه 145 مترا، نموذجا رائعا للإبداع المعماري الذي تميزت به حضارة تيواناكو.

ويشهد تصميمه الفريد المكون من 15 ساحة مستطيلة تحيط بفناء مركزي، مع محاذاة دقيقة للاعتدال الشمسي، على المستوى المتقدم الذي وصل إليه هذا الشعب في علوم الفلك والرياضيات. ولكن الأكثر إثارة للدهشة هو تلك الأحجار الضخمة التي يزيد وزنها عن 100 طن، والتي استخدمت في البناء وتشير إلى مستوى عال من التنظيم الاجتماعي والقدرة الهندسية.

ويوضح الدكتور خوسيه كابريليس، عالم الآثار من جامعة ولاية بنسلفانيا، أن "بالاسباطا" لم يكن مجرد مكان للعبادة، بل كان مركزا حيويا في شبكة تجارية واسعة تربط بين مرتفعات الأنديز والمناطق المنخفضة. وهذا الموقع الاستراتيجي شهد تقاطع طرق القوافل التجارية، وتبادل السلع، واختلاط الثقافات، ما جعله نقطة محورية في تاريخ المنطقة.

وما يزيد من غموض وأهمية هذا الاكتشاف هو التوقيت التاريخي الذي يكشفه لنا. فمن خلال التأريخ بالكربون المشع، تمكن العلماء من تحديد أن ذروة نشاط الموقع كانت بين عامي 630 و950 ميلادي، وهي الفترة التي بلغت فيها حضارة تيواناكو أوج قوتها وانتشارها. ولكن الألغاز تبقى قائمة حول أسباب اختفاء هذه الحضارة العظيمة حوالي عام 1000 ميلادي، أي قبل قرون من وصول الإنكا إلى المنطقة.

ولم يكن اكتشاف "بالاسباطا" وليد الصدفة، بل جاء نتيجة عمل دقيق جمع بين التقنيات الحديثة والملاحظة الدقيقة. فمن خلال تحليل الصور الفضائية، لاحظ العلماء أشكالا هندسية غير عادية دعتهم إلى استخدام الطائرات المسيرة والتقنيات ثلاثية الأبعاد لتأكيد وجود هذا الصرح التاريخي. وفي موقع مجاور يدعى "أوكوتافي 1"، كشفت الحفريات عن منازل قديمة وأدوات وعظام حيوانات، بالإضافة إلى مدافن بشرية تحمل علامات تشكيل الجمجمة، وهي ممارسة كانت تدل على المكانة الاجتماعية الرفيعة في ثقافة الأنديز.

المصدر: ديلي ميل