آخر الأخبار

ورحل أيقونة الكرة السودانية

شارك
مصدر الصورة

بورتسودان 16-02-2025 (سونا)

تقرير دكتور عبدالله ادريس عبدالله

آلاف الجماهير المنتشية بانتصار فريق الهلال على غريمه التقليدي فريق المريخ أخذت تهتف بصورة هستيرية فترتجُّ جدران البنايات المحيطة

بالإستاد، ولا تجد من بدٍّ تلك البنايات إلا أن تصنع رجع صدىً لذلك الهتاف الداوي «أبوكم مين؟ علي قاقرين».

ليهُبَّ على إثر ذلك وزير الرياضة حينئذ زين العابدين محمد أحمد عبدالقادر، ويصدر قرارات على عجل بإيقاف سفر الفرق الرياضية المشاركة خارجياً، وتجميد كل المنافسات الكروية المحلية، ليس هذا فحسب بل وتسريح جميع اللاعبين من فرقهم، ومن ثم تجميد حسابات الأندية والاتحادات، والتحول إلى ما يسمى «بالرياضة الجماهيرية»، اي أن تُمارس الرياضة داخل المناطق السكنية فقط.

كل هذه القرارات والتي كانت وبالاً على الرياضية والرياضيين كانت بسبب ذلك الهتاف البسيط في تركيبه والعميق في معناه حيث كان ذلك الهتاف ما هو إلا تحريف لهتاف مشهور ومنتشر وقتها عن الرئيس السوداني الراحل، جعفر النميري، وهو «أبوكم مين؟ نميري» .

وتوثق الذاكرة الرياضية أن الهدف الذي أحرزه اللاعب الأسطوري كابتن فريق الهلال والفريق القومي علي قاقرين والمشهور بالرمح الملتهب في الدقيقة 70 من عمر المبارة الختامية في شباك المريخ في مباراة «كأس الثورة الصحية» يوم 24-04-1976م كان كفيلاً بحسم البطولة لصالح فريق الهلال ومن ثم تتويجه بالكأس، ولتهتف الجماهير له.

بداية مريخية

اشتهر باسم علي قاقرين، واسمه الحقيقي حيدر حسن حاج الصديق، وُلد في 1 أبريل 1949م في أم درمان (العاصمة الوطنية) في أسرة رياضية ومريخية قلباً وقالباً حيث كان يلعب شقيقه الأكبر جعفر قاقرين في المريخ، ومن قبله ابن أخيه أسطورة كرة القدم السودانية حسن أبو العائلة، بل إن علي قاقرين نفسه كان يلعب في أشبال فريق المريخ بين 1963- 1966م، وأصبح متاحاً بحكم السن للعب في الفريق الأول.

لكن في تلك الفترة بدأ بعض لاعبي ومسؤولي الهلال في التواصل معه لضمه لفريقهم. وبمقابل 125 جنيها سودانيا فقط تم التوقيع على ضمه لكشوفات فريق الهلال، حيث كان يمثل ذلك المبلغ رقماً كبيراً بمقاييس ذلك الوقت، فلم يتردد علي قاقرين في شراء دراجة هوائية بذلك المبلغ وتحقيق أمنيته بامتلاك دراجة.

رمز الجيل الذهبي

كان علي قاقرين يمثل رعباً حقيقياً لأي حارس مرمى يواجهه، وفي الطرف الآخر بالنسبة للجماهير؛ كان الملهب لحماستهم بأهدافه الحاسمة. لقد كان قاقرين رمزاً لجيل ذهبي، حينما كانت الكرة السودانية في أوج تألقها، وترك بصمة لا تُمحى في ذاكرة الملاعب السودانية، وخصوصاً في مباريات القمة السودانية بين الهلال والمريخ، حيث سجل رقماً قياسياً بإحراز 19 هدفاً في شباك فريق المريخ على مدار عشر سنوات بين 1967 و 1976م، ليبقى هذا الرقم صامداً لأكثر من أربعة عقود.

كما كان الرمح الملتهب الهداف التاريخي للمنتخب القومي السوداني في حقبة السبعينيات، حيث صال وجال في الملاعب الإفريقية، ويعتبر أحد أساطير بطولة كأس الأمم الأفريقية الوحيدة التي حققها السودان في العام 1970م، وأمتع الجماهير بأدائه الرائع وأهدافه الجميلة وأدبه الجم.

ليس هذا فحسب حيث لم يتوقف عطاؤه الرياضي رغم إيقاف النشاط الرياضي في السودان كلها بسبب الهتاف الذي صدحت الحناجر به له، حيث لعب خارج السودان ضمن عدد من الفرق الرياضية في كل من قارتي آسيا وإفريقا، فقد لعب في نادي النصر بالمملكة العربية السعودية موسم 1976- 1977م، ثم لعب مع ستاد أبيديجان الإيفواري بدولة ساحل العاج بين 1978- 1979م.

دبلوماسي وأكاديمي بارز

التحق الدكتور علي قاقرين بوزارة الخارجية عام 1977م، حيث عمل بعدد من البعثات الدبلوماسية منها أبيديجان وباريس ونيويورك وأنقرة. كما عمل سفيراً للسودان في كل من كينشاسا، والجزائر، ومديراً عاماً بإدارات الوزارة المختلفة.

وبما إن على قاقرين حاصل على درجة الدكتوراة في القانون وماجستير في اللغة الفرنسية بجانب عدد من الدبلومات الاكاديمية المختلفة، فقد عمل محاضرا بعدد من الجامعات السودانية.

ليس هذا فحسب فقد عمل مديرا لادارة التخطيط الاستراتيجي بالاكاديمية العليا للدراسات الاستراتيجية والامنية، ووضع بصمة ايجابية استنادا لعلمه الغزير وتواضعة الجم وهذا بشهادة كل من عمل معه في المجال الاكاديمي او العمل العام خاصة الرياضي.

رحيل من غير ميعاد

فُجع الوسط الرياضي والدبلوماسي بل المجتمع السوداني بكل مكوناته بوفاة علي قاقرين بعيداً عن الميادين التي كثيراً ما صال وجال فيها وزرع البسمة في وجوه مشاهديه، حيث فاضت روحه الطاهرة بالمركز الطبي العالمي في العاصمة المصرية القاهرة يوم 12 من هذا الشهر عن عمر يناهز الخمسة والسبعين عاماً، بعد صراع مع المرض إثر معاناته من إلتهاب حاد بالصدر، بعد مسيرة حافلة بالعطاء في ميادين الرياضة والدبلوماسية والعمل العام، لتنطوي صفحة في سِفر كرة القدم السودانية كتبها الرمح الملتهب عن جدارة واقتدار.

شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا