آخر الأخبار

الأمة القومي: حديث البرهان في تركيا إعادة تسويق للخطاب خارجيًا أكثر من كونه تحولًا جوهريًا

شارك

الراكوبة: رشا حسن

قال القيادي في حزب الأمة القومي، عروة الصادق، إن تصريحات قائد الجيش الفريق أول عبد الفتاح البرهان من تركيا، والمضافة إلى خطاب التنظيم الإخواني، حول “أولوية استعادة الأمن وبسط سيادة الدولة”، وأن “الحل العسكري قد ينتهي بالاستسلام لا بالقتال”، يمكن قراءتها بوصفها محاولة لإعادة تسويق الخطاب خارجيًا، أكثر من كونها تحولًا جوهريًا في مقاربة الحرب.

وأوضح الصادق، في حديثه لـ”الراكوبة”، أن الخطاب يقدّم صاحبه في صورة من يبحث عن نهاية أقل كلفة، غير أن مضمونه يظل أسير تقديم الخيار العسكري على السياسي، مع اشتراط إنهاء ما يسميه “التمرد” بوصفه مدخلًا لأي مسار سياسي. وأضاف أن هذا المعنى ورد بصورة شبه حرفية في تغطيات متعددة لتصريحاته خلال زيارته لتركيا، وهو ما يؤكد أنه لا يزال “يتردد”.

وأشار الصادق إلى أن استخدام عبارة “الاستسلام”، وإن حمل اعترافًا ضمنيًا، فإنه لا يشير إلى انعطاف حقيقي نحو السلام، بل يعكس إقرارًا متأخرًا بأن الحرب غير قابلة للحسم السريع، وأن استمرارها يهدد بنية الدولة ذاتها. وأضاف أن الإشكال يكمن في أن هذا الإدراك يأتي بعد كلفة وطنية باهظة: مدن سقطت، مجتمعات تشردت، واقتصاد انهار، وكل ذلك جرى تحت قيادة سلطة مهترئة كانت وظيفتها الأولى احتواء الانفجار ومنع تحوله إلى حرب شاملة، لا إدارة نتائجه.

ومن الزاوية السياسية والأخلاقية، حمّل الصادق البرهان مسؤولية مباشرة عن انقلاب أكتوبر 2021م واندلاع حرب 2023م وامتداداتها، لاعتبارات جوهرية. أولها قيادته البلاد إلى وضع صراع مراكز قوة داخل المنظومة الأمنية من دون إصلاح حقيقي، ثم ترك هذا الوضع يتفجر في قلب العاصمة. وثانيها الإصرار المستمر على خطاب “الحسم” على حساب أي تسوية واقعية تضع حماية المدنيين في المقدمة، في وقت كانت فيه رقعة الدمار تتسع وتسقط المدن تباعًا. وثالثها إعادة إنتاج دولة “التمكين” ما قبل الثورة عبر الاتكاء على شبكات النظام القديم والتيار الإسلاموي بوصفهما حاضنة سياسية وأمنية، وهو مسار يشكّل انحرافًا عن مطلب الدولة الوطنية المدنية، ويغلق باب الإجماع الوطني، ويحوّل الصراع من معركة إنقاذ دولة إلى معركة استعادة سلطة. وأخيرًا، ما يمارسه من إجراءات عنصرية يومية ضد ما عُرف بـ“الحواضن”، من منع وحرمان وقصف وحرق وتطهير.

وبناءً على ذلك، يرى الصادق أن هذه التصريحات لا تعكس تغييرًا جذريًا في جوهر المقاربة، بقدر ما تعكس محاولة لصناعة صورة خارجية مفادها: لسنا دعاة حرب، غير أن القتال سيستمر حتى يُفرض الاستسلام. واعتبر أن هذا خطاب مزدوج يُراد منه كسب دعم سياسي ودبلوماسي، من دون تقديم التزام واضح بوقف إطلاق نار إنساني، أو الانخراط في مسار تفاوضي ملزم، كالذي تطرحه دول الرباعية، ما يعني تمسكه بتلابيب التنظيم المحلول ورفضه أي حل، أو إجراء مراجعة صريحة للمسؤولية عن الوصول إلى هذه الكارثة.

وختم الصادق بالقول إن “سيادة الدولة”، إذا كانت أولوية فعلًا، فإن اختبارها الحقيقي لا يكون في الكلمات الصادرة من أنقرة، وإنما في القرارات المتخذة داخل السودان. ويتمثل المعيار في وقف الحرب بترتيبات مراقبة واضحة، وحماية المدنيين، وفتح الممرات الإنسانية، والقبول بمسار سياسي يُدار بروح التوافق الوطني، لا بعقلية الغلبة ولا بأجندة تيار إسلاموي واحد. وأضاف أن استمرار خطاب “النصر أو الاستسلام”، في وقت تتساقط فيه المدن ويُحاصر المدنيون، لا يقود إلى بسط سيادة الدولة، بل يواصل تقويضها خطوة بعد أخرى، وهو ما ينذر بمزيد من الانهيار حال استمرار البرهان في حالة الاضطراب هذه.

الراكوبة المصدر: الراكوبة
شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا