أديس أبابا: الراكوبة – وحدة التقارير الخاصة
أثار تعرض الناشط السوداني هشام علي (ود قلبا) لمحاولة اغتيال في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، تساؤلات ملحة حول دوافع هذا الاستهداف العابر للحدود، وأبعاده القانونية الدولية. وتشير التحليلات إلى أن الحادثة تتجاوز كونها اعتداءً جنائياً عادياً لتصبح قضية “تصفية سياسية” بامتياز.
“سلسلة الشيطان” وخطر المعلومات تُجمع المصادر على أن الدافع الرئيسي وراء محاولة تصفية “ود قلبا” يكمن في ما عُرف بـ”سلسلة الشيطان” التي بدأ الناشط في نشرها مؤخراً. وقد شكلت هذه التسريبات خطراً وجودياً على شبكات نفوذ نافذة داخل حكومة بورتسودان لسببين رئيسيين:
ضرب العصب المالي: كشفت التسريبات عن وثائق وتسجيلات تفضح عمليات غسيل أموال وصفقات سلاح مشبوهة يديرها رجل الأعمال “محمد عثمان”، الذي يُوصف بأنه الواجهة المالية لجنرالات كبار في الجيش، مما يهدد بتجفيف منابع تمويل شخصية وعسكرية.
فضح التحالفات السياسية: تضمنت المعلومات أدلة مزعومة على تنسيق سري بين نائب القائد العام للجيش، الفريق شمس الدين كباشي، وكتلة الإسلاميين (النظام السابق) لعرقلة العملية السياسية، وهو ما ينسف السردية الرسمية للجيش أمام المجتمع الدولي.
لذا، لم يعد الهدف هو الاعتقال أو الترحيل الذي قد يطول ويسمح بتسرب المزيد من المعلومات، بل أصبح “الإسكات النهائي” هو الخيار الوحيد لمنع انهيار شبكة المصالح المعقدة هذه.
يُصنف الهجوم على “ود قلبا” ضمن الجرائم الخطيرة التي ترتب مسؤوليات دولية على الدولة المتورطة:
القتل خارج نطاق القانون (Extrajudicial Killing): تُعد محاولة الاغتيال انتهاكاً صارخاً لـ”الحق في الحياة” المكفول بموجب المادة (6) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، وتصنف كإعدام تعسفي خارج نطاق القضاء.
القمع العابر للحدود (Transnational Repression): يمثل الحادث انتهاكاً لسيادة الدولة الإثيوبية، حيث يُحظر على الدول ممارسة ولايتها الأمنية أو تنفيذ عمليات استخباراتية عدائية داخل أراضي دولة أخرى دون إذنها، وهو ما يعد خرقاً لميثاق الأمم المتحدة المتعلق باحترام السيادة الوطنية.
انتهاك حماية اللاجئين: بما أن “ود قلبا” يقيم بصفة طالب لجوء أو لاجئ، فإن استهدافه ينتهك مبدأ الحماية الدولية، ويذكر بسوابق “الترحيل القسري” (Refoulement) التي تعرض لها سابقاً من السعودية، والتي أدانتها منظمة العفو الدولية في حينه كخرق لاتفاقية مناهضة التعذيب.
وتضع هذه الحادثة ملف “استهداف النشطاء السودانيين في الخارج” أمام الهيئات الحقوقية الدولية، كدليل جديد على منهجية ملاحقة الخصوم السياسيين خارج الحدود الجغرافية للنزاع.
المصدر:
الراكوبة