آخر الأخبار

مبادرة كامل إدريس في ميزان القوى والضغوط الدولية

شارك

أثار الخطاب الذي ألقاه رئيس الوزراء كامل إدريس أمام مجلس الأمن الدولي موجة من الجدل السياسي والإعلامي، حيث جاء في توقيت شديد الحساسية يتزامن مع ضغوط دولية مكثفة بقيادة الولايات المتحدة لفرض هدنة إنسانية شاملة مع بداية العام الجديد. وبينما قُدمت المبادرة كخارطة طريق للسلام، يرى منتقدوها أنها تفتقر إلى الواقعية الميدانية والسياسية.


شروط مبادرة كامل إدريس:

تضمنت المبادرة التي طرحها إدريس بنوداً محورية تبدأ بوقف إطلاق النار، لكنها اشترطت انسحاب قوات الدعم السريع من كافة المناطق التي تسيطر عليها وتجميعها في معسكرات محددة. كما شملت المبادرة نزع سلاح هذه القوات، وإعادة دمج وتأهيل مقاتليها وتوفير فرص عمل لهم، بالتوازي مع إطلاق حوار سوداني داخلي حول التحول الديمقراطي وتحقيق عدالة شاملة. هذه الشروط اعتبرها مراقبون وصحفيون، مثل رئيس تحرير صحيفة التيار عثمان ميرغني، تكراراً لمواقف الجيش السابقة التي لا تتماشى مع سيطرة الدعم السريع الميدانية، مما يجعلها “مضيعة للوقت” ومحاولة لإعادة إنتاج مقترحات قديمة سبق رفضها.

مأزق الشرعية وفك الارتباط:

يرى الدكتور علاء الدين نقد، الناطق باسم تحالف “تأسيس”، أن خطاب إدريس لا يختلف جوهرياً عما يطرحه مندوب السودان في الأمم المتحدة، واصفاً الشروط بأنها “أضغاث أحلام” ومحاولة للالتفاف على جهود “الرباعية الدولية”. ويشير نقد إلى أن البرهان يعيش حالة من الحصار بين المبادرة الدولية التي تشترط فك ارتباط الجيش بجماعة الإخوان المسلمين، وبين ضغوط الإخوان أنفسهم الذين يحيطون به. ويعتقد نقد أن المبادرة تعكس تخبطاً داخل “حكومة بورتسودان” نتيجة الخلافات بين مكوناتها والكتلة الديمقراطية، داعياً المجتمع الدولي لإيجاد آليات تحمي أي توجه نحو وقف إطلاق النار بعيداً عن سيطرة المليشيات الجهادية.

التفاوض مقابل الاشتراطات التعجيزية:

من جانبه، يطرح القيادي في تحالف “صمود” ياسر عرمان تساؤلاً جوهرياً حول ما إذا كان خطاب إدريس يمثل “اشتراطات مسبقة” أم “موقفاً تفاوضياً”. ويوضح عرمان أن الفرق شاسع؛ فالاشتراطات تعني استمرار الحرب لعدم قابليتها للمساومة، بينما الموقف التفاوضي يفتح الباب للأخذ والعطاء. وينتقد عرمان غياب “الخيال السياسي” لدى رئيس الوزراء المدني، مشدداً على ضرورة التعامل بجدية مع تحركات الرباعية الدولية والوساطة لإنقاذ ملايين المدنيين، خاصة في مناطق كردفان التي تواجه خطراً وجودياً. ويرى عرمان أن الحل يتطلب إرادة سياسية تتجاوز الأمنيات غير الواقعية وتستند إلى تجارب السودان الواسعة في فن التفاوض.

مآلات التحرك الدولي:

تأتي هذه السجالات في ظل مهلة العشرة أيام التي حددها وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو للتوصل إلى هدنة، وسط تقارير عن ضغوط مباشرة مارسها المبعوث الأمريكي مسعد بولس خلال جولته الإقليمية. ويظل التساؤل قائماً حول قدرة السلطة في بورتسودان على الموازنة بين شروطها المعلنة وبين الضغوط الدولية المتصاعدة والواقع الإنساني المنهار.

دبنقا

الراكوبة المصدر: الراكوبة
شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا