آخر الأخبار

تغيرات جذرية على خارطة السيطرة في حرب السودان

شارك

تحولت خارطة السيطرة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع بشكل جذري في النصف الثاني من العام 2025، حيث شهد هذا العام، الذي يقترب من إسدال ستاره، سيطرة مختلفة على عدة مدن وولايات واستخدامًا مكثفًا للطيران المسير.

ومع اقتراب عام 2026، وهو العام الثالث للحرب، تظهر بيانات ومعلومات لا يتردد الخبراء في وصفها بالكارثية، سيما فيما يخص الوضع الإنساني.

نقطة التحول الكبرى

أعلن الجيش السوداني في بيان رسمي خلال شهر مايو 2025 “اكتمال تطهير كامل ولاية الخرطوم” من مقاتلي الدعم السريع، بعد قرابة شهرين من استعادته السيطرة على وسط العاصمة.
وسيطر الدعم السريع على العاصمة أكثر من عامين مع اكتفاء الجيش بالدفاع عن مقراته مثل القيادة العامة والمدرعات.
وانسحب ما تبقى من القوات جنوبًا عبر أم درمان وجنوبي الخرطوم، متحولة بكامل قواتها إلى ولايات دارفور وكردفان، بعد أن ضيق الجيش ومساندوه الحصار عليها في العاصمة، وجرى قصفها بالطيران المسير في عدة مواقع.

هجمات المسيرات

وتعرضت مدينة بورتسودان إلى سلسلة من الهجمات بطائرات دون طيار، آخرها خلال شهر مايو الماضي، ما أسفر عن خسائر متباينة في المدينة التي يتخذ منها الجيش عاصمة إدارية مؤقتة، مما وضعها في دائرة التهديد الأمني بشكل جدي.

وتتعرض العاصمة الخرطوم إلى هجمات بالمسيرات بين الحين والآخر، حيث تستهدف تلك الهجمات المنشآت ومطار الخرطوم ومقار الجيش ومحطات الكهرباء.

وتستهدف قوات الدعم السريع بهجوم مستمر عبر المسيرات مواقع لقوات متحالفة مع الجيش في ولايات عديدة مثل الجزيرة والنيل الأزرق والشمالية ونهر النيل.

حصار كردفان

بعد سيطرة الدعم السريع على الفاشر في نهاية أكتوبر الماضي، واستحواذها على كامل إقليم دارفور بولاياته الخمس، تمددت القوات برفقة مؤيديها في الحركة الشعبية شمال في مدن عديدة بكردفان.

ونجحت قوات الدعم السريع في اجتياح مدينة بابنوسة هذا الشهر بعد حصار امتد نحو عامين، وتحاصر في الوقت نفسه مدينة الأبيض بشمال الإقليم وكادقلي جنوبه، مع سقوط حقل هجليج في يدها هذا الشهر أيضًا.

ويخوض الطرفان معارك عنيفة حول مدينة الأبيض (مركز إقليم كردفان)، حيث يحاول الجيش الحفاظ عليها كحائط صد يمنع تمدد الدعم السريع نحو الشمال والشرق.

كما شهدت المناطق الحدودية تغيرات كبيرة، إذ سيطرت قوات الدعم السريع على منطقة المثلث الحدودي خلال يونيو الماضي.

تدخلات إقليمية

وشهد عام 2025 تحولات درامية ومصيرية في خارطة السيطرة الميدانية بالسودان، حيث انتقل الصراع من حالة “الكر والفر” إلى مرحلة “الترسيخ الإقليمي”، مما أدى إلى انقسام البلاد فعليًا إلى كتلتين جغرافيتين واضحتين.

ورغم أن الاتهامات تتوزع داخل الإقليم ودوليًا بالتدخل المباشر في حرب السودان، تنفي قوى إقليمية ودولية تدخلها في هذا الصراع.

ويتهم الجيش السوداني دولة الإمارات بتغذية الحرب ودعم قوات الدعم السريع، كما يشير بأصابع الاتهام إلى دول أخرى مثل تشاد وجنوب السودان.

في المقابل، تتهم قوات الدعم السريع مصر بدعم الجيش السوداني.

وتشير تقارير دولية إلى تورط دول (إيران، روسيا، مصر، الإمارات، الصين، قطر، تشاد، جنوب السودان، إريتريا) وغيرها في تسليح ودعم أطراف النزاع المستمر في السودان منذ منتصف أبريل 2023.

التجميد العسكري

يشير الخبير العسكري العميد المتقاعد صبري أحمد حسن، في حديث لـ”سودان تربيون”، إلى أن المعطيات الميدانية توحي بحالة تجميد عسكري هش.

ورأى أن الطرفين استنزفا قدرتهما على تحقيق حسم عسكري شامل، مما يفتح الباب أمام سيناريوهات مختلفة.

ويشير إلى أن الواقع بنهاية عام 2025 يعزز فرص ما يعرف بمواجهات “خط التماس” بين وسط السودان وغربه إلى ما يشبه الحدود الدولية.

وتوقع أن يتحول أطراف النزاع إلى تركيز العمليات العسكرية في ولايات النيل الأبيض وسنار وجنوب كردفان للسيطرة على محطات الطاقة وسكر كنانة وحقول النفط، وهو ما يعني الانتقال إلى مرحلة حرب الموارد.

التقسيم الواقعي

ومن جانبه، يعتقد الخبير الاستراتيجي وأستاذ العلوم السياسية د. محمد إدريس أن الطرفين ليس أمامهما، بعد اقتراب العام الثالث من القتال، سوى المضي نحو قبول التقسيم الواقعي طويل الأمد.

ويقول إدريس، في حديثه لـ”سودان تربيون”، إن الواقع الحالي دون التوصل لاتفاق سلام ينهي الحرب ويوقف العدائيات ويتيح إيصال المساعدات المنقذة للحياة وتوسيع نطاقها، يشير إلى الانفجار الشامل.

وعلى الجانب السياسي، يتوقع الخبير الاستراتيجي القبول بصيغة فدرالية موسعة تمنح الأقاليم حكمًا ذاتيًا واسعًا وجيوشًا محلية تدمج لاحقًا.

وشدد على دخول الطرفين مرحلة الإنهاك والمساومة الاضطرارية، حيث جاء اتفاق البرهان وحميدتي وسلفا كير لحماية حقول النفط في هجليج.

شل الحركة والقدرات

وعلى جانب التوقعات المتعلقة بالنزاع خلال العام الجديد 2026، قال الخبير العسكري صبري إن المؤشرات تتجه إلى استخدام أكثر للمسيرات لخلق تفوق جوي، مع منع تقدم الجيوش في مختلف المحاور، مما يعني شل حركة الطرف الآخر.

ورأى أن تفوق القوات المسلحة يرتبط بمدى استمرار تدفق الإمدادات عبر الحدود الشرقية والبحرية.

وفيما يخص فرص إنهاء القتال ووقف الحرب خلال عام 2026، يستبعد الخبير الاستراتيجي إدريس توقف الأطراف عن المواجهات.

ويقول إن مطلع عام 2026 لن يشهد نهاية الحرب بقدر ما سيشهد تغيير طبيعتها من حرب شوارع واسترداد مدن إلى حرب تأمين نفوذ سياسي وجغرافي.

الراكوبة المصدر: الراكوبة
شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا