آخر الأخبار

كيف تورط الجيش السوداني في توسيع تهديد الحوثيين بالبحر الأحمر

شارك

على الرغم من إعلان الولايات المتحدة وقف إطلاق النار مع الحوثيين، الذي أوقف القصف الأميركي على الميليشيات مقابل توقفها عن مهاجمة السفن الأميركية، لا تزال الملاحة التجارية في البحر الأحمر تتعرض لهجمات متكررة، ما يكشف أن تهديد الحوثيين لم يتراجع بل ربما يتوسع خارج اليمن.

وفي البداية، كانت التوقعات تشير إلى أن وقف إطلاق النار سيؤدي إلى تراجع الأنشطة الحوثية، لكن الواقع يظهر استمرارهم في تنفيذ ضربات دقيقة ضد السفن المدنية، ما يثير القلق حول قدرتهم على توسيع نطاق عملياتهم شمال البحر الأحمر، وربما إلى السواحل السودانية.

ويقول الباحث جيمس ويلسون في تقرير نشره موقع مودرن بوليسي إن هناك أدلة تشير إلى أن هذا التوسع يتم بدعم من القوات المسلحة السودانية وتنسيق إيراني مباشر، ما يجعل السودان لاعبًا محوريًا محتملًا في هذه العمليات، رغم انشغاله بصراعات داخلية عميقة.

وأظهرت الهجمات الأخيرة على السفن قدرة الحوثيين على الوصول إلى أبعد نطاق شمالي حتى الآن، ويُعتقد أن هذه العمليات تتم باستخدام الطائرات المسيّرة أو إطلاق الصواريخ والزوارق من سواحل السودان. ويمثل هذا تطورًا مهمًا، لأنه يشير إلى قدرة الحوثيين على نقل تهديداتهم خارج اليمن، واستخدام الأراضي السودانية كمناطق إطلاق محتملة، وهو ما يرفع من مخاطر الأمن البحري الدولي.

ويشير ويلسون إلى أن موقع السودان الإستراتيجي على البحر الأحمر يجعله قاعدة حيوية للحوثيين، لاسيما إذا استمر دعم إيران لهم، وهو ما يوسع نطاق التهديد ويزيد من تعقيد المعادلة الأمنية في المنطقة. وتشير المعطيات إلى وجود علاقة ثلاثية بين الحوثيين، والقوات المسلحة السودانية، وإيران، تتيح للحوثيين استخدام البنية التحتية السودانية الإستراتيجية، بما في ذلك ميناء بورتسودان ومستودعاته ومطارها، كمراكز لتخزين الأسلحة والطائرات المسيّرة.

وقامت إيران على مدى السنوات الماضية بتزويد الحوثيين بطائرات مسيّرة مثل محاجر – 6 وأبابيل، بالإضافة إلى أنظمة صواريخ متنوعة، ما يعزز من قدراتهم على تنفيذ ضربات بعيدة المدى. وعلاوة على ذلك، تعتمد القوات السودانية على حلفاء إسلاميين محليين، وهو ما يسهّل مرور الأسلحة والطائرات المسيّرة الإيرانية دون مواجهة مباشرة، ويجعل من السودان قاعدة لوجستية إستراتيجية للحوثيين خارج اليمن.

وتمثل هذه التطورات تحديًا كبيرًا للقانون الدولي والملاحة البحرية، إذ يعدّ البحر الأحمر شريانًا حيويًا للتجارة العالمية، وأيّ هجوم على السفن يشكل تهديدًا للاقتصاد الدولي.

وتعكس العقوبات الأميركية الأخيرة على الجنرال عبدالفتاح البرهان وحلفائه الإسلاميين، بما في ذلك كتيبة البراء بن مالك التي تتحكم في ميناء بورتسودان، إدراك واشنطن لخطورة الوضع، لكنها لا تقلل من المخاطر المتزايدة على الملاحة الدولية.

◄الجيش السوداني يسهل توسع تهديد الحوثيين في البحر الأحمر باستخدام سواحله وموانئه بدعم إيراني

ويبقى التساؤل الأكبر حول مدى قرب الحوثيين من الوصول إلى أسلحة كيميائية أو تكنولوجيات متقدمة عبر السودان، واحتمالية استخدامها خارج حدود البلاد، وهو ما يرفع من حدة المخاطر على الأمن الإقليمي والدولي. وللأزمة في البحر الأحمر أبعاد إقليمية واقتصادية واضحة، إذ يمثل البحر الأحمر مسارًا حيويًا لنقل النفط والسلع التجارية العالمية.

وسيؤدي استمرار الهجمات الحوثية إلى تعطيل حركة السفن، ورفع تكاليف التأمين على الشحن، وزيادة أسعار النفط والسلع، وهو ما ينعكس سلبًا على الاقتصاد العالمي. كما أن تورط السودان، سواء بشكل مباشر أو بتسامح، في دعم الحوثيين قد يعقّد علاقاته مع الدول الغربية ودول الخليج، ويعرّضه لعقوبات إضافية أو ضغوط دبلوماسية، في حين يعزز التعاون الإيراني – السوداني – الحوثي نفوذ طهران في المنطقة ويزيد من توتر العلاقات مع دول الخليج.

وتشير القدرات العسكرية المتزايدة للحوثيين، سواء عبر الطائرات المسيّرة أو الصواريخ، إلى أنهم لم يكتفوا بالعمل داخل اليمن بل أصبحوا قادرين على تنفيذ عمليات بعيدة المدى، وإذا تمكنوا من استخدام السواحل السودانية كنقطة انطلاق، فإن نطاق تهديداتهم سيمتد إلى شمال البحر الأحمر وحتى باب المندب، ما يجعل البحر الأحمر ساحة محتملة لتصعيد عسكري إقليمي.

وتجعل العلاقة بين الحوثيين والقوات السودانية من الصعب التفريق بين تهديد داخلي وخارجي، حيث أن السيطرة الجزئية على ميناء بورتسودان ومطارها من قبل حلفاء الحوثيين والإيرانيين يخلق تهديدًا غير مسبوق، إذ يمكن استخدام هذه المنشآت كمراكز لوجستية لتخزين الأسلحة والطائرات المسيّرة وإطلاقها في أيّ وقت.

ويعتمد مستقبل البحر الأحمر كمسار آمن للتجارة على قدرة القوات السودانية على منع استخدام سواحلها كنقاط إطلاق للحوثيين، واستمرار دعم إيران العسكري واللوجستي لهم، وردود الفعل الدولية من واشنطن والدول الأوروبية على التصعيد الحوثي، وقدرة الأمم المتحدة والمنظمات الدولية على حماية الملاحة البحرية.

وقد يؤدي أيّ فشل في التعامل مع هذه العوامل إلى تصعيد واسع، يمتد من البحر الأحمر إلى مناطق أخرى في الشرق الأوسط، ويزيد المخاطر على الأمن الإقليمي والدولي. وتوضح الأحداث الأخيرة أن تهديد الحوثيين لم يعد محصورًا داخل اليمن، بل امتد إلى البحر الأحمر والسودان، مع احتمال دعم إيراني مباشر.

ويعزز التعاون الثلاثي بين الحوثيين والقوات السودانية وإيران قدرة الميليشيات على توسيع نطاق عملياتها، ويجعل من البحر الأحمر ساحة تهديد إستراتيجية للتجارة الدولية والأمن الإقليمي.

وتتطلب هذه التطورات استجابة دولية حاسمة تشمل الرقابة البحرية، والتضييق على تدفق الأسلحة والطائرات المسيّرة، وضغوط دبلوماسية على السودان لإيقاف أيّ دعم للحوثيين. ويتجاوز التحدي الراهن الأزمة اليمنية ليصبح قضية أمن إقليمي ودولي لا يمكن تجاهلها إذا أردنا الحفاظ على استقرار الملاحة البحرية والتوازن الإستراتيجي في المنطقة.

وفي ضوء ذلك، يبدو أن الوضع الراهن في البحر الأحمر أصبح اختبارًا حقيقيًا لقدرة المجتمع الدولي على ضبط النزاعات الإقليمية ومنع توسع تهديدات الحوثيين إلى الخارج. فأيّ إهمال لهذا الخطر قد يؤدي إلى تصعيد إقليمي واسع، يهدد الملاحة التجارية العالمية ويزيد من تعقيد المشهد الأمني والسياسي في الشرق الأوسط.

ويجب أن تعمل الدول المعنية، بقيادة الولايات المتحدة والدول البحرية الإستراتيجية، على تطوير آليات فعالة لمراقبة حركة السفن، ومنع تهريب الأسلحة، وفرض العقوبات على أيّ طرف يدعم الحوثيين، لضمان ألا يتحول البحر الأحمر إلى مسرح دائم للصراع والتوتر.

الراكوبة المصدر: الراكوبة
شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا