تشهد مدينة أبوقوتة التابعة لمحلية الحصاحيصا في ولاية الجزيرة موجة متزايدة من الانفلات الأمني، تخللتها عمليات نهب مسلح في وضح النهار، وفقًا لما أعلنته لجان مقاومة أبوقوتة في بيان صدر يوم الجمعة. هذه التطورات الأمنية أثارت قلقًا واسعًا بين السكان المحليين، الذين باتوا يواجهون تهديدات مباشرة على حياتهم وممتلكاتهم في ظل غياب واضح للردع الأمني. وتأتي هذه الأحداث في وقت تتصاعد فيه الشكاوى من ضعف السيطرة الأمنية في مناطق متفرقة من ولاية الجزيرة، وسط انتشار مجموعات مسلحة تتحرك بحرية دون رادع.
بحسب ما ورد في بيان لجان المقاومة، توجه عدد من أهالي أبوقوتة إلى قسم الشرطة مطالبين بتدخل عاجل لوقف الاعتداءات المتكررة، إلا أن قائد القسم رفض الاستجابة، مبررًا ذلك بقلة عدد الجنود وضعف التسليح. هذا الموقف أثار استياء واسعًا بين المواطنين، الذين اعتبروا أن تبريرات الشرطة تعكس حالة من العجز المؤسسي في مواجهة التحديات الأمنية المتفاقمة. ويأتي هذا في وقت تتزايد فيه الدعوات الشعبية لتفعيل دور الأجهزة الأمنية وتوفير الدعم اللوجستي اللازم لها، في ظل تصاعد مظاهر الجريمة المنظمة.
في حادثة وقعت مساء الخميس، نفذت مجموعة مسلحة مكونة من أربعة أفراد عملية سطو على محل تجاري يُعرف باسم “بوتيك الإمام عيسى”، وذلك عقب صلاة العشاء. وبحسب البيان، جرى نهب محتويات المحل تحت تهديد السلاح، دون أن تتدخل أي جهة أمنية لوقف الاعتداء أو ملاحقة الجناة. هذه الواقعة تمثل مؤشرًا خطيرًا على تراجع قدرة الأجهزة الأمنية في المدينة على حماية الممتلكات العامة والخاصة، وتكشف عن هشاشة الوضع الأمني في منطقة يفترض أن تكون تحت سيطرة الدولة.
أحد المواطنين، ويدعى (ع. ب)، نقل في البيان شهادته حول ما وصفه بأنشطة غير قانونية تجري داخل سوق أبوقوتة، وتحديدًا في منطقة تُعرف باسم “كولمبيا”. وأشار إلى أن هذه المنطقة باتت مركزًا لبيع الممنوعات، وأن القائمين على هذه الأنشطة يحملون السلاح ويتحركون بحرية تامة داخل السوق، دون أي تدخل من السلطات. هذه الإفادة تعكس واقعًا مقلقًا بشأن تمدد الجريمة المنظمة في الأسواق المحلية، وتحول بعض المناطق إلى بؤر خارجة عن السيطرة، في ظل غياب الرقابة الأمنية الفاعلة.
تأتي هذه التطورات في سياق أوسع من التدهور الأمني الذي تشهده ولاية الجزيرة، حيث تتصاعد مظاهر الفوضى وغياب الضبط، مع انتشار مجموعات مسلحة بمسميات مختلفة. هذا التدهور يُعزى جزئيًا إلى ضعف البنية الأمنية بعد فترة طويلة من الاضطرابات، ما جعل العديد من المناطق عرضة للانفلات وغياب الردع القانوني. وتُظهر هذه الحالة حاجة ملحة لإعادة هيكلة المنظومة الأمنية في الولاية، وتوفير الدعم اللازم للأجهزة المختصة لاستعادة السيطرة على الأرض.
استعادت القوات المسلحة السودانية السيطرة على ولاية الجزيرة مطلع العام الجاري، بعد نحو عام من خضوعها لسيطرة قوات الدعم السريع. وخلال فترة سيطرة الأخيرة، شهدت الولاية موجة نزوح واسعة لمعظم سكانها، إلى جانب انهيار مؤسسات الدولة الرسمية، بما في ذلك أجهزة الشرطة والسلطة القضائية. هذا الانهيار أدى إلى فراغ إداري وأمني كبير، ترك أثرًا بالغًا على حياة المواطنين واستقرار المنطقة، ولا تزال تداعياته مستمرة حتى اليوم، رغم محاولات إعادة بناء الهياكل الحكومية والأمنية.
السودان نيوز