آخر الأخبار

السودانيون يلجأون إلى "الوصفات البلدية" لإيقاف نزف حمى الضنك

شارك

عثمان الأسباط  صحفي سوداني

ملخص

لجأ بعض المرضى إلى استخدام القرع العسلي والموز كعلاج لحمى الضنك بدلاً من جرعات المحاليل الوريدية، بخاصة بعدما انتشرت في منتديات السودانيين بمواقع التواصل الاجتماعي كوصفات للعلاج وأثبتت فاعلية كبيرة، وأسهمت في تعافي المئات.

تشهد ولايات سودانية عدة وضعاً صحياً مقلقاً في ظل تفشٍّ كبير لمرض حمى الضنك وسط تفاقم الإصابات وتزايد معدلات الوفيات، في وقت تعاني فيه المستشفيات والمراكز الطبية محدودية القدرة على الاستجابة لحالات طارئة بهذا الحجم، فضلاً عن انعدام الأدوية والمحاليل الوريدية، مما أدى إلى لجوء المرضى لوصفات الماضي للعلاج من الوباء.

المرض بدأ الانتشار منذ أسابيع في العاصمة السودانية المنكوبة بشدة بهذا الوباء، واكتظت المستشفيات ومراكز العزل بصورة أنهكت النظام الصحي نتيجة اتساع التفشي للحمى بالعاصمة في مدنها الثلاث، الخرطوم وأم درمان وبحري.

قبل أن تتمكن السلطات من احتواء الوباء في ولاية الخرطوم، سرعان ما سجلت حمى الضنك ظهوراً متبايناً في خمس ولايات تتصدرها الخرطوم والجزيرة والنيل الأبيض وكسلا والنيل الأزرق على التوالي، وفق تقارير وزارة الصحة الاتحادية.

تفشٍّ متسارع

بحسب وزارة الصحة السودانية، فإن الحالات المصابة بحمى الضنك في ولاية الخرطوم وصلت إلى أكثر من 14012 حالة وأربع وفيات.

وكشف مركز الطوارئ الاتحادي التابع لوزارة الصحة عن رصد أكثر من 5 آلاف حالة تراكمية بحمى الضنك على مستوى السودان، في حين حذرت مصادر طبية في غرفة طوارئ الخرطوم من التفشي المتسارع لحمى الضنك والملاريا، في 17 ولاية من ولايات البلاد الـ18، في ظل نقص الأدوية وارتفاع أسعارها وتراجع قدرات النظام الصحي على الاستجابة.

ولفتت المصادر إلى التداعيات الخطرة المتوقعة نتيجة التدهور المريع في الوضع الصحي بالبلاد جراء التفشي الواسع لحمى الضنك، ما لم يكن هناك تدخل سريع وفعال، مطالبة بضرورة زيادة حملات الرش وتوزيع الناموسيات وتوفير الإمدادات الطبية بصورة عاجلة.

كشف مركز الطوارئ الاتحادي التابع لوزارة الصحة عن رصد أكثر من 5 آلاف حالة تراكمية بحمى الضنك على مستوى السودان (اندبندنت عربية – حسن حامد)

قرع العسل

يقول المواطن السوداني الريح عباس الذي يسكن في ود مدني عاصمة ولاية الجزيرة إن “المدينة تشهد تفشياً مرعباً لحمى الضنك وسط انعدام الرعاية الصحية والنقص في الأدوية، خصوصاً المحاليل الوريدية، والبندول وفيتامين – سي”. وأضاف أن “العقاقير الطبية والضرورية لعلاج أمراض الخريف نفدت تماماً، على رغم تفاقم المعاناة والمآسي نتيجة كثافة انتشار حمى الضنك التي لم تترك منزلاً إلا وطرقت بابه”.

ونوه عباس بأن “بعض المرضى لجأوا إلى استخدام القرع العسلي والموز كعلاج لحمى الضنك بدلاً من جرعات المحاليل الوريدية، بخاصة بعدما انتشرت في منتديات السودانيين بمواقع التواصل الاجتماعي كوصفات للعلاج وأثبتت فاعلية كبيرة، وأسهمت في تعافي المئات”.

وكشف المواطن السوداني عن ارتفاع أسعار القرع العسلي في الأسواق بعد إقبال المواطنين على الشراء بكميات كبيرة، إذ بات يباع كشرائح صغيرة، وفي بعض الأوقات ينعدم في المحال التجارية المخصصة للخضراوات والفاكهة.

سوق سوداء

في الأثناء انتعشت السوق السوداء للدواء مع تفشي الحميات في العاصمة الخرطوم وبعض الولايات نتيجة انعدام الرقابة الحكومية على هذا القطاع.

تشير صاحبة إحدى الصيدليات في أم درمان ميرفت الطاهر إلى أن “المعاناة في موضوع الدواء تؤثر في المواطن وأصحاب الصيدليات معاً، فالمواطن تضاعفت معاناته في البحث عن الدواء من دون جدوى، في ظل الارتفاع اليومي للأسعار، وكذلك الحال بالنسبة إلى أصحاب الصيدليات الذين يعجزون عن توفير الدواء للمواطن نتيجة انعدام العقاقير الطبية بسبب توقف مصانع الأدوية وعجز الإمدادات الطبية في توفير الحاجات، على رغم تفشي الأمراض والأوبئة “.

وتتابع الطاهر “في الحقيقية، إن الصيدليات تحاول بقدر المستطاع أن توفر الأدوية لزبائنها ولو بكلف مرتفعة، لأن المريض يهمه أن يجد الدواء المطلوب، لكن الآن هناك أزمة كبيرة في العقاقير الطبية والضرورية لعلاج أمراض الخريف، لا سيما حمى الضنك، إذ لا تتوفر المحاليل الوريدية والبنادول وفيتامين – سي”. وأردفت “لم أتخيل يوماً إن تخيم السوق السوداء على الأدوية في السودان على الإطلاق حتى قادتني الصدفة إلى محل تجاري في أم درمان يوفر المحاليل الوريدية والبنادول بأسعار مضاعفة عن سعرها الرسمي”.

ارتفاع أسعار القرع العسلي في الأسواق بعد إقبال المواطنين على الشراء بكميات كبيرة (اندبندنت عربية – حسن حامد)

كثافة البعوض

في سياق متصل قال وزير الصحة السوداني هيثم محمد إبراهيم إن “حمى الضنك منتشرة في 17 ولاية، وهناك انتشار كبير للبعوض الناقل، بخاصة في ولاية الخرطوم، إذ فاقت نسبته 60 في المئة ببعض المواقع، في حين أن 5 في المئة تتطلب تدخلاً عاجلاً وفورياً”. وأضاف أن “المشكلات التي تواجه الوزارة تتمثل في الأنقاض والمياه والمنازل المغلقة التي يعيش فيها البعوض الناقل لحمى الضنك، ونحن نتابع المنحنى الوبائي ومعدل الإصابات، لكننا في حاجة ماسة لحملة كبيرة يشارك فيها المواطنون”.

وأوضح إبراهيم “ليست لدينا فجوة دوائية، وحتى على مستوى الولايات ندرس الموقف، وقد وفرت الإمدادات الطبية كميات كبيرة من المحاليل الوريدية، وكذلك هناك دعم من منظمة الصحة العالمية لأقاليم البلاد كافة، وليس هناك شح في البندول أو المحاليل الوريدية”. وتابع “بالنسبة إلى حملات مكافحة نواقل الأمراض، لدينا 35 ماكينة تعمل والباقي خارج الخدمة، ونحن في حاجة إلى 150 لـ200 ماكينة لتنفيذ عمليات الرش في العاصمة الخرطوم في توقيت واحد، أما ترتيبات الرش الجوي، فهي تعمل في وقت وجيز، ولكنها استراتيجية غير فعالة، بالتالي طرق القضاء السريعة على النواقل تتمثل في مكافحة الأطوار اليرقية بالمنازل، وهي عمليات تفتيش ومهم أن تكون بمشاركة المواطنين كافة”.

وأشار وزير الصحة السوداني إلى أن “خفض المساعدات العالمية أعاق القدرة على علاج هذه الأمراض، شارحاً أن كلفة مواجهة عدد من الأوبئة التي تفشت في توقيت متزامن تصل إلى نحو 39 مليون دولار”.

بدائل ناجعة

في ظل تزايد أعداد الإصابات بحمى الضنك في ولاية الخرطوم برزت وصفات علاجية على مواقع التواصل الاجتماعي حققت نتائج لافتة، بحسب كثير من أسر المرضى.

وقدم أستاذ العلوم الدوائية في عدد من الجامعات السودانية والعربية ميرغني عثمان دفع الله القاضي وصفة علاجية، مستندة إلى الطب النبوي تعتمد على استخدام القرع العسلي كمكون رئيس في التخفيف من أعراض مرض حمى الضنك. وأوضح أن “الوصفة خضعت للتجربة العملية داخل المستشفيات، وأسهمت في تعافي أكثر من 70 مريضاً كانوا يعانون أعراض حمى الضنك، مما يعزز من أهمية النظر في هذه الوصفة كخيار علاجي تقليدي داعم”.

وشرح القاضي طرق إعداد العلاج باستخدام القرع، مشيراً إلى أن “المرحلة الأولى تتضمن تقطيع القرع إلى مكعبات صغيرة ليسهل خلطه باستخدام الخلاط الكهربائي، مع إضافة ملعقتين من مسحوق التبلدي ثم يخلط المزيج بدرجة عالية من دون تصفيته حفاظاً على الألياف التي تحمل فوائد علاجية”.

واعتبر أستاذ العلوم الدوائية أن “نتائج الوصفة العلاجية أظهرت تحسناً سريعاً في مؤشرات حمى الضنك وارتفاع الصفائح الدموية وكذلك دعم المناعة ورفع الهيموغلوبين وتخفيف آلام المفاصل والتهابات المعدة”.

تفاقم الأزمة

محمد النعيم العائد إلى منطقة شرق النيل بالخرطوم، قال إن “في كل منزل هناك ثلاثة أشخاص مرضى في الأقل بحمى الضنك، خصوصاً في ظل توافر الظروف المواتية لانتشار الأمراض، لا سيما السيول والأمطار وتفشي البعوض، إضافة إلى سوء التغذية، وما نتج من ذلك من وضع صحي مقلق ومحزن”.

وأكد النعيم أن “نفاد العلاجات طاول أصنافاً ضرورية مثل المحاليل الوريدية والمسكنات، مما فاقم من معاناة المرضى، ونتيجة لهذه الأزمة المستفحلة حدثت وفيات عدة، وبات كثير من المواطنين يائسين من زوال الأوجاع والأمراض ويخشون الموت في أي لحظة”. وأشار إلى أن “المرضى يمكن أن يتحملوا الألم وغياب الكوادر الطبية، لكن الأدوية تعد من أساسات التعافي، واستمرار الأوضاع على هذه الحال يسهم في ارتفاع معدلات الوفيات بصورة غير مسبوقة”.

مضاعفات خطرة

على نحو متصل أوضح الطبيب المتخصص في مكافحة الأوبئة أبو القاسم الدالي أن “حمى الضنك يمكن أن يتحول إلى مرض مميت بسبب بعض المضاعفات مثل تراكم السوائل أو ضيق التنفس وقصور الأعضاء، وتظهر العلامات التحذيرية لهذا الخطر بعد أسبوع من الأعراض الأولى”. ولفت إلى أن “الفيروس المسبب لهذا المرض تنقله البعوضة المعروفة بـ‘الزاعجة المصرية‘ إلى الشخص السليم، ويكون بمقدور المرضى المصابين نقل العدوى خلال خمسة أيام كحد أقصى بعد ظهور الأعراض عليهم”.

وتابع الدالي “يمكن أن تنقل النساء المصابات بحمى الضنك أثناء الحمل الفيروس إلى الطفل عند الولادة، كما أن اليافعين معرضون بصورة أكبر لخطر الولادة المبكرة أو انخفاض وزنهم، إلى جانب إصابتهم بالضائقة الجنينية”.

اندبندنت عربية

الراكوبة المصدر: الراكوبة
شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا