آخر الأخبار

السودان: عودة الحركة الإسلامية بنسخة محلية من (حماس)!

شارك

(تقرير: SPT- الراكوبة)

🔺 خلاصة التقرير

مع تصاعد الحرب بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع منذ إبريل 2023، برزت الحركة الإسلامية السودانية كلاعب خفي يسعى لاستعادة السلطة عبر جناح عسكري تقوده كتيبة البراء بن مالك، وواجهة مدنية جديدة تحت مسمى “الإسناد المدني”. يكشف التقرير كيف أعادت الحركة ترتيب صفوفها عبر قيادات بارزة في نظام البشير السابق، وكيف تحاكي تجربة “حماس” في الجمع بين السلاح والخدمات والمجتمع. ويرى خبراء أن هذا المشروع يمثل تهديدًا وجوديًا لمستقبل الدولة السودانية، ويضع البلاد أمام اختبار حاسم بين تفكيك نفوذ الإسلاميين أو الانزلاق نحو نسخة محلية أشد فتكًا من الحكم السابق.

🔺 الذراع العسكرية: كتيبة البراء بن مالك

في خضم الحرب المشتعلة في السودان منذ 15 إبريل 2023، بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، يبرز اسم الحركة الإسلامية السودانية التي تخوض الحرب من أجل العودة إلى السلطة، والتي فقدتها بثورة شعبية، كلاعب محوري يقود الجزء الأكبر والرئيسي من العمليات العسكرية والسياسية عبر ميليشيات عسكرية وواجهات مدنية.

ومن بين أهم تشكيلاتها الميدانية العسكرية التي تخوض الحرب تبرز كتيبة البراء بن مالك، والتي توصف بأنها إحدى أهم أذرعها القتالية، وتُعتبر معبرها الرئيسي للعودة إلى السلطة، هذا بالإضافة إلى جهاز الأمن والمخابرات الرسمي الذي تسيطر الحركة الإسلامية على قيادته بالكامل.

لكن الخطر لا يتوقف عند الجانب العسكري. فقد أسست الحركة الإسلامية عبر كتيبة البراء بن مالك واجهة مدنية تحمل اسم “قطاع الإسناد المدني”، وهو جسم يتولى عمليًا إدارة شؤون الخدمة العامة والتحكم بمفاصل الدولة الإدارية في المناطق الخاضعة لسيطرتها، وصُمّم على طريقة “قوات الإسناد” لدى حركة حماس الفلسطينية في غزة، كما أكد لنا إسلاميون تحدثنا إليهم أن الفكرة مستوحاة من حركة حماس.

🔺 الإسناد المدني: إدارة الدولة من الخلف

ويقول مراقبون إن هذه الصيغة تمثل عودة خفية للحركة الإسلامية السودانية إلى الحكم وإدارة مؤسسات الدولة بالكامل.

تتنوع مهام الإسناد المدني وتشمل كافة أشكال الخدمات؛ من تقديم الإغاثة وتأهيل المستشفيات وتوفير الدواء وحملات النظافة ورش المبيدات وصيانة المدارس والطرق والكهرباء وشبكات المياه وحتى توفير مستلزمات الزراعة.

وكشف إسلاميون استطلعنا آراءهم أن الإسناد المدني يقع تحت إشراف مباشر لـ”علي عثمان محمد طه”، القيادي الإسلامي المعروف الذي شغل مناصب قيادية في نظام عمر البشير، والذي يمثل الآن بمثابة المرشد العام للحركة الإسلامية السودانية، يعاونه علي كرتي الأمين العام للحركة الإسلامية، وأحمد هارون، رئيس حزب المؤتمر الوطني، المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية.

🔺 قيادات في الظل واتهامات بالفاشية

وقال بابكر فيصل، القيادي في تحالف صمود، ورئيس المكتب التنفيذي للتجمع الاتحادي: “الحركة الإسلامية الفاشية بعد أن لفظها الشعب السوداني وأشعلت الحرب قررت إخفاء وجوه قادتها المعروفين والاختباء خلف واجهاتها المختلفة وعلى رأسها ميليشيا البراء بن مالك التي تعتقد الحركة أن قطاعات واسعة من السودانيين ستقبل بوجودهم في الساحة لأنهم قاتلوا نيابة عنهم في الحرب، بينما يختبئ خلفهم كهنة الموت والدم أمثال علي عثمان محمد طه الذي يقف على رأس ما يسمى بالإسناد المدني بمعاونة علي كرتي وأحمد هارون، بينما يقوم إدريس محمد عبد القادر على القيادة الميدانية التي تشرف على التواصل المباشر مع الميليشيات”.

وأضاف: “لن تنطلي علينا أساليب هؤلاء القتلة والمجرمين في التخفي خلف الواجهات وسنكون لهم بالمرصاد”.

وينتشر قطاع الإسناد المدني في 11 ولاية من ولايات السودان التي تقع تحت سيطرة الجيش، وتعمل مكاتبه التي ترفع علم كتيبة البراء في كل عواصم الولايات.

🔺 تهديد وجودي للدولة السودانية

يقول د. نصر الدين عبد الباري، وزير العدل في الحكومة المدنية الانتقالية السابقة، وزميل رفيع بالمجلس الأطلسي في أمريكا: “إدارة الإسناد المدني هي، في الواقع، الواجهة الجديدة لإحكام سيطرة الإسلاميين على المؤسسات البيروقراطية للدولة والاستمرار في الحكم بعد إعادة الجيش جميع الذين فصلتهم لجنة إزالة تفكيك التمكين في أعقاب انقلاب 25 أكتوبر 2021”.

وعيّنت الحركة الإسلامية في يونيو الماضي المجاهد محمد عباس محمد رئيسًا لقطاع الإسناد المدني، وهو أحد المجاهدين وأحد نواب المصباح طلحة قائد كتيبة البراء بن مالك، وله نائبان، إضافة إلى 11 مساعدًا يديرون القطاع في الولايات.

ويأتي تمويل أنشطة القطاع من الميزانية الحكومية ولكن دون إعلان، حيث تُخصص ميزانية الصيانة والخدمات في كل ولاية للصرف على أنشطة قطاع الإسناد المدني. هذا إضافة إلى التبرعات التي تأتي من عضوية الحركة الإسلامية، والتي تُرسل لحساب بنكي في بنك الخرطوم يحمل الرقم (1547232) باسم جبير أحمد الصادق، وهو المسؤول المالي بقطاع الإسناد المدني وأحد نواب رئيس القطاع، وهو مجاهد متشدد دينيًا سبق أن حارب في ليبيا.

وحذر لواء متقاعد من القوات المسلحة – طلب حجب هويته – من خطورة السماح لهذا المشروع بالتمدد، قائلًا: “الإسناد المدني ليس فقط غطاء لعودة الإسلاميين، بل هو غطاء سياسي لميليشيات مسلحة منفلتة. تركه يتمدد داخل الخدمة المدنية لا يعني فقط إعادة إنتاج حكم الحركة الإسلامية في ثوب جديد، بل وصول ميليشيات دينية إلى سدة الحكم. هذا تهديد وجودي للدولة السودانية”.

ومع اشتداد الحرب وتفاقم الكلفة الإنسانية، تبدو المواجهة مع هذا المشروع اختبارًا مصيريًا: إما أن يضغط المجتمع الدولي على الجنرال عبد الفتاح البرهان، قائد الجيش، لفك ارتباطه بالحركة الإسلامية، أو يجد السودان نفسه أمام نسخة محلية من “حماس” تجمع بين السلاح والسلطة والمجتمع تحت راية واحدة، أشد فتكًا وتطرفًا من نسخة الحكم السابق التي استمرت لمدة ثلاثة عقود وأسقطها الشعب في ثورة شعبية في إبريل 2019.

الراكوبة المصدر: الراكوبة
شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا