آخر الأخبار

الأدوية تصبح سلاحاً في حرب السودان.. ومخازن الفاشر تكشف الحقيقة

شارك

كشف العثور على كميات ضخمة من الأدوية المخزنة في مدينة الفاشر السودانية عن نمط متكرر في استغلال الأزمات الإنسانية خلال الحرب، وفقاً لتقييم خبيرين سياسيين اعتبرا أن هذه الممارسات تمثل سياسة ممنهجة تهدف إلى حرمان المدنيين من المواد الطبية الحيوية، في وقت تواصل فيه القيادات العسكرية الترويج لانعدام الدواء في المناطق المتأثرة بالنزاع.

ويرى الخبيران أن ما يجري لا يقتصر على مجرد احتكار للمواد الطبية، بل يتعداه إلى ممارسة منظمة تستهدف حماية مصالح ضيقة على حساب المواطنين، في مشهد يعكس اتجاراً ممنهجاً بمعاناة الشعب السوداني في ظل ظروف الحرب. ويؤكدان أن هذه التصرفات تُستخدم كأدوات ضغط سياسي وعسكري، تُدار ضمن منظومة تستغل الاحتياجات الإنسانية لتحقيق أهداف خاصة.

المحلل السياسي شوقي عبد العظيم أشار إلى أن عمليات تخزين الأدوية ومواد الإغاثة والغذاء ليست جديدة، بل تتكرر باستمرار، وغالباً ما يتم نهبها أو احتجازها. واستشهد بحادثة سابقة احتجز فيها الجيش قافلتين، إحداهما طبية والأخرى إغاثية، واعتقل عدداً من الأطباء المرافقين لها لمدة يومين قبل أن يُفرج عنهم.

وأوضح أن هذه الممارسات تُنفذ بهدف تأمين احتياجات القوات العسكرية، حيث تُمنع المواد الطبية من الوصول إلى المدنيين وتُحتجز لاستخدامها عند إصابة عناصر الجيش، ما يضمن توفر الإمدادات الطبية لهم دون اعتبار لحاجة السكان.

وأضاف عبد العظيم أن الجيش كرر هذه الإجراءات في أكثر من مناسبة، خاصة خلال الأشهر الأولى من اندلاع الحرب، حيث سُجلت محاولات متعددة للاستيلاء على مخازن الإمدادات الطبية وتفريغها لصالح القوات العسكرية. وأكد أن الأولوية لدى القيادات العسكرية لا تذهب إلى المدنيين، بل تتركز على ضمان استمرار الجنود في ساحات القتال، حتى لو كان ذلك على حساب حياة المواطنين. واعتبر أن تكلفة الحرب الباهظة تدفعهم إلى السعي لتأمين هذه الإمدادات بأي وسيلة، حتى وإن كان ذلك عبر حرمان السكان منها، لأن ما يهمهم هو مصالحهم الخاصة فقط.

من جانبه، وصف الكاتب والمحلل السياسي الطيب الزين اكتشاف هذه المخازن بأنه لا يكشف فقط عن جريمة احتكار الدواء، بل يفضح البنية الكاملة لمنظومة يقودها الفريق عبد الفتاح البرهان، والتي لا ترى في الشعب السوداني سوى وسيلة للابتزاز، وتتعامل مع الوطن كشعار يُستخدم لتغطية صفقات سياسية واقتصادية. وأكد أن وجود هذه الكميات من الأدوية في الفاشر، بينما يُترك الجرحى والمرضى لمصيرهم، يثبت أن الحرب لا تُخاض من أجل حماية السودان، بل من أجل حماية شبكة مصالح تستفيد من الأزمات وتزدهر في ظل الفوضى.

وبيّن الزين أن البرهان لا يقاتل من أجل الوطن، بل من أجل مشروع سياسي لفظه الشعب وأسقطه التاريخ، وهو يمثل الواجهة العسكرية لذلك المشروع، ويعمل على إعادة إنتاج الاستبداد تحت شعارات السيادة والوطنية، بينما في الواقع تُنهب المدن وتُحاصر القرى وتُخنق الحياة. وأوضح أن كل رصاصة تُطلق، وكل دواء يُخفى، وكل طريق يُقطع، يخدم أجندة سياسية لا علاقة لها بمصلحة السودان، بل تهدف إلى تعميق الأزمة، ثم تسويق الحلول في السوق السوداء، حيث يُحتكر الدواء لتصنيع المجاعة، ويُحتكر الخطاب لترويج الوهم.

واختتم الزين حديثه بالتأكيد على أن الحقيقة لا تبقى طي الكتمان، بل تخرج من تحت الركام كما خرجت تلك المخازن من تحت تراب الفاشر، مشدداً على أن الشعب الذي كشف هذه الممارسات لن يصمت، لأن السودان لا يُباع ولا يُختزل في جنرالات أو تجار أزمات، بل هو شعبه وذاكرته وكرامته التي لا تقبل المساومة.

الراكوبة المصدر: الراكوبة
شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا