مئات آلاف النازحين في مخيمين بالقرب من مدينة الفاشر شمال غرب السودان يعيشون مجاعة، وذلك بحسب ما أفاد جهاز رصد الجوع العالمي في كانون الأول/ ديسمبر الماضي.
التحذيرات حول وجود مجاعة في مناطق في السودان ليست جديدة، وبدأت تتوالى منذ أشهر، فحذّر جهاز رصد الجوع العالمي من أن استمرار الحرب الأهلية في السودان قد تؤدي إلى انتشار المجاعة في مدينة الفاشر بحلول شهر أيار/ مايو الماضي.
وبالفعل تخضع مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، لحصار منذ أكثر من عام. وهذا الأسبوع حذرت الأمم المتحدة وعدد من وكالاتها من أن نحو 300 ألف شخص محاصرين داخل المدينة يواجهون خطر المجاعة .
وفي بيان، قال برنامج الأغذية العالمي: “لم يتمكن برنامج الأغذية العالمي من إيصال المساعدات الغذائية إلى الفاشر عبر البر لأكثر من عام لأن جميع الطرق المؤدية إلى هناك مغلقة”، وأضاف: “المدينة معزولة عن الوصول الإنساني، مما يترك السكان المتبقين بلا خيار سوى الاعتماد على أي إمدادات محدودة متبقية من أجل البقاء”.
وبالفعل يلجأ العديد من الناس في الفاشر إلى تناول علف الحيوانات، لعدم مقدرتهم على تحمّل تكاليف الطعام التي أصبحت أغلى بكثير من أي مكان آخر في السودان.
الهدنة الإنسانية هي الحل الوحيد لإيصال المساعدات الإنسانية والإمدادات الغذائية إلى الفاشر بأمان بحسب تصريح ليني كينزلي، المتحدثة باسم برنامج الأغذية العالمي في السودان لـ DW.
كل ذلك هو نتيجة للحرب الأهلية في السودان التي بدأت في أوائل عام 2023. بدأ الصراع بين مجموعتين عسكريتين متنافستين، هما قوات الدعم السريع والقوات المسلحة السودانية من أجل السيطرة على البلاد.
القوات المسلحة السودانية هي الجيش النظامي للبلاد، تتألف من 200 ألف فرد، ويقودها الزعيم الفعلي للبلاد عبد الفتاح البرهان الذي يشغل منصب رئيس مجلس السيادة الانتقالي وقائد الجيش السوداني. وتعترف الأمم المتحدة بحكومة البرهان، المتمركزة في بورتسودان على البحر الأحمر، كحكومة سودانية .
أما قوات الدعم السريع فيتراوح عدد أفرادها بين 70 ألف و100 ألف مقاتل، يرأسها محمد حمدان دقلو، المعروف باسم حميدتي. تضم هذه القوات فصائل الجنجويد المسلحة سيئة السمعة التي اشتهرت بارتكاب أعمال عنف وحشية في دارفور في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين. وقد اتُهم كلا الجانبين بارتكاب جرائم حرب .
والفاشر هي المركز الحضري الوحيد في منطقة دارفور التي ما تزال خارج سيطرة قوات الدعم السريع، وإذا انتصرت قوات الدعم السريع هنا، فإنها ستسيطر على غرب السودان بالكامل تقريباً.
ولهذا تدافع الفصائل المتحالفة مع القوات المسلحة السودانية والمعروفة باسم القوات المشتركة عن الفاشر بشراسة، وهو ما دفع قوات الدعم السريع إلى فرض حصار على المدينة منذ نيسان/ أبريل الماضي عام 2024 وحفر الخنادق وشن هجمات عليها بانتظام.
وما زاد من الوضع سوءاً هجوم قوات الدعم السريع على معسكرين بالقرب من الفاشر يأويان أكثر من 500 ألف نازح، ما أدى إلى فرار العديد منهم إلى الفاشر أو إلى بلدات مجاورة.