ربما تكون معركة أبو قعود الأخيرة (53 كلم غرب مدينة الأبيض) بداية لمعارك طويلة على تخوم مدينة الأبيض. بينما تحكم قوات الدعم السريع قبضتها على منطقة أم دبوس شرقي بارا، وتفرض مبلغ (5) آلاف جنيه على كل منزل كرسوم حماية.
تحول مفاجئ وسريع في مسار الحرب بكردفان بعد التراجع الكبير للجيش السوداني، الذي فقد السيطرة على عدد من المدن والمناطق في غضون ثلاثة أشهر، مثل النهود والخوي وأم صميمة، بجانب منطقة أم سيالة.
خسائر مادية وبشرية كبيرة مُني بها الجيش والمليشيات المتحالفة معه، تُقدّر بالمئات، خاصة وسط قوات درع السودان في معركة أم سيالة، مما دفع الجيش للانسحاب إلى الأبيض.
ربما تكون معركة أبو قعود الأخيرة (53 كلم غرب مدينة الأبيض) بداية لمعارك طويلة على تخوم مدينة الأبيض.
كما أحكمت قوات الدعم السريع قبضتها على منطقة أم دبوس شرقي بارا، وفرضت مبلغ (5) آلاف جنيه على كل منزل كرسوم حماية.
وبحسب شهود تحدثوا لـ (التغيير)، شنت قوات الدعم السريع هجومًا استهدف عددًا من قرى شرق بارا، شملت: أم دبوس المرخا، وأم دبوس كرار، وأم دبوس الجعلين، وود الزاكي. ونفّذت خلاله عمليات نهب واسعة للممتلكات وترويعًا للسكان، ترافق مع اعتداءات جسدية وانتهاكات أوقعت عددًا من الجرحى، إضافة إلى مقتل أحد المواطنين أمام أفراد أسرته.
مدينة الأبيض- صور خاصة بـ التغيير
كما هاجمت قوة من الدعم السريع قرية الكركر الواقعة شرق منطقة أم صميمة الغربية بولاية شمال كردفان، ما أسفر عن موجة نزوح واسعة للسكان باتجاه مدينة الأبيض. وبحسب مصادر محلية، اقتحمت المجموعة المهاجمة المتاجر والدكاكين في القرية ونفذت عمليات نهب منظم طالت ممتلكات الأهالي.
وتشكل منطقة أم صميمة (68 كلم) غرب المدينة، والتي سيطرت عليها قوات الدعم السريع مؤخرًا، أهمية استراتيجية لكونها ملتقى طرق يربط كردفان ودارفور.
الوضع في الأبيض هادئ، فيما حذرت قيادة الفرقة الخامسة الهجانة المواطنين من الانسياق وراء شائعات الدعم السريع. وقال مصدر عسكري لـ (التغيير) إن لديهم معلومات عن اعتزام قوات الدعم السريع مهاجمة مدينة الأبيض، عاصمة ولاية شمال كردفان، بعد أن حشدت قواتها من بارا، والحمادي، والدبيبات، وكازقيل، وغربًا في النهود والخوي، وأم صميمة وأم كريدم.
وتوقع المصدر أن تكون معركة الأبيض المتوقعة فاصلة وحاسمة، لافتًا إلى أنه، وبالرغم من تقدم الدعم السريع، إلا أن الجيش في الأبيض هذه المرة لديه ميزة الإمداد المفتوح من الاتجاه الجنوبي حتى جبل كردفان، مرورًا بالرهد وأم روابة وحتى تندلتي.
لكن غرب وشمال الأبيض، والشمالي الشرقي للمدينة، يسيطر عليها الدعم السريع، الذي يسعى لقطع طريق أم روابة أو جبل كردفان، ولذلك توقع المصدر أن يكون الهجوم انتحاريًا من ثلاثة جهات.
ولم يستبعد المصدر أن تستمر معارك الأبيض لفترة من الزمن، ربما تكون الفاشر (2)، وقد يحدث العكس بانكسار أحد الطرفين، قائلًا: ميزان القوى متكافئ نسبيًا، مع أفضلية للجيش إذا استخدم “الكروت الرابحة” في المعركة.
من جانبها، قالت قوات الدعم السريع إنها تواصل زحفها الحاسم نحو أهدافها الاستراتيجية، نحو مدينة الأبيض، محققةً انتصارات ميدانية كاسحة على جيش الحركة الإسلامية ومليشيات الارتزاق المسلح. وبحسب بيان صادر باسم الناطق الرسمي، أكد تمكنهم من تحرير عدد من المناطق في معارك، ولا يزال الزحف مستمرًا.
وناشد البيان مواطني مدينة الأبيض التزام منازلهم وعدم مغادرتها لأي سبب من الأسباب، مؤكدًا أن قواتهم ستعمل على تأمين المدينة وتوفير الحماية الكاملة لسكانها، كما دعاهم إلى الابتعاد عن مقرات جيش الحركة الإسلامية ومليشياته، وعن أماكن تمركز حركات الارتزاق المسلح، حفاظًا على سلامتهم.
وأكدت قوات الدعم السريع أنها تتقدم من عدة اتجاهات لتحرير الأبيض، وتتحلى بأقصى درجات الانضباط والمسؤولية، التزامًا بالقانون الدولي الإنساني، وعملاً بتوجيهات قيادتها المستديمة في حماية المدنيين وصون حقوقهم.
وكانت قوات الدعم السريع تحاصر الفاشر في منطقة العيارة العيارة (15 كيلومترًا غرب الأبيض)، بل كانت داخل الأبيض، في حي الوحدة بمحطة (13) ومحطة (10)، وأيضًا في أبو حراز (32 كلم من الأبيض) وأم رماد، لمدة سنتين قبل أن يتمكن متحرك الصياد من فك حصار المدينة.
فيما كشف بيان صادر عن مجموعة من قبائل كردفان عن تكوين قوات “حلف الكرامة (درع كردفان)”، حيث تم توقيع ميثاق يضم عددًا من القبائل تواثقت على الوقوف مع القوات المسلحة في حربها ضد الدعم السريع. وأكد البيان أن الحلف جاء بمبادرة وطنية من أبناء الكبابيش لتوحيد جميع قبائل كردفان للتصدي لانتهاكات قوات الدعم السريع بالمنطقة، وحث البيان المواطنين على الانضمام لمعسكرات حلف الكرامة بإدارية محلية الدبة وإدارية منطقة أم درابة لدحر التمرد.
مشاهد من الحرب داخل مدينة الأبيضوأكد البيان أن تكوين القوات جاء أسوة بقوات درع السودان، وأوضح أن قوات درع كردفان تتحرك الآن فعليًا برفقة وتخطيط القوات المسلحة في عدة محاور، خاصة طريق الصادرات جبرة–بارا، وساعدت بالفعل في تحرير مناطق أم اندرابة، الشعطوط، ورهد النوبة، وعد السدر.
يقول العميد المتقاعد يحيى محمد مرسال: كل شيء جائز في الحرب، تقدم، تراجع، انسحاب تكتيكي، وغيره، ولكن الواقع على الأرض حاليًا يشير بوضوح إلى أن قوات الدعم السريع تعمل حاليًا على حصار الأبيض فعليًا، بالتقدم في عدة محاور، وأصبحت على بُعد (60) كيلومترًا.
وطالب مرسال الجيش بتغيير التكتيك بعدم السماح للدعم السريع بالوصول إلى المدينة ثم الدفاع عنها، قائلًا: يجب أن تكون المعركة خارج المدينة، حيث يمتلك الجيش ميزة الأسلحة الثقيلة والمدافع الموجهة، بينما يعتمد الدعم السريع على الحركة السريعة، لافتًا إلى أهمية إيجاد حلول لمسيرات الدعم السريع الاستراتيجية.
وأضاف: نعم، تراجع الجيش، لكنه ربما يجهز مفاجأة ميدانية لإيقاف الدعم السريع، لكنها قد تفشل، وبالتالي فإن المجازفة بالمدن الكبيرة أمر خطير جدًا. وأكد مرسال أن القوة التي يمتلكها الجيش، والمدد الكبير الذي وصل إلى الهجانة الأبيض، يكفي لصد أي هجوم على المدينة التي صمدت في أحلك الظروف في وجه هجمات الدعم السريع المتكررة طوال أكثر من عام.
يقول مرسال: في اعتقادي الشخصي، إن معركة الأبيض ستكون كبيرة وفاصلة، لجهة أن الدعم السريع حشد (70%) من قواته، كما أن قيادة الجيش تعلم أن سقوط المدينة يعني التوجه نحو أم درمان مرة أخرى.
أيضًا، هزيمة الدعم السريع في الأبيض تعني أن الطريق سيصبح سالكًا لتحرير كردفان والتوجه إلى دارفور، إذ هي معركة مفصلية في الحرب السودانية.
التغيير