الراكوبة: متابعات
أصدرت القوى الثورية والوطنية السودانية بيانًا شديد اللهجة، موجهًا إلى “جماهير الشعب السوداني” وإلى “الآلية الرباعية” والمجتمع الدولي، وذلك في ظل التطورات المتعلقة بـ “التسوية السياسية”.
وأكدت القوى الموقعة على البيان، والتي تضم لجان مقاومة السودان، ولا لقهر النساء، والاتحادي الديمقراطي المركز العام، والاتحاد النسائي السوداني، رفضها لأي حلول سياسية تُنسج بمعزل عن إرادة الشعب السوداني، وشددت على ضرورة وقف الحرب فورًا وتحقيق تحول مدني ديمقراطي شامل.
جذور الصراع ورفض التدخلات الخارجية
انطلاقًا من إيمانها بوحدة الوطن وقدرة الشعب السوداني على بناء دولة مدنية ديمقراطية خالية من الحروب، ترى القوى الثورية أن جوهر الصراع في السودان يكمن في التنافس بين قوى تسعى للتقدم والعدالة والتوزيع العادل للثروة والسلطة، وأخرى تسعى لإبقاء البلاد رهينة للاختلالات التاريخية والتبعية والأجندات الخارجية. ويشير البيان إلى أن التدخلات الخارجية والانقلابات العسكرية وتفريخ المليشيات وتسييس مؤسسات الدولة، لا سيما بعد انقلاب الجبهة الإسلامية عام 1989، هي من الأسباب الرئيسية للأزمات المتلاحقة في البلاد.
إجهاض الثورة واستمرار الحرب المدمرة
تؤكد القوى الموقعة أن المؤامرة على ثورة ديسمبر قد بلغت ذروتها مع اندلاع هذه الحرب المدمرة، وأن المحاولات الدولية للتهدئة لم تكن سوى محاولات “لإعادة إنتاج الأزمة”. وفي ظل الحديث عن “تسوية سياسية” تجري بعيدًا عن تطلعات السودانيين، تستمر الحرب في تدمير البلاد، مخلفة وراءها أعدادًا متزايدة من القتلى والمعتقلين والدمار الواسع.
وشدد البيان على أن هذا الصراع لا يخدم سوى مصالح النخب العسكرية والسياسية والمدنية المتصارعة على السلطة.
مطالب حاسمة للآلية الرباعية والمجتمع الدولي
ناشدت القوى الثورية “الآلية الرباعية” وكل من له يد في إطالة معاناة السودانيين بعدم إنتاج أي مشهد سياسي “فوقي ومجرب” بمعزل عن تطلعات الشعب في الداخل. وتضمنت المطالب الرئيسية للبيان النقاط التالية:
* وقف التدخلات الخارجية: يجب على أطراف الآلية الرباعية وقف تدخلاتهم في سياق الحرب في السودان، وعدم دعم أطراف الصراع سياسيًا ولوجستيًا، وضمان عدم تحويل السودان لساحة حرب بالوكالة، ودعم تطلعات السودانيين في السلام الشامل والتحول المدني الديمقراطي.
* أولوية وقف الحرب وتقديم المساعدات: الأولوية المطلقة للسودانيين هي وقف الحرب فورًا والضغط على كل من يعرقل جهود إيقافها، وفتح الممرات الآمنة لتوصيل المساعدات الإنسانية للمحاصرين.
* وحدة السودان ورفض السلطة العسكرية: التمسك بوحدة السودان أرضًا وشعبًا، ورفض أي صيغ للتقسيم الإداري، وعدم الاعتراف بأي سلطة عسكرية تستند إلى القهر والسلاح.
* استبعاد القيادات العسكرية وحل المليشيات: استبعاد جميع القيادات العسكرية لأطراف الحرب من أي دور سياسي أو عسكري مستقبلي، وضمان حل المليشيات وخروج العسكريين من الحياة المدنية والسياسية.
* المحاسبة وعدم الإفلات من العقاب: تثبيت مبدأ المحاسبة والمساءلة على كل أشكال العنف والانتهاكات لضمان عدم تكرار سيناريوهات العنف ومعالجة المظالم التاريخية.
* تشكيل هياكل السلطة المدنية: تشكيل هياكل السلطة المدنية الانتقالية من القاعدة إلى القمة، بدءًا من مجالس الأحياء والمحليات لضمان التمثيل العادل وخلق أوسع التفاف شعبي حول مشروع السلم المجتمعي والتحول الديمقراطي.
* حصر التفاوض بين القوى الحاملة للسلاح: يجب أن يقتصر التفاوض بين القوى الحاملة للسلاح على إجراءات وقف الحرب ووقف إطلاق النار وخروج المظاهر العسكرية من المدن، على ألا يعترف بدورها السياسي.
أما تصورات إعادة الإعمار وبناء مؤسسات الدولة والتحول الديمقراطي فيجب أن تبنى على حوار سوداني-سوداني بين القوى المدنية الديمقراطية، باستثناء النظام البائد وواجهاته.
“لا” للمساومة على دماء السودانيين
اختتم البيان برفض قاطع لأي مساومة على دماء السودانيين، مؤكدًا على النقاط التالية:
* لا شرعية أخلاقية أو سياسية لاجتماع الرباعية إذا تجاوز مطالب وتطلعات الشعب السوداني.
* لا قبول بعفو عن المجرمين أو إدماجهم في أي ترتيبات سياسية.
* لا تفويض لمن يدّعون أنهم صوت الثورة من المدنيين دون تفويض شعبي.
* لا تسوية أو مساومة على دماء السودانيين.
* لا شرعية للقتلة والمليشيات.
وأكدت القوى الثورية أن المبادرة يجب أن تكون في يد أصحابها الحقيقيين: الشعب السوداني، الذي لم ينكسر رغم الحرب، والذي يرفض أن يُدار مصيره من “قاعات الدبلوماسية العابرة”، بل من الشارع، ومن نقاباته الشرعية، ولجان مقاومته، وقواه الثورية المدنية والمطلبية والسياسية والمجتمعية الحية، التي قدمت ولا تزال تقدم ثمن التغيير.