حذر الحزب الشيوعي السوداني، أن إعلان قوات الدعم السريع تشكيل حكومة في مناطق سيطرتها يمثل تهديداً مباشراً لوحدة السودان ويُعد خطوة قد تقود إلى انهيار الدولة، في ظل حرب مدمرة أودت بحياة آلاف المدنيين ورافقتها انتهاكات جسيمة شملت جرائم إبادة جماعية وتطهيراً عرقياً وعنفاً جنسياً ممنهجاً.
وأشار البيان إلى أن الإعلان الدستوري الصادر عن تحالف “تأسيس”، الذي تهيمن عليه قوات الدعم السريع، تضمن بنداً مثيراً للجدل يتعلق بحق تقرير المصير، وربط وحدة البلاد بتطبيق العلمانية، وهو ما اعتبره الحزب بنداً خطيراً قد يُفضي إلى انفصال جديد، على غرار ما حدث في جنوب السودان عام 2011.
وأكد الحزب أن طرفي الحرب في السودان يتحملان المسؤولية الكاملة عن الجرائم والانتهاكات التي وقعت، مشدداً على ضرورة عدم الإفلات من المحاسبة، ورفض أي تسويات سياسية تمنح غطاءً قانونياً لمن تورطوا في تلك الجرائم.
واعتبر أن وجود حكومتين متوازيتين في البلاد يعيد إنتاج مشهد الانقسام الذي سبق اتفاقية السلام الشامل، ويهدد بتكرار سيناريو الانفصال، في وقت تتعرض فيه البلاد لضغوط إقليمية ودولية تهدف إلى إعادة تشكيل الخارطة السياسية وفقاً لمصالح خارجية.
وأوضح البيان أن تضمين بند تقرير المصير في دستور تحالف “تأسيس”، في حال عدم تطبيق العلمانية على المستوى الوطني، يفتح الباب أمام إضعاف الدولة ونهب مواردها، خاصة في ظل استمرار بعض المحاور الإقليمية والدولية في تسليح أطراف النزاع، ما يعزز من احتمالات تفتيت البلاد.
وأضاف أن تجربة جنوب السودان يجب أن تكون درساً واضحاً بأن الانفصال لا يمثل حلاً للأزمة، بل يؤدي إلى تعقيدها، مشدداً على أن الطرح الحالي يصب في خانة تفكيك وحدة الوطن وتكريس الانقسام.
ودعا الحزب إلى مواصلة النضال الشعبي لاسترداد الثورة وتحقيق الديمقراطية والمساواة في المواطنة، مؤكداً أن قضايا مثل العلمانية يجب أن تُناقش في إطار مؤتمر دستوري قومي، وليس عبر إعلانات أحادية تصدر من أطراف النزاع.
وأشار إلى أن إعلان حكومة “تأسيس” جاء قبيل انعقاد اجتماع الرباعية الدولية في واشنطن، المقرر في الثلاثين من يوليو 2025، والذي يهدف إلى مناقشة الوضع في السودان، وتسعى من خلاله الدول المعنية إلى التوصل إلى تسوية سياسية تحت إشرافها.
وذكر البيان أن خطة الرئيس الأميركي دونالد ترمب تقوم على خلق بيئات آمنة للاستثمار، وقد تُسهم التسوية المقترحة في وقف الحرب، لكنها لا تمثل حلاً جذرياً للأزمة السودانية، بل تدخل ضمن مشروع “الشرق الأوسط الكبير” الذي يهدف إلى تقسيم دول المنطقة ونهب ثرواتها، في ظل ما تشهده القضية الفلسطينية من تصفية ممنهجة، وإبادة وتهجير للشعب الفلسطيني، إلى جانب محاولات مستمرة لتصفية ثورة ديسمبر 2018 في السودان.
ودعا الحزب إلى بناء تحالف جماهيري واسع من أجل وقف الحرب واسترداد الثورة وحماية وحدة البلاد، والعمل على إسقاط الحكومتين غير الشرعيتين في شرق وغرب السودان، مؤكداً أن استعادة الحكم المدني الديمقراطي يتطلب خروج الجيش والدعم السريع والمليشيات من المشهد السياسي والاقتصادي، وتفكيك منظومة التمكين، واسترداد ممتلكات الشعب المنهوبة، وتحقيق العدالة، وإجراء ترتيبات أمنية تؤدي إلى حل قوات الدعم السريع وكافة المليشيات المسلحة.
وشدد الحزب على ضرورة تأسيس جيش قومي مهني يعمل تحت إشراف حكومة مدنية منتخبة، ورفض أي تسوية سياسية تُعيد إنتاج الأزمة أو تكرّس الحرب، مؤكداً أن تحقيق أهداف الثورة وإنجاز مهام الفترة الانتقالية هو السبيل الوحيد لبناء سودان ديمقراطي موحد.