آخر الأخبار

تعثر ولادة حكومة "الأمل" في غياب التوافق داخل معسكر الجيش السوداني

شارك

ستة أسابيع مضت منذ تعيين كامل إدريس رئيسا للوزراء في السودان، في بلد يشهد منذ أكثر من عامين حربا بين الجيش وقوات الدعم السريع.

وعلق البعض من السودانيين آمال على هذه الحكومة، لكسر الجمود السياسي، وفتح المجال أمام دعاة السلام، لبناء أرضية لتسوية النزاع، لكن هذه الآمال تبددت بتأخر تشكيل الحكومة نتيجة الصراعات الجارية داخل معسكر الجيش حول المناصب الوزارية.

وشرع رئيس الوزراء المكلف كامل إدريس في تعيين وزراء حكومته على دفعات، بدأها بوزيري الداخلية والدفاع، ثم الصحة، والزراعة والري، والتعليم العالي. وفي 11 يوليو الجاري عيَّن خمسة وزراء للمالية، والعدل، والحكم الاتحادي، والتجارة والصناعة، والشؤون الدينية والأوقاف.

وبعد أربعة أيام، أعلن عن 5 وزراء للإعلام، والثروة الحيوانية، والمعادن، والرعاية الاجتماعية، والبنية التحتية والنقل. وبذلك ارتفع العدد إلى 15 من بين 22 وزيرا من المقرر أن تتألف منهم الحكومة.

وفي 19 يونيو أعلن إدريس ملامح ما سماها “حكومة الأمل”، التي قال إنها ستتكون من 22 وزارة، بعد حلّ سابقتها مطلع الشهر ذاته.

وآنذاك قال رئيس الوزراء الجديد إنها “ستكون حكومة كفاءات وطنية لا حزبية وتمثل صوت الأغلبية الصامتة،” لكن التعيينات التي أجراها توزعت في معظمها بين الحركات المسلحة، ومحسوبين على حزب المؤتمر الوطني المنحل.

وأدى إدريس في 31 مايو اليمين الدستورية أمام البرهان، رئيسا جديدا لمجلس الوزراء، عقب إصدار قائد الجيش الفريق أول عبدالفتاح البرهان في 19 من الشهر ذاته مرسوما دستوريا بتعيينه.

وإدريس سياسي حاصل على الدكتوراه في القانون الدولي من المعهد العالي للدراسات الدولية بجامعة جنيف في سويسرا، ومرشح سابق لرئاسة السودان في 2010.

ولم يصدر تعليق رسمي بشأن تأخر الإعلان عن التشكيل الوزاري، إلا أن مراقبين يعزون ذلك إلى اتساع دائرة التشاور، إذ تشمل رئيس الوزراء ومجلس السيادة والجيش والحركات المسلحة الموقعة على اتفاق السلام وقوى سياسية مجتمعية داعمة لتكوين حكومة إدريس.

وقال المحلل السياسي عثمان فضل الله “هناك أكثر من سبب وراء تأجيل تشكيل حكومة كامل إدريس، أبرزها الخلافات بين المكونات العسكرية والسياسية التي تدعم السلطة في بورتسودان (العاصمة المؤقتة).” وأضاف فضل الله أن “الأمر يحتاج وقتا للوصول إلى صيغة توافقية بين هذه المكونات المتناقضة الأهداف والمنعدمة بينها الثقة، وهو ما يأخر تشكيل الحكومة،” على حد تقديره.

وتابع أن “السبب الثاني هو التصور الخاطئ الذي أتي به إدريس، وهو تشكيل حكومة تكنوقراط بعيدة عن المحاصصة الحزبية والسياسية والقبلية تقوم بعمل محدد حتى قيام الانتخابات.” وأردف “لأن هذا التصور غير قابل للتطبيق، ففي السودان ترتفع الأصوات القبلية والمليشيات الجهوية والمناطقية ومَن شاركوا في الحرب للمشاركة في السلطة.”

وبحسب فضل الله “اصطدم إدريس بهذه المجموعات، ما جعل تصوره غير قابل للتنفيذ، وبالتأكيد هذا يؤخر تشكيل الحكومة.” وزاد أن “هناك حركات مسلحة لديها مقاعد في الحكومة، بناء على اتفاق جوبا للسلام لعام 2020، وهذا يعقد المشهد ويؤخر تشكيل حكومة إدريس.”

السودانيون يعلقون آمال على هذه الحكومة، لكسر الجمود السياسي، وفتح المجال أمام دعاة السلام، لبناء أرضية لتسوية النزاع، لكن هذه الآمال تبددت بتأخر تشكيل الحكومة

ووفق اتفاق السلام بين الحكومة السودانية والحركات المسلحة تُمنح 25 في المئة من المقاعد في الحكومة لهذه الحركات. واعتبر فضل الله أن “المناخ (السياسي) في بورتسودان، حيث تتواجد الحكومة بكافة مؤسساتها، لا يساعد على تشكيل حكومة.” وأضاف أن “هناك عنصرا آخر، وهو عدم الاقتناع بالمشاركة في الحكومة، حيث رفضت شخصيات عديدة المشاركة،” على حد قوله.

بدوره، رأى المحلل السياسي محمد سعيد أنه “من الطبيعي أن تشهد حكومة كامل إدريس الجديدة كل هذا التأخير، لأن التعيين مرتبط بتوازنات قبلية وعسكرية.”

واعتبر، سعيد أن “قرار التعيين ليس بالكامل لدى رئيس الوزراء، بل في يد العسكر في مجلس السيادة، وهذا يأخذ وقتا في التفاهمات.” وأردف “هذا مؤشر على أنها ولادة متعثرة للحكومة، وبذلك سيكون الأداء متعثرا وقد لا يحدث تناغما، كما أن الصلاحيات لدى رئيس الوزراء ليست كاملة.”

و”سيكون رئيس الوزراء حكومة تنفيذية، أي تنفذ ما يملىّ عليها من مجلس السيادة، لذلك التأخير شيء طبيعي في ظل هذا الوضع،” حسب سعيد. ومنذ أن أطاحت احتجاجات شعبية بالرئيس عمر البشير في أبريل 2019، يعاني السودان من تقلبات سياسية وصراعات مسلحة.

وعقب الإطاحة بالبشير، تم تشكيل سلطة انتقالية بشراكة بين العسكريين والمدنيين، بموجب “وثيقة دستورية” حددت نهاية المرحلة الانتقالية في يناير 2024. لكن هذه الشراكة لم تدم طويلا، إذ قام البرهان في أكتوبر 2021، بانقلاب على حكومة عبدالله حمدوك، وفضّ التحالف مع القوى المدنية.

وفشلت وساطات إقليمية ودولية في إعادة التوافق بين الطرفين. ويخوض الجيش بقيادة البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دلقو “حميدتي” حربا ضارية منذ أبريل 2023.

وأسفرت الحرب عن أكثر من 20 ألف قتيل ونحو 15 مليون لاجئ ونازح، وفق الأمم المتحدة وسلطات محلية، بينما قدّرت دراسة لجامعات أميركية عدد القتلى بنحو 130 ألفا.

الراكوبة المصدر: الراكوبة
شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا