أعلنت المبادرة الاستراتيجية لنساء القرن الافريقي شبكة صيحة، تبرئة الشابة السودانية الدر حمدون بعد عام وشهرين من الاعتقال الجائر بتهمة التعاون مع مليشيا الدعم السريع، مؤكدة أن السودان شهد خلال الحرب المستمرة لأكثر من عامين، انتهاكاتٍ واسعة بحق النساء والفتيات، شملت القتل، والاغتصاب، والتعذيب، والاختفاء القسري، إلى جانب محاكمات جائرة ضد النساء والفتيات.
وأوضحت صيحة في بيان صحفي، أن الدر حمدون حامد حماد، شابةٌ تبلغ من العمر 24 عامًا، تم اعتقالها في 13 مايو 2024 عند نقطة تفتيش الدامر أثناء قدومها من الخرطوم. بعد التحري معها تم تحويلها إلى محكمة جنايات عطبرة، حيث وُجهت إليها تهم بموجب المواد 50 و51 و26 من القانون الجنائي السوداني لعام 1991 (تعديل 2020)، بتهمة التعاون والتخابر مع قوات الدعم السريع.
وفي أغسطس 2024، صدر بحقها حكم بالإعدام شنقًا حتى الموت. وأضافت انه عند استئناف الحكم، ألغت محكمة الاستئناف المادتين 50 و51، لغياب الحيثيات القانونية الكافية التي تستدعي حكم الاعدام، وأصدرت توجيهات لمحكمة الموضوع بمحاكمتها فقط تحت المادة 26 إذا وُجدت بيّنة. إلا أن قاضي الموضوع تجاهل توجيه المحكمة الأعلى، وقام بمحاكمتها مرة أخرى بذات مواد الاتهام (50 / 51) بتاريخ 22 ديسمبر 2024، وحكم عليها بالإعدام شنقًا.
وأشارت الى انه تم استئناف الحكم مجددًا من قبل هيئة الدفاع، وأصدرت محكمة الاستئناف في 6 مارس 2025 قرارها النهائي بإلغاء المادتين 50 و51، وإعادة محاكمتها فقط بموجب المادة 26. على إثر ذلك، نُقلت الدر حمدون إلى سجن بورتسودان، مع تحميل أسرتها تكاليف إعادتها إلى سجن عطبرة لإجراء المحاكمة من جديد. كما تم استبدال القاضي المسؤول، ما تسبب في تأجيل المحاكمة لعدة أشهر، ولفتت الى انه اليوم، وبعد مرور عام وشهرين على اعتقالها، أصدر القاضي قرارًا ببراءة الدر حمدون من جميع التهم المنسوبة إليها، مع التأكيد على وجوب إطلاق سراحها فور استكمال الإجراءات القانونية من قبل محاميها.
وأكدت صيحة انه بينما تحاول النساء والفتيات الفرار من مناطق سيطرة الدعم السريع، هربًا من الانتهاكات، نحو مناطق سيطرة الجيش السوداني، يواجهن هناك اعتقالًا وتجريمًا يصل في بعض الأحيان إلى حدّ إصدار أحكام بالإعدام. خلال العام الماضي فقط، صدرت أكثر من عشرة أحكام بالإعدام بحق نساء سودانيات.
وشددت المظمة على ضرورة إصلاح المنظومة العدلية ومؤسسات إنفاذ القانون في السودان على المستوى المحلي، دون ربط هذا الإصلاح بأي ترتيبات أو مسارات سياسية. “فإنفاذ العدالة هو الآلية الأساسية لحماية المدنيين، والتصدي لإشكالات العسكرة وغياب حكم القانون”. مؤكدة ان إصدار أحكام الإعدام التعسفية دون وجود قرائن أو بيّنات كافية يعكس بوضوح عدم استقلالية القضاء وتسييس المنظومة العدلية في السودان، وهو ما كلّف الدر حمدون عامًا وشهرين من عمرها، وألحق بها وبأسرتها معاناة نفسية جسيمة، كما هو حال مئات النساء الأخريات اللواتي يواجهن ذات المصير. وذكرت شبكة صيحة بأن النساء السودانيات ما يزلن عرضة للتجريم والترهيب من قبل السلطات الأمنية وسلطات إنفاذ القانون، كما هو الحال لعقود من الزمن، مما رسّخ لارتكاب جرائم العنف الممنهج ضد النساء، والتي أصبحت سمةً ملازمة للحرب الدائرة في السودان. داعية المؤسسة العدلية إلى التعلم من دروس الماضي، والالتزام بتطبيق القانون رغم تعقيدات الحرب والعنف، حمايةً للبلاد، وصونًا للنسيج الاجتماعي، واحترامًا لحقوق وكرامة النساء السودانيات، وتعزيزًا للثقة في العدالة وسيادة القانون.
مداميك